ثورة تكنولوجية كبرى تلاحق صناعة السينما حاليا مع إطاحة أجهزة عرض الليزر فى دور العرض بأجهزة عرض مصابيح الزينون التى تعيش نهايات عمرها، طبقا لتقرير نشرته جريدة «لوموند» الفرنسية كشفت فيه أن هذا التطور كان أحد المواضيع الرئيسة للمؤتمر الثامن والسبعين للاتحاد الوطنى للسينما الفرنسية (FNCF)، الذى اُختتم الخميس الماضي، بمدينة دوفيل (كالفادوس).
وذكرت الجريدة أنه رغم أن تكلفة الجهاز الواحد من أجهزة الليزر للعرض السينمائى قد تصل إلى ما بين 50 ألفا ومائة ألف يورو، اعتمادًا على حجم الغرفة، فإن جهاز عرض الليزر يقدم صورًا أكثر جمالًا ودقة ووضوحا وتباينا، ودون أن تتدهور بمرور الوقت.
وكذلك من أهم مميزات هذه المعدات الجديدة -وفق «لوموند»- أنها تعمل على تقليل استهلاك الطاقة فى دور السينما بشكل كبير، حيث تنخرط صناعة الفن السابع فى التحول البيئى، إلا أن هذا التطور التكنولوجى يتطلب استثمارات بقيمة 400 مليون يورو لتجهيز دور العرض السينمائية بأكملها لها.
ويدوم مصدر الضوء فى أجهزة العرض بالليزر إلى ما يقارب عشر سنوات، أما مصابيح الزينون فيجب تغييرها كل ثلاث سنوات، بجانب ميزة أخرى هى انخفاض تكلفة تشغيل الجهاز، إذ يستهلك طاقة أقل بكثير من جهاز عرض الفيديو التقليدى، كما أنه لا يسبب حرارة عالية فى أثناء تشغيله مثل المصباح الكهربائى، لذلك يتطلب القليل من تكييف الهواء أو التهوية.
ويقول إروان إسكوبيه، مدير الشئون التنظيمية والمؤسسية فى FNCF: «سنوفر 40 ألف ميجاوات ساعة سنويًا إذا تحولت جميع دور السينما فى فرنسا إلى أجهزة عرض الليزر، وهو ما يمثل الاستهلاك السنوى لمدينة يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة».
فى المقابل تمتاز مصابيح الزينون بالطاقة العالية والضوء المشابه لضوء الشمس وعدم احتياجها إلى تغيير الأقطاب بشكل يومي، فمتوسط عمر اللمبة بين 500 و2500 ساعة تشغيل، أى أن عمر اللمبة قد يصل الى ثلاث سنوات دون حاجة إلى تغييرها.
كما تُستخدم لمبات الزينون حتى الآن فى الغالبية العظمى من ماكينات العرض السينمائى سواء التقليدية أو الرقمية مع بعض التطوير البسيط عليها، لكن كثيرا ما يُعاب على هذه الإضاءة أنها تولد كميات هائلة من الحرارة فى أثناء تشغيل اللمبات مما يجعلها فى حاجة مستمرة إلى التبريد، وفى حال تعطل أو إهمال عملية التبريد يؤدى ذلك أحيانا إلى انفجار اللمبة داخل ماكينة العرض محدثة دمارا واسعا، فضلا عن استهلاكها الكبير للكهرباء.
ولا يمر الحديث عن تطور آلات العرض السينمائية دون التعرض لتقنية استخدام عارضات (بروجكتور من شركة IMAX) مخصصة للعرض بأسلوب مدروس، حيث تعرض الصورة من العارض على شاشة بقياس 21 × 16 مترا، مع نظام صوتى محيطى بما يقارب 21 نقطة وبقعة صوتية تتوزع خلف الشاشة وفى سقف وجدران وزوايا القاعة لعرض الصوت من الجهة التى يجب أن يمثلها فى الفيلم.
وفى بداية هذا التحويل عام 2016، قامت مجموعة (باتييه)، الرائدة فى فرنسا، بتركيب نحو 350 جهاز عرض ليزر على 1278 شاشة تمتلكها فى فرنسا وخارجها، كما يقول أوريليان بوسك، رئيس (باتييه سينما)، مضيفا أن هذه التقنية تستهلك أقل بنسبة 50٪ من جهاز عرض زينون، وتجعل من الممكن الاستغناء عن مستخرج الحرارة.
واختارت الشركة أجهزة عرض ليزر جديدة لجميع غرف الشاشات الكبيرة، التى يزيد عرضها على 12 مترًا حيث تُعتبر هذه التكنولوجيا مثالية للأفلام التى يتم بثها بتقنية ثلاثية الأبعاد، لكن السلسلة بأكملها يجب أن تُتبع بتحسين جودة جهاز العرض والشاشة والصوت إذ لا يزال يتعين على (باتييه) تجهيز أكثر من 900 غرفة، وهى استثمارات أساسية لصناعة السينما.
رابط دائم: