رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

كنز المعانى

أحمد عزت سليم
يفتح الملائكة الموكلون الباب لتيسير000النور البهى يغنى على لواء الحقيقة المنشور الصافى ، والحور الرعابيب بيضاء بالطيب ، مشبوبة بالذكر وبمجاميع الحمد والثناء ،

 مطلع الشمس هنا جارية حوراء تصلى ، ومغرب الشمس هنا جارية حوراء تصلى ، والظليم لا يزال يتلون يجمر الحناء ، وينهض إلى السماء يرفرف بأجنحته الكونية ، يحمل الجاريتين على جناحيه ويغنى :


« حسناء تحمل حسناوين فى يدها صاف من الراح فى صافى القوارير».


يدخل تيسير ، والعقل فى جوهر الحقيقة يأتى ويروح 000 ، وأبو الهول واقف وعيناه مرفوعتان إلى الظليم ، يبتسم للجاريتين ، ويركع فى دثاره الأبيض ويداعب حليه الخضراء المنسابة على مدى الجسد التركوازى بخطوطه الكوفية الغنية بنمنمات أفراس النهر الطليقة والحقول الغنية بالكروم والغلال الخصيبة ، والزوارق النهرية تدخل التركواز محملة بمواكب العطايا والرحلات المقدسة ، والكباش تمرح فى تيجانها السحرية ولا تخرج من هيبتها المقدسة إلا ثيران وأبقار وغزلان تحمل الصولجانات المقدسة ، والبناءون مازالوا ينشدون التواشيح على ألواح السقف الحجرية ويتمايلون مع حفيف العشب ، الأناشيد مضفرة بالبردى والتوت ، ومالك الحزين ذو المنقار الطويل المستقيم يقفز من الآكام إلى الماء وتمتد على رأسه ريشتان من الخلف حتى طلوع الفجر الوردى وحتى يحط على شجر الصفصاف صوته المقدس فيضج النهر بالفرح والأمل ويتألق العمال فى مجد الشمس بمناكبهم العريضة وسواعدهم المفتولة بالأغانى فتنزل نسمات المطر رقيقة بهية بألوان قوس قزح فيكدحون راضين باسمين ، ويجدف الملاحون نحو الظلال الوارفة فى الأدغال المقدسة حيث ينعمون بأشجار المورنج والتين والبلح والجميز والسنط والدوم ، والقصابون يقطعون اللحم المصفى من الضأن والماعز والبقر ، ويسوق الرعاة أمامهم القطعان الوديعة مع الماعز الوحشية ، يطاردون الصيد الوفير ، يحمل أهل المدائن الإوز وهو يخفق بين أيديهم وقد رفعوه من تحت أجنحته أو يمسكون بالأرانب الهلعة من آذانها ، أو يزقون الإوز السمين ويقبضون على الكراكى ممسكين بمناقيرها كى تكف عن الصياح ، ويجمعون العسل البرى ، يتذوقه الأطفال وهم يمرحون ، مجموعات من الطيور تطير فوق أعواد البردى ، وبين جذوعها عشاش بها طيور جاثمة أو فراخ طيور منشرحة بريشها الأزرق والأحمر والأخضر، تضرب الهواء بأجنحتها ، تزغرد حتى تعلو إلى السماء فرحة كفرحة الأطفال بالعسل البرى والعنقاء بريشها الأحمر النارى ترف والشرشير يسف والبجع يرف والنعامة تسف من على الأرض وترقص عند الشروق وتدور كالخذروف ، تضرب بأجنحتها القصيرة مراراً غير عابئة بالقناصين وتفرد ذيولها الجميلة تحية للشروق الذى يطل بهياً على الحدائق وباقات الزهور ، تطفو أزهار اللوتس على سطح البركة المقدسة ومن حولها الأقحوان ، فرحة بأزهار الغلال الزرقاء ونباتات ثمار الحب وأعشاب الكرفس واللبلاب والسوسن والعطور ، ويغط فرس النهر غطيطاً بين أزهار اللوتس ، لا يعبأ بالتماسيح التى تقبع على ضفاف البركة وتكمن تحت أشجار الصفصاف ، وفى كتل البردى تمرح بعيداً القطط البرية والنمس والحرباء ، تحدث الطيور فوقها جلبة تفوق جلبة نقيق القرور فى الماء ، وتحط الفهود على نسيج مخملى مادة رقابها المستوية والبط يتأرجح فى مشيته ويغوص بمنقاره بحثاً عن الطعام فى الماء ، والسمك يتنطط فى الشباك الكبيرة المنصوبة ، والماء الصافى ينساب ويترقرق ليصير مدائن مأهولة بطين الحياة0


تخوض النهر حيوانات ، مختلفة أصواتها إلى مجراه الثرى ، وتغطى السلال بالفاكهة : المانجو والموز والخوخ والرمان والتين وتتأرجح كالأزهار فى سواعد غضة كالأعواد الرطبة :


تأحذ النساء زينتهن بالتمائم الذهبية والأشرطة الملونة والأزهار ثم يضعن فوق الشعر مخروطاً معطراً من الزيت فينصهر بالحرارة ويسيل فى تيار جميل فوق الرأس والكتفين حتى يدف الموج الرائق فىالجسد ، فيأخذن رونق الشمس وبريقها المتلألئ فى الصباح الجميل ، ويتمايلن على العشب الغض وعلى حواف النهرمع إيقاع السواقى والطنابير ، يتغلغلن فى ذوات الزروع ويتمددن فى شعاع الشمس حتى يتأجج الذهب البض من حلى صدورهن حتى عيونهن المكحولة بالتوتية الرزينة ، والأولاد بعد أن يخوضوا النهر مرات يتعلمون القراءة ويغنون فقراتها المختارة والحرة ويلهون بتعاويذهم البرونزية والذهبية ثم يتأملون خزفها المزجج بالسحر والجمال ، وتُخرج البنات الأباريق الصغيرة من دولابهن الفخارى أو دولابهن الأبنوسى المطعم بالعاج يملأنها بماء النهر ويسكبنه فى صدورهن الصغيرة حتى تشفى تمائمهن من القطط والصقور وأبى قردان الغليل ، ويفترش الجميع زورق البردى أو على المصاطب اللحم والدهن واللبن والعسل والزبد والبيض وخبز الشعير أو الشوفان أو القمح كما يحلو لهم وتفور البيرة من أوانيها :


لا جائع : فكل الخبز له والأرغفة على النار طازجة وحية ، والصيد سمك ، وبط ، وغزلان ، وأرانب ، حمراء.


لا ظمآن : فالماء له والنيل يجرى ولا ينقطع يصل إلى حد الشفاه ولا ينتهى0


لا عار : كل الثياب له والطَُرز الحريرية المنسوجة بالقصب والذهب ، المفروشة فى الأسواق الوسيعة ، حتى القطط والكلاب والصقور وأبو قردان تدهن بالزيت وتلف فى الكتان الصافى المنسوج بالذهب والفضة عند


موتها 000


الذهب النقى فى مصر تراب على الطرق :


والسحالى تطلب الدفء فوق الصخور التى ترقد عليها الثعابين وترتاح فوقها الطيورالجارحة وتقفز الأرانب مرحة كما القنفذ الحر والنمس والجربوع والضب وثعالب الطين وثعالب الصحراء فرحة بضجيجها وفرحة فى غطيطها كما الأطفال فى الأرض والماء والرمال والزرع والهواء 000


ركع أبو الهول ودمع دمعتين من الكوارتز الأبيض الشفاف وغاص فى بياض التسابيح ورتل ثم استقامت رأسه ومدها إلى الأفق وراح فى سرابيل الحروف المتلوة.


دمع تيسير ومد رأسه إلى الأفق وتذكر قول أمه بُص بَص الجمال ولا تبص بص الحمير ، وضحك وأخذته سيرة النور إلى حورس وهو ينشد الآمان بجانب أبى الهول 000 تحتضنه أمه وتغنى :


مسكين أنت يا حبيبى 000


كم بللت الثرى بدمع عينيك ونديته بلعاب شفتيك ،


أنت الآن آمن تغمض عينيك وتنام بعيداً فى هدوء أزلى وتتدثر بعباءة الحقيقة بعيداً عن يد الغدر التى اغتالت منك الروح والجسد ، سعيد مع أمك فى باب الخيل ، لا تتبعنى الريح البهيم ، أنا الآن مهرة تخرج من بئر الرعب لا جلجلة ولا صلصلة ، أخرج إلى مقر النور والبهاء ، ولا إله لى غير الله ، فمن على الأرض الآن ، غير صياح بكائك وأنت فى المهد جسد هامد ، وقلب غير خافق ، فمن على الأرض الآن غير النياشين الماكرة المعلقة فى خداع جميل من صورة وإطار ،وخطى بعمامات من شفير الموت ، وأساس البيت المحشو بالقيم الخارقة :


الوطن : مفئود ، والجيش : لا فكاك منه ،


والشرف : بالبزة العسكرية محفوف بمهمة الملك الكونية وبركاته السحرية لرعاياه المخلصين 00


وأنت : معلق فى عراك أشياخ الوقت ، والبث المباشر فى العصور التالية ، وأنماط من بشر ترتدى بذات رسمية وعسكرية تشد السروج على ملابس السائرين والعاكفين والركع السجود ، تتموج على أجفانى وتطاردنى إلى درجة البطولة الخفية كمصالح النظام ومائة وأربعة وأربعون ألفاً من ودائع الله المذبوحة المغدورة مثلك ، يخرجون من بيت لحم يتآلفون فى تماوجات اليقين الصافى :


دماء تحلق على شكل طيور وغزالات برية وأشجار برتقال وأوراق اللوز وإوزات سابحة تورق كشجر الآرز وثمار الزيتون وتطرح سنابل من المسك ، ثم تتناثر كحيوانات طائرة فى تماوجات البخور الرطب كأعشاب اللؤلؤ والمرجان ،


والمدى البعيد تنينات خارجة من رأس هيردوس الملك الجالس على عرش الرب فى المعبد الخرب ، وتصاحبها الكلاب تنهش وجهك المقبل ، وتبرق عيناها دماً وموتاً .


وأنت ياحبيبى الآن تخضب بنان يمناك بنانى فى خصر النعيم وخصر الحياة الأبدية0


بكت إيزيس دمعتين ودمعتين من الكوارتز الأبيض الشفاف وصلت ركعتين ، ونامت على حجر حورس تنعم بزهر الشوق وترجمات النور وتمد برأسها إلى الأفق كالنوق وتغوص فى سرابيل شفق النعيم0

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق