وهذا الكتاب هو الثالث من سلسلة خصصها المؤلف عن موضوع الأزمة البيئية، ففى الكتاب الأول «كيف يدمر الأثرياء الكوكب» يبين بالأرقام فداحة الأزمة التى نعيشها، ومدى خطورتها على سكان الكوكب. وفى كتابه الثانى »الخروج من الرأسمالية من أجل إنقاذ الكوكب«.. يوضح كيف أن السياسة الاقتصادية ـ المستلهمة من الليبرالية الجديدة والتى تفرضها الهيئات المالية العالمية على سائر البلاد ـ هى سبب الكارثة ، ولا مجال لعبورنا الأزمة إذا ما ظللنا أسرى لهذا النظام الاقتصادي.. أما الكتاب الذى بين أيدينا الآن فيبحث فيه عن سبيل للخروج من الأزمة ، معولا بشكل كبير على الديمقراطية الحقيقية.
ومن هنا يأتى التساؤل حول »الديمقراطية« والتى بحسب المؤلف ـ هى الخلاص.. فبالرغم من أنها هى النظام السياسى الذى فرضته الحداثة، وجعلته مطمحا للشعوب على اختلاف ثقافاتها الا انها تعيش اليوم ظرفا تاريخيا مسكونا بالتناقض، فالناس تتمسك بها، وتسعى لتحقيقها، وفى نفس الوقت تزداد الشكوك حول فعاليتها وملائمتها لإيجاد حلول للمشكلات المهمة والعميقة للبشرية. وهى أيضا تتعرض فى الوقت الراهن لهجوم من طرفين متعارضين، الطرف الاول هو رجال الاعمال وأصحاب المال، الذين يريدون تعميم آلية السوق الحرة على جميع مظاهر الحياة الاجتماعية، وإطلاق السعى للربح وتراكم الثروات، أما الطرف الثانى فهو أنصار البيئة، الذين يرون أن الوعى البيئى يستلزم فرض قوانين ملزمة للناس، حتى وإن كانت ضد رغبتهم.
ويذكر الدكتور أنور مغيث ، فى مقدمة الكتاب، مثالا يوضح به ملامح الصورة التى تميز النضال من أجل الحفاظ على البيئة، ألا وهو الجدل الصاخب الذى أثير حول إمكانية استخدام الفحم لتوفير الطاقة فى مصر، وبتحليل هذا النقاش تظهر ملامح الصورة التى تميز النضال من أجل الحفاظ على البيئة.. يقول: حملة علاقات يقوم بها خبراء، تفتح لهم القنوات التليفزيونية، لإقناع الشعب المصرى بالخير العميم الذى ينتظره نتيجة لاستخدام الفحم، والتهوين من شأن التحفظات الخاصة بتأثيره السلبى على الصحة العامة ورفع معدل التلوث.. وفى المقابل نجد من يكشف كواليس الموضوع، لنعرف أن وراء هذه الدعوة جماعة ضغط تعمل لصالح المليارديرات أصحاب مصانع الأسمنت، والذين سيوفر لهم الفحم نفقات فى الطاقة تزيد من هامش أرباحهم، ومن ثم فإنهم لا يبالون بالنفقات التى سيتحملها المجتمع لتغطية علاج الزيادة فى نسبة عدد مرضى الصدر. والغريب ان المليارات الهائلة، التى ستنفق فى استيراد الفحم، وإعداد المصانع لاستخدامه، لو انفقت من أجل تطوير بدائل الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، أو طاقة الرياح، لكن ذلك أفضل لنا وللأجيال المقبلة.. ورغم ذلك يصر أصحاب الفحم على مشروعهم لأن المال بالنسبة لهم هو المنظور الوحيدة لرؤية الأشياء.
الكتاب : كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية
المؤلف : هيرفى كيمف
الناشر: المركز القومى للترجمة