رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ليبيا بين القبيلة والغنيمة والغَلَبة..!

كارم يحيى
يحاول عالم الإجتماع التونسى د. المنصف وناس فى هذا الكتاب تقديم فهم موجز للشخصية الليبية.. وهو فهم يهدى الحيارى فى فك طلاسم الواقع الليبى المعقد،

 وما تفجر من نزاعات دموية بعد ثورة 17 فبراير 2011 التى أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.. كما تكتسب قراءة هذا الكتاب الآن أهمية خاصة، من أجل فهم كيف استغلت الجماعات الإرهابية المتطرفة هذا الواقع القبلي- بموروثاته الاجتماعية والثقافية- كى تتغلغل فى بنية المجتمع وتكتسب بيئة حاضنة مواتية .

الدكتور وناس متخصص بالأصل فى دراسة الشخصية القاعدية بمنطقة المغرب العربي، وله كتاب شهير عن تلك الشخصية فى بلاده تونس.. وثمة مفهوم مركزى فى الكتاب الذى بين أيدينا هو « البداوة الذهنية».. وهو نظام ثقافى ورمزى و قيمى شديد التأثير فى سلوكيات الأفراد، وينبنى على قيم تشمل كل مجالات المجتمع، وهى الأكثر الزاما للسلوك. ولقد شرح كيف تعايشت واستمرت هذه الذهنية مع تحولات النظامين السياسى والاقتصادى على مدى عشرات السنين.. وهذا الكتاب محدود الصفحات بالغ التركيز لا يولى كثير اهتماما بالعلاقات داخل القبيلة وبينها وبين أفرادها.. بل يوجه العناية الأهم إلى علاقات القبائل بعضها البعض وبالآخر، بما فى ذلك الدولة و الأجنبى عن المجتمع الليبي. ويضع المؤلف تحت أنظار القراء افتراضا علميا مفاده أن مفاصل الدولة قبل ثورة 17 فبراير سيطر عليها بالأصل أشخاص ذوو أصول بدوية غالبا ما تعاملو مع الإدارة بوصفها غنيمة. ويقول فى هذا الصدد :«إن الشخصية القاعدية البدوية هى غالبا ميالة إلى الارتجالية، ولاتهتم بالنظر بروية فى المقترحات، ولا بالبحث فى البدائل الممكنة، فهى تفضل المضى قدما فى اختيار واحد دون أية مراجعة ».

كما يستخلص المؤلف من دراسته أن «البدوى لا ينظر الى الظواهر والأشياء وفق معناها الأوّلى والظاهر، وإنما وفق ما يمكن ان تفضى إليه من امداد بسبل القوة، ومن موارد الوجاهة، وإمكانيات التمكن من الآخر وغلبته، أخذا فى الاعتبار أن الغلبة بنية ذهنية وثقافية أساسية وركن ركين من تركيبة الشخصية القاعدية البدوية .وهى أيضا مدخل لفهم السلوكيات العامة السائدة فى المجتمع». ولعل المؤلف فى هذا السياق يقدم عبارة هى مفتاح لفهم حالة التطرف التى تطفو على سطح الأحداث فى ليبيا الآن، حيث يقول: «الغلبة تداوى الجروح، وتسمح بالذهاب الى أقصى مدى فى الثأر وتصفية الحساب، وعلاج الجرح الرمزى أخذا فى الاعتبار ما تتميز به الشخصية القبلية من تركز حول الذات ونرجسية.. الأمر الذى يجعل الهزيمة أمرا مقيتا بالنسبة لها . ولذلك لايكاد يوجد بلسم للجروح النرجسية سوى بلسم الغلبة الثأرية، فمداواة الهزيمة تقتضى عمليا هزيمة الآخر ، خاصة إذا كان خصما قبليا».

الكتاب :الشخصية الليبية : ثالوث القبيلة والغنيمة والغلبة

المؤلف : د. المنصف وناس

الناشر: الدار المتوسطية بتونس

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق