رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شوقى جلال .. الراهب !

د. محمود القيعى
شوقى جلال

عندما كان صبيا حدثه أبوه ذات مرة عن نظرية «داروين» فى التطور، وشرح له معناها من خلال الطيور الداجنة فى البيت وما بينها من تشابه وتمايز وأنها من أصول واحدة، فلفت نظره إلى أهمية العقل والعلم، وغرس فى نفسه حب القراءة والمعرفة منذ الطفولة، نشأ المترجم والمفكر شوقى جلال فى بيت يحوى الكثير من الكتب والصحف والمجلات الثقافية، يرى أن دنيا الكتب هى حياته، عندما يقرأ ينسى كل ما حوله، يعيش عالم الكتاب، وعندما ينتهى من القراءة، يستمر فى التفكير فى الكتاب فترة طويلة، عام 1956 عمل مدرسا للفلسفة فى معهد المعلمين، بعدها آثر أن يعمل مستقلا بعيدا عن المؤسسات الحكومية، اختار الفلسفة مجالا للدراسة لتلبى أشواقه إلى المعرفة والسؤال، وتروى ظمأه إلى معرفة رآها ولا يزال سلاحا لا يبارى !

آمن بأن الترجمة من أبرز الأدلة على قدرة أى شعب على التفاعل مع العصر، مؤكدا أنها لا تنشط إلا فى مجتمع حر منتج للفكر، لذلك نعى على الجامعات العربية تخريجها مدرسين للنقد لا نقادا للأدب، عشق تاريخ الحضارة المصرية، ويذكر أن المدرسة كانت حريصة على القيام برحلات لكل الآثار المصرية والمتاحف، مشيرا إلى أنه كان ينظر إلى أعلام الفكر الكبار، محاولا أن يقتدى بهم، بل كان حريصا على أن يكون واحدا منهم: طه حسين، والعقاد والمازنى، وعلى مشرفة، وسواهم.

ساءه أن يرى قومه وبنى جلدته فى مؤخرة الركب الحضارى، فقضى سنوات عمره عاكفا على ترجمة الكتب العلمية مثل «بنية الثورات العلمية» و«تاريخ العلم»، و«فكرة الثقافة» و«الثقافات وقيم التقدم» وسواها .

أعطته الترجمة أفقا واسعا، وكان حريصا على أن يترجم ما يؤمن به، وكثيرا ما تمنى أنه الكاتب لا المترجم .

سئل فى حوار مع «الأهرام» عن أى ترجماته أقرب إلى قلبه، فقال :

كلها جميعا، لاسيما «المسيح يصلب من جديد» «لكازانتزاكيس التى ترجمتها ـ فى سنتين ـ بدموعي!

لقد ترجمتَ «المسيح يصلب من جديد» شعرا .

فى رأيه أن هوية الإنسان أو المجتمع هى عمله، وأن المجتمع الذى يتوقف عن العمل، يفقد هويته، اعتاد شوقى جلال استقلال الرأى تأسيسا على المنهج العلمى وإنجازاته.، وكان يحترم الآراء فى تناقضها وديناميتها على أساس تحكيم العقل العلمى. هدفه من الترجمة تغيير العقول سعيا إلى عقل حديث.

برغم عمره المديد» 92 عاما»، فإنه يرى أنه لم يقل كل ما لديه بعد .

شوقى جلال الرجل الذى حفر اسمه فى تاريخ الترجمة العربية بما قدمه من روائع، وكانت له أياد بيضاء على الثقافة العربية لن يضيره ـ فى محنته ـ تقصير قوم أو تجاهل آخرين، فقد عاش طيلة حياته معتزا بنفسه، قادرا على تجاوز المحن بعزة نفس عرف بها، أما إذا رعيناه، وقدرناه حق قدره كنا نحن الرابحين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق