وعلى الرغم من الشعار البراق الذى يرفعه المتحمسون للأغذية المحورة وراثيا، وهو: «إنتاج أكثر، وأمراض أقل» فإن الآثار السلبية لهذه المنتجات على البيئة قد تكون وخيمة، إذ إن تداول أغذية أو منتجات لها جينات غريبة ينقلها إلى البيئة من خلال الماء والتربة والهواء، وينشرها بشكل عشوائى يهدد الأنواع المنتجة بشكل طبيعي، ويغير من صفاتها .كما أن الآثار الصحية المباشرة على الإنسان من هذه المنتجات هى أيضا محل نقاشات علمية مستفيضة.وقضية السلامة الأحيائية - أى خلو الأحياء من أى عناصر مضرة تخل بالتوازن الطبيعي، وفقدان الصفات الطبيعية الوراثية - كان موضوع ورشة العمل التى نظمها مشروع «تحقيق إطار وطنى للسلامة الأحيائية فى مصر»، الذى تنفذه وزارة البيئة فى إطار التزام مصر باتفاقية قرطاجنة التى طالبت الدول الأطراف بإصدار التشريعات الملائمة، ونشر الوعى بهذه القضية. واستضافت الورشة نحو 20 صحفيا وإعلاميا لإجراء حوار بناء حول المشروع، وجدواه، وكيفية الإفادة منه، ونقل المفاهيم بشكل صحيح إلى الجمهور المستهدف، وهم المستهلكون.
وأوضح الدكتور مصطفى فودة مستشار وزير البيئة ومدير المشروع أن هناك تصورات خاطئة وكثيرة تتعلق بموضوعات ذات أهمية منها ما يتعلق بالكائنات المحورة وراثيا، وبمفهوم السلامة الأحيائية، واستخدام المبيدات، وهذه التصورات موجودة على أعلى المستويات الإعلامية والتعليمية.
أكثر إنتاجية
وأضاف أنه فى خلال السنوات العشر الماضية تطورت تكنولوجيات التعامل مع الصفات الحيوية من خلال الشركات التجارية الدولية، التى تحاول استغلال الفجوة الغذائية، وعدم القدرة على الوفاء بالغذاء والأدوية بالطرق الطبيعية للانتاج، فاعتمدت على التكنولوجيا الحيوية لإنتاج المحاصيل المحورة وراثيا لتصبح تلك المحاصيل أكثر إنتاجية، أو أكثر قدرة على مقاومة الآفات والأمراض.
واستدرك: إلا أن ذلك يجرى دون رقابة، ودون معايير أخلاقية أو علمية، مما زاد من المخاوف حول الآثار المضرة لهذه المنتجات على البيئة، وصحة الإنسان، واستدعت تلك المخاوف منا وقفة لوضع الأمور فى نصابها الصحيح، واقتراح التشريعات الملائمة لحماية البيئة، وصحة الإنسان المصري، من الآثار المضرة لهذه المنتجات.
آثار مضرة
ويقول العالم الدكتور أسامة الطيب إن الهندسة الوراثية بدأت عام 1970، وبدأت على نحو تجارى مع أوائل الثمانينيات إذ حققت وقتئذ إنجازا علميا كبيرا هو إنتاج الأنسولين البشرى بالهندسة الوراثية، وكان ينتج قبل ذلك من خلايا تؤخذ من الحيوانات، ولكن تم انتاجه بشكل موسع لعلاج الملايين من المصابين بالسكرى عن طريق الهندسة الوراثية، مبشرا بنجاحات أخرى عظيمة، إلا أن تسابق الشركات الدولية لتحقيق مكاسب دون رادع أخلاقى أظهر منتجات جديدة أو محورة وراثيا يلفها الشك فيما تحمله من آثار مضرة.
ويضيف أن مجالات التكنولوجيا الحيوية والهندسة والوراثية الرئيسية هي: الرعاية الصحية لإنتاج أدوية مخلقة وراثيا بكميات كبيرة ووسائل رخيصة، ولفهم بعض الأمراض - ومنها الإيدز - كما تستخدم فى مجال الإنتاج الزراعى لإنتاج محاصيل أو خضراوات أو ثمار معدلة وراثيا ذات إنتاج أكثر من الاعتيادى أو قدرة على التخزين لفترات أطول، وبعض التطبيقات الصناعية، وكذلك تصحيح أشكال من تدهور البيئة، وهو مجال يمكن أن يقضى على الحياة على الكوكب، أو يمكننا من الحفاظ على ما تبقى لدينا من تنوع بيولوجي.
أما الأضرار المحتملة فهى أضرار مباشرة على البيئة ومكوناتها البيولوجية، أو على صحة الإنسان، كما توجد أضرار أخرى تتصل بتخلخل التركيبة الاقتصادية والاجتماعية للدول، وهذه المخاطر الثلاثة تتصل مباشرة بالتجارة الدولية، وتداول الكائنات المهندسة وراثيا عبر حدود الدول .
ويؤكد أنه فى الوقت الراهن فإن نحو 15% من المنتجات الموجودة بالسوق المصرية تم إنتاجها بالهندسة الوراثية، وهذا مخالف للقانون، فمصر لم توقع حتى الآن على الاتفاقية الدولية لجبر الخلافات والتعويضات التى تلزم الشركات المنتجة بتعويض المستهلكين المتضررين.
بروتوكول للسلامة
ويضيف د. عادل عبد الله الخبير بالمشروع: على المستوى الدولى نصت الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجى على ضرورة وضع بروتوكول للسلامة الأحيائية، وهو ما تم فى عام 2000، وانضمت إليه مصر فى عام 2003، واتساقا مع هذا الهدف تقوم مصر بتنفيذ هذا المشروع بهدف أن يكون لديها إطار وطنى فعال وشفاف للسلامة الأحيائية لا يتعارض مع احتياجاتها التنموية، وقد تم الانتهاء من وضع هيكل متكامل للائحة التنفيذية لمشروع القانون الوطنى للسلامة الأحيائية ما زال معروضا على مجلس الوزراء لإقراره، وتمت صياغته من خلال لجنة فنية مشتركة مع وزارة الزراعة.
ومن خلال خطة عمل المشروع تم إعداد بروتوكول لتقييم المخاطر البيئية والصحية المتعلقة بالكائنات المحورة كما تم تفعيل بروتوكول التعاون بين جهاز شئون البيئة والمعامل المركزية بوزارة الصحة ومجمع المعامل البحثية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة لتوفير الأجهزة اللازمة للكشف عن عناصر محورة وراثيا، وتم تنظيم ورش عمل لتعريف خبراء حماية الطبيعة بنظم تقييم وإدارة المخاطر المتصلة بالكائنات المحورة وراثيا.