ويقف الكتاب أمام تطورات درامية مر بها لبنان بعد الحرب الإسرائيلية علي لبنان 2006، وبدء فتنة داخلية بين القوي السياسية، التي تشكلت بعد اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق. ويغوص الكاتب في دهاليز الحياة في لبنان، ودور الحريري الأب ـ ويقصد به رفيق الحريري ــكما يتحدث مقلد عن الزيارة التي قام بها للبنان في عام 1996 وخلالها التقي الحريري الأب، وشاهد مدي تأثيره وقوته في المشهد اللبناني.
الكتاب يقع في 292 صفحة من القطع الكبير، وجاء الغلاف تتوسطه خريطه لبنان، وفي المنتصف منها كرسي الرئيس اللبناني الشاغر، ويلخص عنوانه أن الفتنة، التي تنخر في الجسد اللبناني دوما، إنما تخرج من قصور الزعماء .
ويعود بالذاكرة فيقول: زيارتي الأولي للبنان كانت في ظلال الوجود العسكري السوري . الزيارة كانت لحضور مؤتمر عن موقف الدول العربية من منظمة التجارة العالمية برعاية الحريري الذي ألقي كلمة الافتتاح في المؤتمر، ودعا الوفود المشاركة إلي طاولة غداء في قصره المنيف بمنطقة قريطم وسط العاصمة.
كانت الحراسات خارج القصر تكشف عن حجم الاحتياطات الأمنية الذي يتخذها حراس الحريري في حمايته. وفي نهاية المناسبة أسرع واقفا عند باب الخروج، وصافح جميع المدعوين في قصره وبدت واضحة مكانة هذا الرجل في لبنان والشرق الأوسط، وكما كان مثيرا في حياته، ظل بعد مماته أكثرحضورا، ونتج عن عملية اغتياله في فبراير/شباط عام 2005 خروج الجيش السوري من لبنان بعد 30 عاما كاملة، وصدور قرار الأمم المتحدة رقم 1551 القاضي بإنشاء أول محكمة دولية في جريمة بالشرق الأوسط لمعرفة من هم قتلة الحريري.
ويسرد ماهر مقلد في كتابه فيقول:جاءت مهمتي الثانية إلي لبنان في يوم 20 سبتمبر/ أيلول عام 2006 وبعد توقف العدوان الإسرائيلي.
لجأت قوي الأكثرية إلي حيلة إخفاء النواب وتسفيرهم خارج لبنان وإقامة الوزراء في السراي الحكومي، ومع هذا نجحت العمليات الإرهابية في تصفية البعض، وكان مؤلما حادث اغتيال بيار الجميل وزير الصناعة نجل أمين الجميل رئيس لبنان الأسبق وهو في عمر 34، يومها بكي الجميل وقرينته وزوجة بيار بشكل بالغ التأثير. وتوالت الأحداث الدرامية في هذا العام 2007.
ومابين البداية والنهاية كانت الحرب بمعني الكلمة. ثم جاءت حرب أهلية في 7 مايو 2008 حيث اجتاحت عناصر مسلحة من حزب الله وحركة أمل والحزب القومي السوري بيروت.
وفي الكتاب مقابلات مع الزعماء اللبنانيين ورصد للزيارات المكوكية التي قام بها السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية في ذلك الوقت لحل النزاع ورفع الاعتصام وهي الجهود التي كللت بمؤتمر الدوحة وانتخاب قائد الجيش رئيسا للبنان بعد أن ظل قصر الرئيس شاغرا 182 يوما ولبنان بدون رئيس ثم ملابسات تكليف سعد الحريري برئاسة الحكومة وفشله في التأليف قبل أن يعاود الرئيس تجديد تكليفه، ثم سقوط حكومته بعد انسحاب وزراء المعارضة منها علي خلفية ملف شهود الزور مرورا بقصة تكليف نجيب ميقاتي برئاسة الحكومة في يناير 2011 ولم يتمكن من تأليفها إلا في شهر يونيو.. كما انتهت في مايو الماضي ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان ولم يحدث توافق علي رئيس جديد حتي تاريخه.
الكتاب: لبنان.. فتنة القصور
المؤلف: ماهر مقلد
الناشر: مركز الأهرام للنشر