رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

انها المرأة .. الخبـز والورود معا

توماس جورجيسيان
وحده يبحث عنها ومعها يجد نفسه:«حين تذوق الفراشة طعم التحليق بحرية، حين تعرف نشوة تحريك أجنحتها في الفضاء لا يعود بوسع أحد إعادتها إلى شرنقتها ولا إقناعها بأن حالها كدودة أفضل»هكذا جاءت كلمات غادة السمان لتصف خيار المرأة وحلمها وأيضا حال المرأة وطريقها ونضالها.

في حين نجد الكاتبة الأمريكية أليس ووكر في لحظة ما تكتب: «إنني حاولت أن أعلم القلب وأدربه كيف لا يريد الأشياء التي لا يستطيع الحصول عليها»وكل عام ومع مجئ «يوم المرأة العالمي» يتجدد العهد والاحتفاء بقيمة المرأة ودورها وبصماتها المميزة وحقوقها التي لم تكتمل بعد. كما يتكرر الحديث عن ضرورة تعليمها وأهمية تمكينها وحتمية مشاركتها في اتخاذ قرارات المجتمع وتشكيل ملامحه ومستقبله. وباعادة قراءة السطور السابقة وتأمل معانيها .. ثم النظر حولنا ولواقع حالنا ألا نجد أن أمامنا جميعا (وليس أمام المرأة وحدها) طريق طويل وشاق لكي نصل الى ما نريد أن نحققه ونعيشه في الغد. الاستماع الى ما يقال عن المرأة همسا كان أم صراخا أو الاطلاع على ما يكتب عنها بصريح العبارة والجهالة معا بالتأكيد يدق «نواقيس الخطر» للتخلف الذي نعيشه ـ ومع الأسف أحيانا نبرره وأحيانا «نتباهى به» بمسميات مختلفة. وهكذا يتم وأد حقوق النساء وآرائهن وأصواتهن.

 

البداية كانت «الخبز والورود». وكانت مطلبا إنسانيًا وأساسيا جاء في قصيدة نشرت عام ١٩١١ في نيويورك . كاتبها رجل اسمه جيمس اوبنهايم. والقصيدة بمعانيها ومطلبها «الخبز والورود» «كغذاء للبطون والقلوب معا» تحولت لشعار في إضراب عمالي نظم في عام ١٩١٢ شاركت فيه عاملات كثيرات. والاحتجاج كان في مدينة لورنس بولاية ماساسوستش. والقصيدة والشعار والمطالبة النسائية بحقوقها وأيضا بالخبز والورود «بكل معانيها» تحولت الى حركة مستمرة ويوم عالمي للمرأة لتأكيد حقوقها ومطالبها. وفي صفحات ارثنا الثقافي نجد «كيف أريد الرجل أن يكون» وتحت هذا العنوان كتبت مي زيادة : «الرجل الذي يكون فعله حلا للمشاكل لا عقدة فيها، نورا في الظلام لا ظلاما في النور، تعزية في الألم لا ألما في التعزية، نشاطًا في اليأس لا يأسًا في النشاط، الرجل الشهم الكريم الجميل جمال الرجولة المهيب، الرجل المرئ الحصيف، وفي نفسه ذلك الحنان الواسع الذي ليس من خصائص الضعفاء كما يزعمون، بل هو من أنفس مواهب الأقوياء. الرجل الذي يمر في زمانه وقومه فينتفع بجميع الممكنات المقدمة له، ولكنه يترك علي ذلك الزمان وذلك القوم طابعه المبين!» هذه الكلمات لمي زيادة (١٨٨٦ ـ ١٩٥٤) نقرأها في مجلة «المقتطف» فبراير عام ١٩٢٦. وهنا أتساءل هل مرور السنوات غير من نظرة المرأة وكيف تريد أن يكون الرجل؟. مي زيادة كانت تلك المبدعة الظاهرة التي سطعت في سماء الثقافة العربية لسنوات محدودة ( تحديدا في العشرينيات من القرن الماضي) ثم طاردتها الأقاويل والحكايات وأحكام المجتمع وظلمه أيضا.ولعل تجاهلها أو نسيانها عمدا مثلما حدث مع آخريات هو مطاردة لها ولمواقفها .. ولو بعد عشرات السنوات. والحديث عن المرأة بشكل عام أو حتي حديث المرأة عن نفسها كان ومازال منطقة ملغمة وشائكة وغالبا فيها مخاطرة.. لا يحب أن يغامر فيها ويقامر بها كل شخص.»يصدمني في الحركات النسائية نزوعها للانتقام» قالتها الكاتبة البريطانية وامراة المواقف «دوريس ليسنج». الحاصلة علي نوبل للآداب عام ٢٠٠٧ والتي عاصرت وعايشت أغلب هذه الحركات ترى أن المرأة نعم يجب أن تطالب وتناضل وتكافح من أجل حقوقها ولكن ليس من حقها أن يكون كل ذلك فقط للانتقام من الرجل أو للتصادم مع من يختلفون معها أو ربما للاستهزاء من نساء أخريات اخترن طريقا آخر. وألتقى منذ أيام بما كتبته غادة السمان في عام ٢٠١٥ وهي تستقبل ٨ مارس: «ان المرأة العربية وعت منذ البداية بنضج استثنائي أن حليفها الوحيد الممكن هو الرجل الواعي ولذا لم تستفزه (إلا نادراً وبأصوات متطرفة) بل طلبت مساعدته ومحالفته ليقاوما معاً أي ظلم يقع عليهما كمواطنين.. وحرب الدجاجة والديك في مجتمعاتنا ترف لغوي.. والمرأة العربية تعلن بسلوكها: نريد التكامل مع الرجل لا التماثل. نريد ان تحقق المرأة العربية ذاتها كإنسانة وتؤدي واجبها كمواطنة ولكن داخل وطن لا يسلب الطرفين الحرية والكرامة وفرص العمل» وبالتأكيد أرى من واجبي أن أتساءل هل تقبل المرأة العربية هذا التوصيف أو توافقها المرأة المصرية على هذا الرأى؟!

 

يوم المرأة العالمي بلا شك فرصة للتفكير والتذكير والتنبيه والتحرك لكى نعرف حقوقها وما لها وأيضا واجباتنا وما علينا تجاه المرأة وتجاه الخبز والورود أيضا.. مكونات الحياة وتفاعلاتها. فدنيانا ـ دنياك هى المرأة الواقفة معك وبجانبك وخلفك وأمامك.. بعيدة عنك أو «كتفها في كتفك» و»إيدها في إيدك» و»قلبها معاك وعليك» ومهما كان الطريق طويلا فأهلا بالمسيرة والمسار والمشوار و»رفيقة الدرب» و»شريكة الحياة». أهلا بكل من يخبز العيش وبكل من يزرع الورود. ودنيانا الحلوة والجميلة والطعمة واللذيذة والمهضومة .. «مالهاش حل» وهي المرأة والخبز والورود معا.. وحكاياتهن معك. وطبعا حكاياتك أنت معهن!!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق