اختصر بعض مناطق الإسهاب والمونولوجات الطويلة دون أن يفسد روح وطبيعة ومذاق مسرح الحكيم . بل أضاف اليه سرعة فى الإيقاع ورؤية بصرية تتوازى مع ذكاء وسحر لغة توفيق الحكيم. وقد وفقت المخرجة الشابة روان الغابة فى عمل الإعداد واختيار الممثلين والديكورات والأزياء وسائر العناصر الفنية. بل وفقت أيضا فى اختيار أغنية «يا مسافر وحدك» لمحمد عبدالوهاب لتعرض قبل رفع الستار فتهيىء الجمهور لزمن الأحداث. أين توجد المشكلة إذن؟ المشكلة هى إدارة مسرح ميامى الذى تقدم عليه المسرحية فقد ارتكبت كمية من الأخطاء الساذجة تؤهلها لدخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية فى قدرتها على الفشل.. فى البداية لاحظت أن الستارة تغلق بعد كل لوحة ويستغرق تغيير الديكور وقتا طويلا يمتد إلى دقائق عديدة. كما لاحظت وجود ضوضاء عالية تصدر من آخر الصالة فى أثناء عرض المسرحية!! وبعد انتهاء المسرحية فوجئت بالممثلين يرفعون أمام الجمهور لافتات اعتراض على عدم وجود دعاية، كانت لافتة تقول «عايزين دعاية فى التليفزيون» ولافتة أخرى تقول «موش حانلم من بعضنا فلوس علشان نحقق الحد الأدنى ونعرض على حساب اهدار المال العام». كان الواضح أن الفنانين فى حالة غضب شديد من اهمال ادارة المسرح لهم. ثم أعلن فى الصالة عن وجود ندوة بعد عرض المسرحية.. ولكن الإدارة قررت اطفاء النور على الندوة فى أثناء انعقادها دون اعلان وتحذير وعندما واجهت المخرجة بعيب التأخر الشديد فى تغيير الديكورات أبلغتنى بأن عمال المسرح يمتنعون عن تغيير الديكور ويضطر مهندس الديكور إلى اجراء التغييرات على خشبة المسرح وحده دون مساعدة من أحد ـ وكانت المفاجأة الكبرى بعد ذلك ـ عندما اكتشفت أن سبب الضوضاء الشديدة فى الصالة هو محاولة موظف صغير من المسرح التطوع بطرد الزميل المصور المبدع السيد عبدالقادر ومنعه من عمله بحجة أنه مصور تليفزيونى فى قناة فضائية ـ ولما أكد له زميلى المصور أنه يعمل فى الأهرام طالبه بالتوقيع على إقرار وتعهد بعدم إذاعة فيلم الفيديو فى الأهرام!!
ولم يكتف الموظف بذلك بل أصر على احضار رجل أمن من أمام بوابة المسرح لطرد مصور الأهرام لأنه لا يطيع أوامره وفى مكتب محمد شافعى مدير المسرح حاول الرجل تهدئة الموقف وتصويره على أنه مجرد خطأ بسيط ليس فيه ضرر على اعتبار أن علقة تفوت ولا حد يموت!! والحقيقة أن ذلك الموقف الأخير قد أدهشنى بشدة لأن الزميل المصور معروف بدماثة خلقه وخجله الشديد حتى إنه يجلس دائما فى الصف الأخير لكى لا يتسبب صوت «تكة» الكاميرا فى ازعاج الممثلين كما أنه لا يستخدم الفلاش مطلقا حتى لا يؤذى أعين الفنانين فى أثناء التمثيل كما هى الأصول فى التصوير الاحترافى وتعجبت أن مدير المسرح لا يحاول حتى التظاهر بمعاتبة الموظف المخطىء ويرى الإساءة إلى شخص مصور صحفى فى الأهرام مسألة بسيطة إلى هذا الحد!
انصرفنا وليس معنا ورقة بأسماء الفنانين ببساطة لأن مسرح ميامى لم يجد ضرورة لطباعة هذا الدليل كباقى المسارح ـ ولكن فى النهاية أخطاء الإدارة المسرحية لا تمنعنا من الاشادة بمجهود الشباب الموهوب المثقف الذى اختار عملا لأستاذ المسرح توفيق الحكيم يتناول فكرة الزمن ويفترض أن رجلا مسنا قد تناول عقارا طبيا يعيد اليه الشباب. ونجح بالفعل فى العودة إلى شبابه ولكنه حرم فى الوقت ذاته من الاستمتاع بما جناه طوال العمر من نجاح وأسرة مستقرة وأصبح غريبا بين جيل جديد لا يعرفه. قدم عمرو عثمان شخصية صديق باشا رفقى الذى جرب على نفسه عقار الشباب وقدم أحمد خالد دور الباشا بعد أن صار شابا ـ بينما أدت هايدى عبدالخالق دور زوجة الباشا ومايا سعد دور ابنته نبيلة. ولعب محمد حاتم دور الطبيب المخترع لعقار الشباب الدكتور طلعت بينما تألقت هاجر عفيفى فى دور لطفية زوجة طلعت، وشارك ايهاب المصرى بأداء دور مدحت خطيب نبيلة والممثل السودانى عادل مطر الذى جسد شخصية عم عبده السفرجى وصمم الديكور محمود صبرى والاستعراضات لباهر أمجد، بينما قامت المخرجة روان الغابة بتصميم الأزياء ونجحت فى أول تجاربها رغم ما تواجهه من صعوبات إدارية.