رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

القاهرة وبكين .. مستقبل واعد لعلاقات راسخة

إيمان عارف
مصر والصين

تعد مصر والصين من أقدم وأثرى الحضارات فى العالم، وتجمع بين البلدين العديد من القواسم المشتركة وأوجه التعاون الثقافى والحضاري.

ولذلك لم يكن مستغربا أن تكون مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1956، وهو ما اعتبر علامة فارقة فى ظل مناخ الحرب الباردة الذى كان سائدا آنذاك، حيث شهدت العلاقات منذ ذلك الحين وعلى مدار خمسة عقود تطورا كبيرا ومستمرا، وأثبتت هذه العلاقات قدرتها على مواكبة التحولات الدولية والإقليمية، ولعل ما ساعد على ذلك خلو العلاقات منذ إقامتها من تعارض الأهداف، حيث تنتهج الدولتان سياسات تسعى لإحلال السلام، وتوازن العلاقات الدولية، واحترام خصوصية كل دولة. 

ومع احتفال الصين بعيدها الوطنى، وتزامن ذلك مع اقتراب الذكرى العاشرة لإطلاق مبادرة الحزام والطريق التى تعزز التعاون المشترك بين الصين ومختلف دول العالم، ظهر حرص الجانبين على تأكيد أن العلاقات شهدت مرحلة تحول تاريخية، وهو ما انعكس بشكل واضح فى الزيارات المتبادلة لقادة البلدين وتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال عام 2014 .

هذا التطور انعكس فى تسارع وتيرة الاستثمارات الصينية على مدار العقد الماضي، فى العديد  من القطاعات بما فى ذلك التصنيع والخدمات والبناء والزراعة وتكنولوجيا المعلومات. فضلا عن توقيع مذكرة تفاهم بشأن مبادرة التنمية العالمية مع الوكالة الصينية للتعاون الإنمائى الدولي، والتى تدعم الشراكات البناءة بين مصر والصين، خاصة مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لإطلاق مبادرة الحزام وهو ما مهد الطريق لبدء  مرحلة جديدة من العلاقات  بين الجانبين، خاصة فى ظل حرص مصر على تعزيز الشراكة مع الصين لتحقيق المصالح المشتركة بالنظر إلى الدور المحورى الذى تلعبه مصر من خلال قناة السويس كحلقة وصل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، فضلا عن تماشى مبادرة الحزام والطريق التى تهدف إلى تعزيز طرق التجارة عبر الاستثمار فى الموانئ الجديدة والسكك الحديدية والطرق للوصول إلى الأسواق بشكل أكثر كفاءة وتعزيز القدرات الصناعية والابتكار والمعرفة التكنولوجية، مع الأولويات الاستراتيجية لمصر المتمثلة فى توسيع نطاق الاستثمارات وتحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى منطقة استراتيجية. وهو ما جعل هذه المبادرة سببا فى تعزيز التنمية الاقتصادية وتنويع فرص الاستثمار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وبمقتضى هذا التطور أصبحت الصين أحد المستثمرين الرئيسيين فى العديد من المشروعات، مثل منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى المصرية - الصينية التى تضم العديد من الشركات الصينية فى مجال المنسوجات والإلكترونيات ومواد البناء والخدمات اللوجيستية.

هذا الحرص المصرى على تعزيز التعاون مع الصين فى كافة المجالات، قابله حرص مماثل من الجانب الصينى على تأكيد أهمية مصر ومحورية دورها فى الشرق الأوسط وافريقيا، وعلى الإسهام المصرى فى إطلاق مسيرة علاقات الصين بالقارة الإفريقية منذ عام 1956، وكذلك اعتبار السوق المصرية بوابة مهمة إلى دول المنطقة، ومن هنا كانت جهود الصين فى دعم انضمام مصر إلى مجموعة بريكس، ولذلك لم يكن مستغربا أن تتوافق رؤى البلدين فى الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، الامر الذى عزز من قدرتهما على توطيد أواصر التعاون، فى ظل إدراك القيادة السياسية فى كلا البلدين للتحديات القائمة، وحرصهما على دفع العلاقات إلى آفاق أكثر تنوعا وازدهارا.

هذا المعنى أكد عليه مرارا لياو لى تشيانج سفير الصين فى مصر، الذى أوضح فى أكثر من مناسبة الطابع الاستراتيجى الشامل للعلاقات بين البلدين، وأن بلاده تدعم بثبات مصر للعب دور أكبر فى الشئون الدولية والإقليمية، منوها إلى أن انضمام مصر إلى آلية البريكس يجسد عزيمة الدول الأعضاء على تدعيم التعاون مع الدول النامية، كما يجسد قوة وتأثير مصر باعتبارها سوقا ناشئا ودولة مهمة، ومؤكدا كذلك على نجاح تنفيذ عدد من مشروعات التعاون على أساس المنفعة المتبادلة التى تحقق مصالح البلدين، والتى يمكن القول إن المثال الأوضح عليها، منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، التى تضم الأبراج الإدارية والسكنية والفندقية إلى جانب البرج الأيقونى، وتتولى الشركات الصينية تنفيذها فى إطار مشروعات التعاون المشترك بين البلدين، يضاف لذلك التعاون الأخير فى مجال الفضاء، الذى تحققت فيه إنجازات مثمرة، بعد أن تسلمت مصر فى يونيو الماضي المنحة الصينية المتمثلة فى نموذج القمر الصناعى «مصر سات ٢»، وهو ما يجعل مصر أول دولة إفريقية تملك القدرة على تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية، إلى جانب مشروع القطار الكهربائى الذى يصل بين مدينة العاشر من رمضان والعاصمة الادارية، وكلها أمثلة على الإنجازات النموذجية التى تحققت فى اطار مشاركة البلدين فى مبادرة الحزام والطريق، ودليلا على ترسيخ الثقة المتبادلة.

لقد أثبتت العلاقات المصرية - الصينية على مدى العقود الخمسة الماضية أنها راسخة ومتطورة، لا تقوم فقط على القواسم المشتركة والمجالات التى تمكنهما من النمو والتعاون، ولكن أيضا على الإرادة السياسية والاقتصادية المشتركة لقيادتى البلدين، خاصة أن الصين طالما وضعت علاقتها مع مصر كأولوية لدبلوماسيتها مع الشرق الأوسط وإفريقيا، وأثبتت أنها على استعداد لدفع العلاقات بين البلدين إلى آفاق جديدة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق