فإن الفقهاء الدستوريين اختلفوا حول جواز ترشيح مزدوجى الجنسية فمن يؤيد يؤكد أن ذلك حق دستورى يضمن المساواة بين أبناء الوطن فى حق تمثيلهم فى البرلمان .
أما المعترضون فيؤكدون أن تعدد الجنسية يعنى تعدد الولاء بل ويصل التحذير إلى أن النائب مزدوج الجنسية ـ إذا حكمت المحكمة لصالحه ـ سيكون من حقه عضوية لجان حساسة مثل الأمن القومي، وبالتالى سيطلع على أسرار الدولة العليا وفى هذا خطورة شديدة.يقول الحقوقى حافظ أبوسعدة رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الدعوى المرفوعة تتحدث عن ضرورة إتاحة الفرصة لمزدوجى الجنسية للترشح لمجلس الشعب طبقا للدستور الذى نص على حق المصريين فى الخارج الذين مضى على وجودهم هناك 10 سنوات مثل كندا وأمريكا، إذن الدعوى تطالب المشرع بالسماح لهؤلاء بالترشح للبرلمان، وفى حالة قبول الطعن لصالح مزدوجى الجنسية سيكون الحكم مناقضا لحكم سابق للمحكمة الادارية العليا التى قضت بعدم ترشح مزدوجى الجنسية واشترطت أن يكون المرشح وقتها مفرد الجنسية، وأضاف أن قبول الطعن معناه عدم دستورية قانون الانتخابات 202 لسنة 2014 فيما يخص القوائم، والبديل الثانى هو أن ترفض الطعن لانعدام الصفة أو المصلحة، ففى حالة قبول الطعن فانه يفتح الباب أمام القوائم مرة أخرى بتعديل القانون فى الجزء الخاص بالقوائم، وحكم الأحد الماضى سيعدل القانون فيما يخص الفردي، وهذا معناه العودة إلى النقطة «صفر» وتأخر الانتخابات ضعف المدة التى قررها الرئيس الأحد الماضي، ونبه إلى أن مسألة ملاحقة انتخابات مجلس النواب بالطعون لها وجهات نظر فمن يرى الهدف منها إعطاء فترة أطول لوضع القانون واخضاعه لحوار مجتمعي، ورأى آخر يرى أن الهدف تعطيل الانتخابات البرلمانية، وفى الحقيقة العالم لا يعترف إلا بدول لديها برلمان يراقب أداء الحكومة خصوصا أن لدينا اتفاقات مع دول وشركات بحاجة إلى اقرارها من البرلمان، وغياب المجلس التشريعى يعطى صورة مهزوزة للدولة، وهذا ما تسعى إليه الأطراف التى لا تريد الخير لمصر
الطعون لا تزعج
يقول الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد إن الطعون لا تزعج ويفصل فيها الآن وهذا أفضل كثيرا من الطعن بعد إتمام الانتخابات وقتها سنكون قد خسرنا الكثير من الوقت والمال ولو حدث كانت بمثابة قنبلة دستورية تقضى ببطلان المجلس أما وقد قدمت الطعون قبل اجراء الانتخابات فالفصل فيها الآن أفضل. ومن بين الطعون المقدمة مشكلة حرمان مزدوجى الجنسية من الترشح، والدستور الجديد أولى عناية لأول مرة بكل فئات المجتمع مثل المرأة والشباب والأقباط وذوى الاعاقة والمصريين بالخارج ولم تتطلب إلا أن يحمل جنسية مصرية ومقيم بالخارج، وفى الحقيقة أن هذا الدستور أتى بمفردات ومباديء ومصطلحات جديدة رغم التاريخ البرلمانى الطويل، مصر منذ عام 1882 ومن بين ما أتى به هذا الدستور المصريون فى الخارج وهو يتناقض مع نص قانون مجلس النواب الحالى بالجنسية المنفردة ويخالف النص الدستورى الخاص برعاية المصريين بالخارج ومعظمهم معه جنسية أجنبية ولذلك خصص لهم بعض المقاعد.
إذن يبقى الحرمان من الترشح أمرا يؤدى إلى شبه عدم دستورية إلى أن تقضى المحكمة بحكمها. وهناك أحكام سابقة للمحكمة الإدارية العليا اجتهدت فى النصوص القائمة قبل وضع الدستور الجديد، فهى يطبق القانون وليس الدستور وتحاكم القرارات الصادرة بالمخالفة للتشريع وبالتالى الأحكام التى صدرت من المحكمة الإدارية العليا كانت فى ظل تشريعات صدرت وفقا لدستور لم يكن يولى أى عناية للمصريين بالخارج. وليس عيبا أن نرى زخما من الطعون وزخما من الأحكام لكن المهم فى النهاية أن نصل لتطبيق صحيح نصوص الدستور ولأحكام القانون التى لم تتفق مع القانون وأن نصل لمجلس نواب يتبرأ من أى عوار أو شبهة عدم الدستورية ومحصن من البطلان.
هل يمكن أن نجد طعونا بعد اجراء الانتخابات؟ لا تكون الحصانة بنسبة مائة فى المائة إذ قد ترد بعض الطعون التى قد تعرض المجلس للبطلان ولذلك علينا أن نسد الثغرات الظاهرة والخفية قدر الإمكان ونقلل الفرص أمام الطعن.
وأضاف أن القانون والدستور من العلوم الانسانية وليس كعلم الحساب الذى لا يحتمل الخلاف فى الرأى فهو قابل للجدل والخلاف فى أى وقت لأن الذى يطبق فى الآخر هو بشر ويفهم النص بشكل معين، ولكن علينا أن نضيق الخلاف ما أمكن حتى لا تحدث مفاجآت أو خلل دستورى خاصة أننا فى فترة نحتاج لاستقرار وسكينة حتى نعبر هذه المرحلة خاصة وأن مجلس النواب أمام مسئولية مهمة ووجوده اليوم مهم قبل الغد لتيسير أمور البلاد ومراقبة الحكومة، ومشاركتها الخطط المستقبلية وبعد ذلك يمكن تعديل الدستور خاصة أنه وضع فى ظروف صعبة ونصوصه مطولة ترهق المشرع.
الولاء أولا:
ويقول المستشار أشرف ندا رئيس محكمة استئناف القاهرة: الدستور الجديد واضح وصريح، وقال إن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء لابد ان يكونوا مصريين وليس عندهم جنسيات أخري، أى غير مزدوجى الجنسين فلابد ان يكون الولاء للوطن (مصر) فإن أعضاء البرلمان السابقين مثل رامى لكح وغيرهم من مزدوجى الجنسية قامت الدنيا وخرجوا من البرلمان وكان الدستور غير موجود، ولكن الآن أصبح لدينا دستور يمنع دخول البرلمان لمزدوجى الجنسية فلابد لمن يدخل الانتخابات ويتقدم لمجلس الشعب أن يكون مصريا ابن مصرى.
ويقول المستشار عادل الدكراوى رئيس محكمة الفيوم. ليس هناك أى اعتراض على ترشيح مزدوجى الجنسية إذا كان رجل أعمال لايضر بل يفيد الدولة لأن هناك العديد من الشخصيات المهمة وهم جديرون بالاحترام خاصة رجال الأعمال المغتربين عن البلاد فى الخارج سواء فى الدول الأوروبية أو العربية أو الأمريكية وهؤلاء يفيدون البرلمان المصري. ومامدى تأثير الجنسية الاخرى على الوطن والبرلمان المصري، فيقول عندنا احمد زويل ومجدى يعقوب وعندهما جنسيات اخرى ولكن هما مرتبطان بالوطن ارتباطا وثيقا جدا.
لامانع
ويقول الدكتور محمود السقا أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة وعضو مجلس الشعب السابق: الدستور الفرنساوى والايطالى والبلجيكى يأخذ بأن يكون عضو البرلمان مزدوج الجنسية وهذا لايمانع ويمكن أن يكون اكثر وطنية واكثر غيرة على بلده من غيره بينما يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الد ولة الاسبق. جرت الاحكام فى مجلس الدولة بألايجوز الجمع بين اكثر من جنسية ولابد ان تكون الجنسية المصرية هى الاصل، وهذا يرتبط بأحكام الدستور وتفسيرها على حسب الاحكام التى جرت من محاكم مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وكى يرتبط ذلك بالتفسير الراجح للاعلان العالمى لحقوق الانسان والاتفاقية الدولية للحقوق (السياسية) التى اعتمدتها مصر على اساس ان هذه الحقوق السياسية تشمل حق الترشيح للبرلمانات وحق الانتخابات وتولى المناصب العامة وتولى هذه المناصب مقصور على الملتزم بالولاء للدولة التى يحمل جنسيتها.