بواحد منهم ولم أتبين حقيقته إلا بعد أن أنجبت منه ثلاثة أولاد, إذ إنه لا يعرف معنى المسئولية, ولا تعنيه تربيتهم ولا تنشئتهم تنشئة صالحة, حيث انجرف وراء أشباه النساء اللاتى يبعن أنفسهن بالمال مقابل المتعة الحرام برغم أنهن متزوجات, وهى قضية مجتمع يجب تداركها قبل أن تتفاقم وتكون لها عواقب وخيمة فى المستقبل.. وهكذا أصبح زوجى اسيرا لهذه النوعية من النساء, وصار مثل القناص الماهر الذى ينتظر فريسته بفارغ الصبر حتى يقتنصها فيحس بنشوة الانتصار، أما أنا زوجته التى ذقت الأمرين معه فإنه تركنى بعد أن أخذ منى ما يريد دون أن يشغل خاطره مصيرى ولا مصير أولاده.. وعندما حدثته عما يفعله وسألته كيف سنواجه متاعب الحياة بدونه, انهال ضربا وسبا فىّ, وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة فخرج ولم يعد, رافضا أن يلقى علىّ يمين الطلاق لكى أتحرر من قيوده!.
ولم أجد مفرا من أن ألجأ الى المحكمة وأقصى ما حصلت عليه هو شهادة «هجر عش الزوجية».. وخرجت للعمل خادمة فى البيوت باليومية, وكان ما أحصل عليه يكفينا بالكاد, ولم يمر وقت طويل حتى أصيبت ابنتى بتشنجات فى المخ, واظهرت الفحوص الطبية إصابتها بمياه زائدة على المخ, ولما زادت المتاعب لم أجد بدا من أن يخرج أبنى للعمل فى أى مجال.. لكن يبدو أن المصائب لا تأتى فرادى إذ أصيب المنزل الذى نسكن فيه بتصدعات رهيبة, وأصبحنا نحس وكأن هناك زلزالا مستمرا من كثرة اهتزازه، وجاءت لجنة من المحافظة االتى نقطن بها وأصدرت فرمانا بسرعة هدم المنزل وتسويته بالأرض حرصا على حياة السكان, وعرضوا على كل أسرة شقة بديلة من شقق المحافظة بقسط شهري, فهرولت الى مبنى المحافظة لأحصل على الشقة الموعودة, فأخبرنى أحد المسئولين بأنه لابد أن يحضر زوجى الى المحافظة لكى يتسلم الشقة, فأقسمت لهم بأنه هجرنى وأن معى شهادة تفيد بذلك, لكن توسلاتى لهم لم تجد شيئا, وظللت أبحث عن زوجى ليلا, واستجدى المسئولين نهارا, وأنا أترقب ساعة الصفر التى سيتم فيها هدم المنزل، وجاءت معاول الهدم وأخرجونا جميعا بالقوة, وفى لحظة نفذوا قرار الهدم وأنا وابنائى وأثاثنا المتهالك فى الشارع أمام الحطام!.. وجاء الليل ولم تجف دموعنا ونحن حيارى لا نجد مكانا نذهب اليه ولا أحد يربت على اكتاف أولادى الذين أكل الدهر منهم وشرب, ولم أجد غير شقيقتى التى تحملتنى لأيام معدودة حتى وجدت غرفة واحدة ضيقة بإيجار شهري.
وذات صباح خرج ابنى الى العمل وما هى إلا ساعة واحدة حتى جاءنى خبر مفزع بأنه أصيب فى حادث أليم, وكسرت ساقه, ولما بلغ الأمر مداه وأنا على هذه الحال بلا سند ولا معين فقد قررت أن أقابل المحافظ شخصيا مهما كلفنى ذلك, وبالفعل ذهبت الى المحافظة وافترشت الأرض أمام مكتبه حتى أقابله وأشرح له ظروفي, وأحصل على شقتى بموجب إيصال تم تسليمه لى عند هدم المنزل.. وما أن فعلت ذلك حتى جاءنى بعض الموظفين وحاولوا طردى من المحافظة ولكنى صرخت بأعلى صوتى عسى أن يسمعنى المحافظ.. وهنا خرج أحد العاملين بمكتبه وأخبرنى بأن المحافظ غير موجود وأعطانى كارتا غريبا, مدونا فى أعلاه عبارة «إدارة تبسيط الإجراءات»!.. وقد فهمت منه أن هناك إدارة للواسطة المقنعة داخل المحافظة وأننى بدون هذا الكارت لن أتمكن من الحصول على شقتي، وعندما جاء موعد مراجعتى حسب تعليمات إدارة تبسيط الإجراءات تعاملت الموظفة معى بكل عنف برغم أننى قدمت لها شهادات هجر زوجى ومرض ابنتى والحادث الذى تعرض له أبني، فلم أصل إلى نتيجة، ولا أعرف كيف أشترى العلاج لأولادى ثم متى سيسلموننى الشقة؟.. لقد استنفدت كل السبل، ولا أدرى ماذا تخبئ لنا الأيام المقبلة؟!.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
تثيرين فى رسالتك قضية خطيرة تتعلق بسلوك البعض ممن سميتهم «أشباه الرجال» الذين يلقون مسئولياتهم على عاتق زوجاتهم, ولا يبدون أى اهتمام بأعبائهم, وينساقون وراء أهوائهم ونزواتهم, وهى قضية خطيرة ينبغى أن يتصدى لها المجتمع, ويكون هناك قانون ملزم للآباء تجاه أبنائهم وأسرهم, ويتعلق الأمر فى جانب كبير من القضية بسلوك بعض النساء اللاتى يتركن بيوتهن ويجرين وراء وهم المال من باب الرذيلة وبئس هذا الباب الذى يجلب الخراب والدمار لمن يسير فيه, والذى وصفه الحق تبارك وتعالى بقوله: «إنه كان فاحشة وساء سبيلا».
من هنا فإن التوعية الدينية والمجتمعية تلعب دورا كبيرا فى إثناء هؤلاء عن الطريق الذى يسيرون فيه, وأحسب أن الأزهر الشريف ودور الرعاية الاجتماعية والصحية لها دور كبير فى هذا الصدد قبل أن تستفحل هذه الظاهرة وتتسبب فى هلاك المجتمع!
أما بالنسبة لزوجك فعليه أن يعى خطورة سلوكه وانعكاساته عليه فى المستقبل عندما ينصرف الجميع من حوله, ويجد نفسه وحيدا بلا سند ولا معين, وعليه أيضا أن يدرك أن هذه الملذات لا تدوم, وأن ساعة الندم قد اقتربت.ونصل إلى مشكلتك ياسيدتى التى تتعلق بهدم المنزل الذى كان يؤويكم وعدم استجابة المحافظة لنداءاتك وصرخاتك المتكررة لإعطائكم شقة فى مساكن المحافظة, فأقول إن إدارة تسمى «تبسيط الإجراءات» يجب أن تكون اسما على مسمي, ولابد أنها أنشئت بالفعل لتخفيف العبء على كاهل البسطاء,, وأرجو أن تتفضلى بزيارتى لبحث المساعدة الممكنة لعلاج ابنيك, واتخاذ ما يلزم لتخفيف آلامكم, ولله الأمر كله.