رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«عدسته» ركضت وراء كرة «فارس»

وسام أبو العطا

من أصعب التحديات التى واجهت صناعة " الحريف" وإبداعه، كانت عملية التصوير، خاصة أن الأحداث تجرى فى أغلبها بمواقع ذات طبيعة خاصة، ما بين الساحات الشعبية التى تشهد إقامة بطولات الكرة "الشراب"، أو الأحياء الشعبية العريقة مثل " القلعة" و"الوايلى"، وغيرهما من الأحياء التى تعد درراً مصرية.

قبل الخوض فى تفاصيل تحديات التصوير، يوضح شيمى أن " الحريف" يمثل بواكير الحركة المعاندة للتيار الكلاسيكى فى السينما المصرية ، التى يرى فنان الصورة الكبير أن أقطابها شادى عبدالسلام ( 1930- 1986) والمخرج سعيد مرزوق (1940- 2014) والمخرج على عبد الخالق ( 1944- 2022) والمخرج الصديق محمد خان (1942- 2016) الذى تجاوز حاجز التقليدية فى الثمانينيات بفيلمه "ضربة شمس" 1980، ثم ترسخت ملامح تجربة خان السينمائية عبر تجربة "الحريف" 1983.


ويوضح شيمى: " فى الأغلب تقوم أعمال خان على الشخصية الواحدة التى تتحرك فى مجتمع مليء بالمتناقضات والسلبيات، وتتبعه كاميرا المخرج سعيا وراء حكايته ومواجهاته داخل هذا المجتمع. فى ( الحريف)، كان الملهم لخان شخصية وحكاية لاعب الكرة الشراب ( سعيد الحافي). البطل هو (فارس)، والاسم المتكرر حضوره فى أفلام خان، له رمزية عميقة، فالبطل الضائع بين مهنة صانع الأحذية ولاعب الكرة فى الملاعب الشعبية. ورغم ضياعه ، فهو يسعى وراء مساعدة الجميع ودعم من يمكن دعمه. وفى تقديم معاناته ومحاولاته، قدمه خان بلغة سينمائية راقية تعتمد على تفاصيل دقيقة فى المشهد الواحد".

عن تلك التفاصيل الدقيقة فى تجربة خان، الذى جمعته مع شيمى صداقة طفولة امتدت إلى رحلاتهما بين دور سينما وسط البلد كصبية وشباب، وتأكدا معا من الطريق الذى يريدان أن يسلكاه معا، وهو طريق السينما ولوحاتها الحية الساحرة. ومن أقدر من الثنائى، خان وشيمى على إبداع لوحات مثل تلك التى انسابت مشاهدها فى "الحريف"

ومثل غيره، السبيل لإبداع لقطات " الحريف" كانت بدراسة وافية من جانب سعيد شيمى لسيناريو الفيلم كاملا ، حتى تتضح أمامه، روحه الحقيقية. وتبع ذلك اجتماعات تشاورية مع خان للتعرف على رؤيته التى يتمنى أن يحققها مدير التصوير بما توفر من إمكانات متاحة، وفى هذه الجملة سر خاص من أسرار الإبداع فى الفيلم.


يروى سعيد شيمى للأهرام عن " الحريف"، فيقول: " من أكثر التحديات التى واجهت مهمتى فى أثناء إعداد ( الحريف) كان مطلب خان بأن تأتى بعض اللقطات، والكاميرا فيها على مستوى قدم عادل إمام، فيما يلعب الكرة. وكان هذا المطلب وتلك الرؤية بالغة الصعوبة، فالكاميرا إذا ما وضعت على (شاريوه) تكون مرتفعة عن مستوى الأرض بمقدار لا يقل عن ١٥ سنتيمترا، مما يستحيل معه تحقيق رؤية خان".

ويكمل شيمى كيف أنه لم يتجاوز الطلب بسهولة، فقد هداه التفكير المتعمق إلى «حل جهنمي» على تعبيره. وكان الحل عبارة عن هدية ساقتها له الأقدار، عندما شاهد نجله الكبير، وكان وقتها فى التاسعة من عمره، يلهو بلعبة "الاسكيتينج "، وهى عبارة عن لوح خشبى مثبت على عجلات يتم التزلج بها. فكانت الفكرة وكانت السبيل لتحقيق رؤية خان ولقطات معبرة عن مراوغة إمام للكرة وتفاهمهما معا.


شيمى - إمام

يقول شيمى: "استخدمت هذا اللوح ذا العجلات، بحيث ربطته على صدرى ورقدت على الأرض فى وضع التزلج، ممسكا الكاميرا، بينما كان هناك مساعد يعينه على توجيه حركته، فيما يتابع حركة الثنائى شخصية ( فارس) وكرته"

لكن لا يأتى الإبداع مجانيا، فقد تسببت هذه اللقطات، وفقا لرواية شيمى فى إصابته. فاللجوء إلى تلك السبيل من أجل لقطات المراوغة بين عادل أو " فارس" والكرة، أدى إلى ارتطام رأسه بعارضة المرمى. واضطره ذلك إلى ابتكار آلية جديدة للتحايل على المشكلة، وذلك بأن يربط نفسه بحبال تكون فى عهدة مساعد له، يشدها فيشده قبل أن يرتطم رأسه بأى عائق.

ولم تكن هذه الصعوبة الوحيدة فى إبداع مشاهد "الحريف"، فيتذكر شيمى أن من أبرز الصعوبات كان التصوير فى الساحات الشعبية، حيث كانت مهمته تزداد صعوبة فى نقل روح الحدث، والمكان. فكان يتطلب ذلك توزيع الإضاءة بشكل يعكس واقع هذه الساحات وطبيعة روادها. ويقول مدير التصوير الفنان: " لم يكن من المقبول مثلا، ظهور خيالات المصورين على أرض الملعب، مما قد يؤثر على مصداقية نقل الأحداث. فكانت كل خطوة دقيقة ومحسوبة".

أما عن التعامل مع نجم فى حجم عادل إمام، خاصة فى الثمانينيات التى كانت تشكل واحدة من أهم مراحله الفنية، فيوضح شيمى أنه شارك فى عدد من الأفلام الكوميدية لإمام، لكن "الحريف" كان بعيدا كل البعد عن اللون الكوميدى، مما جعله ينبه عادل إمام إلى أن طبيعة الفيلم، وطبيعة شخصية " فارس" التى تمزج بين الطيبة والعنف، تتطلب إضاءة أكثر قتامة وأكثر رمزية تختلف فى كثير من سماتها عن أسلوب الإضاءة فى الأفلام الكوميدية الخفيفة. ويكمل موضحا: " لكن عادل إمام كان من الذكاء والفهم بحيث أكد استيعابه لذلك" .

رابط دائم: 
كلمات البحث:
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق