رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

المتاجرة والمغالاة فى أسعار المقابر أكل للسحت
الشراء بالتقسيط جائز.. وسداد الأقساط من تركة المتوفى

تحقيق ــ حسـنى كمال :
صدق ويجب أن تصدق أن الموت أصبح تجارة رابحة لدى البعض لا تتوقف فقط عند المتاجرة فى المدافن والمغالاة فى أسعارها واستغلال من يبحثون عن مكان يوارى فيه الجسد الذى كرمه الله تبارك وتعالى عندما يفارق حياتنا الدنيا.

 واستغلال واضح لمقابر الصدقة والتى لم يعد الدفن فيها مجانا بسبب سيطرة القائمين عليها بعد أن غابت عنها أعين الرقابة. وتسول يصل إلى حد الابتزاز فى المساجد والمقابر عند صلاة الجنازة وحال دفن الميت، دون مراعاة لمشاعر تلك الأسر المكلومة بفقد ذويها.

تساؤلات عديدة وردت من القراء حول مشروعية شراء المقابر بالتقسيط والمتاجرة والمغالاة فى أسعارها، وحكم التسول عند دفن الموتي؟

أهمية القبر فى الإسلام

ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، إن من حق كل مواطن أن يحصل على مكان يسكن فيه ومكان يدفن فيه، وقطعة من الأرض يستصلحها ويسترزق منها، والذين يشترون القبور ليتاجروا فيها ويأخذونها بسعرها الرسمى من الدولة بالتلاعب والتحايل على القوانين لتكون أبوابا للرزق، هؤلاء قوم مجرمون ويجب على الدولة أن تتصدى لهم، بل يجب أن تعود بأثر رجعى على كل من تحايل وأخذ قطعا من الأرض وتاجر فيها أن ترد هذه الأموال للدولة لصالح الفقراء الذين لا يجدون قبرا يدفنون فيه، ولو أن الدولة فعلت ذلك لتنبه كل مجرم من المجرمين إلى عظم جرمه، وكان هذا الأمر كافيا لعدم قيام غيره بهذه الأفعال المشينة، أما من اشترى قبرا أو قبرين لأسرته دون تلاعب أو استيلاء على أراضى الدولة ثم تبين له بعد ذلك أنه ليس فى حاجة إلى القطعتين فلا بأس أن يبيع إحداهما ولا حرج فى ذلك.

متاجرة مرفوضة

وأضاف، إنه من المعلوم حرمة أن يشترى الإنسان الأراضى ثم يحتفظ بها إلى وقت الغلو ثم يبيعها وهو ما يعرف عند المصريين بـ«تسقيع الأراضي« فهذا أمر معلوم الحرمة، وينسحب ذلك الحكم على المتاجرة فى القبور ، لأنه يحرم غيره من فقراء المصريين حتى من قبر يدفن فيه، والمفترض أن تقوم الدولة بواجبها نحو هؤلاء المجرمين، فإذا كان هؤلاء يريدون أن يتاجروا فعليهم بالتجارة الحلال التى شرعها الله عز وجل وليس بتضييق الأمور على الناس، لدرجة أن الفقير لا يجد قبرا يدفن فيه، وهذه كارثة تحتاج إلى تصدى الدولة. وطالب بقانون يجرم هذه الأفعال ويصادر الأموال التى اكتسبت عن طريق هذه التجارة الحرام.

شراء القبور بالتقسيط

وأوضح ان لجوء البعض إلى شراء قبورهم بالتقسيط، ولا حرج فى هذا البيع والشراء، لأن البيع بالتقسيط كما هو حلال فى الأراضى التى تزرع وفى المنازل ونحو ذلك، كذلك هو حلال فى شراء القبور بالتقسيط، فمن دفن فى قبره وعليه دين لذلك القبر فإن هذا الدين يجب على ورثته أن يدفعوه من ماله الخاص، قبل تقسيم التركة، لأنه من المعلوم أن تركات المتوفى لا تقسم على الورثة إلا بعد أداء الوصية والدين، وإن لم يكن له مال خاص فإن على الدولة أن تسدد هذه الديون الخاصة بالقبور، لأن الفقير ما لجأ إلى شراء مكان يدفن فيه إلا بسببين: أولا: جشع المجرمين الذين يتاجرون فى أراضى القبور، ثانيا: تقصير الحكومة فى معاقبة هؤلاء المجرمين.

حكم الدفن فى مقابر الصدقة

من جانبه يقول الدكتور رمضان عبدالعزيز عطا الله، رئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أنه إذا لم يكن للفقير قبر يدفن فيه، فليس هناك مانع شرعى أن يدفن فى مقابر الصدقة، أو يدفن عند قريب له، أو عند رجل من عائلته، ولا حرج فى ذلك، بل للذى فعل هذا أجر عظيم عند الله عز وجل، لأنه ساعد فى ستر جسد رجل فقير بعد موته، ومعلوم أن من ستر مسلما ستره الله تعالى فى الدنيا والآخرة، وهذا المعنى ورد فى حديث رواه مسلم فى صحيحه، ونصه (ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة) ولا يلزم أن يخرج هذا المتوفى من قبره لكى يدفن فى قبر آخر، لأنه ليس هناك ضرورة لذلك، وكما ندعو الناس إلى المحبة وسعة الصدر وهم أحياء، كذلك ندعو أحياهم إلى أن يكون عندهم سعة فى صدورهم نحو ما يتعلق بموتاهم، ونطالب المسئولين عن مقابر الصدقة بالاهتمام بهذه القبور، وأن أى أموال يساومون فيها أهل الميت فهى حرام شرعا وإنما يأكلون فى بطونهم نارا.

أما عن حكم دفن الرجل مع المرأة، فيقول الدكتور رمضان عبد العزيز، إن الأصل فى القبور أن يدفن الرجال فى قبر والنساء فى قبر، ولكن إذا ضاقت الأمور، فلا حرج أن يدفن الرجال مع النساء وأن يجعل بين الرجل وبين المرأة حائل من تراب أو نحوه.

أموال تؤخذ على القبور

ونبه إلى حرمة ما يفعله بعض الناس من التسول فى حالة دفن الميت، وهذا وذاك يريد أن يأخذ مالا من أسرة المتوفي، مع أن الأسرة تكون مكلومة بموت قريبهم، ولاسيما إن كان شابا، فنحن نقول لهؤلاء الناس إن ما تأكلونه من أموال فى هذا المقام زيادة على أنه حرام لحرمة التسول، فإن الأمر هنا أشد خطرا لأنكم تؤذون أسرة مكلومة، وعلى كل واحد من الناس أن يراعى شعور هذه الأسرة التى مات عزيز لديها، وكل هذه الأموال التى تؤخذ بغير طريق شرعى تدخل تحت باب السحت والحرام، وعلى كل مسلم أن يتحرى طيب مطعمه وطيب مشربه، فكل شعرة نبتت من سحت فالنار أولى بها، بل إن بعض فقهاء المالكية أفتى بحرمة أخذ المال بسيف الحياء، ولكن يجب علينا أن نفرق بين هذا المال الذى أخذ بطريق الحرام وبين ثواب المعطي، فالأخير على أى حال له ثوابه عند الله عز وجل، وإذا وهب ذلك الثواب إلى المتوفى فإنه يصل إليه باتفاق العلماء.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق