رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إفريقيا وممرات التنمية الخضراء

محمد القزاز

إفريقيا، القارة ذات التنوع الهائل والإمكانات غير المستغلة، تقف الآن عند مفترق طرق حاسم فى سعيها لتحقيق التنمية المستدامة. وهى تتصارع مع تحديات بيئية هائلة، تتلخص فى «الأزمة الكوكبية الثلاثية» المتمثلة فى فقدان التنوع البيولوجى وتغير المناخ والتلوث. ومع ذلك، تكمن ضمن هذه التحديات فرص لا حدود لها لمشاريع تجارية تحويلية وصديقة للبيئة يمكنها دفع النمو الاقتصادى وتعزيز الإشراف البيئى الإقليمى والتقدم الاجتماعى.

فى قمة المناخ الإفريقية التى عقدت فى نيروبى الشهر الماضى تحت شعار «النمو الأخضر وتمويل المناخ لإفريقيا والعالم» تم التأكيد أن أمام إفريقيا فرصا اقتصادية جديدة كبيرة فى ضوء التحول الأخضر، حيث توفر منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية فرصا حيوية لتوسيع نطاق الأعمال التجارية الخضراء. وتهدف إلى إنشاء سوق موحدة للسلع والخدمات عبر القارة وستكون أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم من حيث عدد الدول المشاركة، مستندة إلى المحركات الاقتصادية الواعدة فى إفريقيا. والتوقعات المتفائلة تجعلها وجهة استثمارية جذابة، حيث تكمن الميزة الاستراتيجية لإفريقيا فى احتياطيات كبيرة من المعادن الحيوية مثل “البوكسيت” وهو الخام الطبيعى الذى يصنع منه معظم معدن الألومنيوم والكوبالت والمنجنيز والبلاتين، والتى تمثل نحو ٤٠ ٪ من الإنتاج العالمى. كما أن القارة الإفريقية غنية بالنحاس والجرافيت والليثيوم والموليبدينوم والنيكل والزنك، وهى المواد المستخدمة فى تصنيع السيارات الكهربائية وتكنولوجيا الخلايا الشمسية الكهروضوئية وتوربينات الرياح. وهو ما يمثل فرصًا استثنائية لتطوير التكنولوجيا الخضراء الصديقة للبيئة.

ومن ثم، أطلقت إفريقيا مبادرة الجدار الأخضر العظيم الذى يهدف إلى المساعدة فى التعامل مع التأثير المتزايد لحالة التدهور المناخى، ومنع التصحر فى واحدة من أفقر مناطق العالم. وتسعى القارة بحلول عام 2030، إلى استعادة 100 مليون هكتار من الأراضى، وعزل 250 مليون طن من الكربون، وخلق 10 ملايين فرصة عمل. فهى توفر الأمن الغذائى والمائى، وموطنًا للنباتات والحيوانات البرية، وسببًا لبقاء السكان فى منطقة تعانى من الجفاف والفقر. لقد تحول الهدف من جدار فعلى من الأشجار إلى حماية وتحسين حياة الملايين من خلال إنشاء فسيفساء من المناظر الطبيعية الخضراء والمنتجة فى 11 دولة. وتمت حتى الآن استعادة ما يقرب من 18 مليون هكتار من الأراضى المتدهورة.

واستنادا إلى تلك المبادرة تم تحديد الممرات الخضراء باعتبارها توفر مجموعة من الفوائد الاقتصادية. فمن الممكن أن يكون استخدام التكنولوجيا والبنية التحتية الموفرة للطاقة موفراً للتكاليف، وكذلك تنفيذ التخطيط اللوجيستى الأخضر من خلال تدابير مثل تحسين طرق النقل والحد من نفايات التعبئة والتغليف. وتتمثل إحدى الفوائد الجذابة بشكل خاص للممرات الخضراء للقارة فى إمكان جذب التمويل لتطوير البنية التحتية عبر الحدود، لكن على الرغم من بعض التقدم فى تطوير البنية التحتية، فإن إفريقيا لا تزال تواجه عجزاً كبيراً فى التمويل السنوى يتراوح بين 68 و108 مليارات دولار، مع إضافة الافتقار إلى البنية التحتية الكافية للنقل بما يقدر بنحو 30% إلى 40% من تكاليف السلع المتداولة فى إفريقيا. ومن المتوقع أن تستفيد مشاريع البنية التحتية للنقل عبر الحدود فى إفريقيا من هذا الاتجاه إذا تمكنت من دمج التكاليف والفوائد البيئية ومراقبتها والإبلاغ عنها بشكل فعال. وهناك عدد من المبادرات الإقليمية فى إفريقيا اتخذت خطوات نحو نموذج الممر الأخضر. أحد أقدم البرامج فى القارة هو برنامج الشحن الأخضر للممر الشمالى، حيث ينصب تركيزها الأساسى، على خفض الانبعاثات الناجمة عن النقل البرى من خلال تشجيع استخدام المركبات الموفرة للوقود، واعتماد تكنولوجيات منخفضة الانبعاثات، وتنفيذ أفضل الممارسات فى إدارة الخدمات اللوجستية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق