بصوت مليء بالحنين، تحدثت الشاعرة د. فاطمة قنديل عن ديوانها الأول، وهو ديوان عامية بعنوان «عشان نقدر نعيش» صدر عام 1984، فقالت: بدأت فكرة إصدار الديوان بكتابة أبيات بسيطة وإرسالها إلى مجلة «صباح الخير» وغيرها من المجلات لنشرها فى بريد القراء، بعدها أرسلنى أحد أقربائى بتوصية إلى لويس جريس رئيس تحرير «صباح الخير»، وهكذا بدأت علاقتى المباشرة بالمجلة حتى فكرت فى جمع تلك القصائد فى ديوان.
كانت الكتب وقتها تُكتب يدويًا، فذهبت إلى خطاط اسمه «لاشين»، وعندما قرأ القصائد أعجبته، فكتبها هدية لى دون مقابل، وصممت ابنة خالتى الغلاف، وبعد الطباعة اكتشفت أنى نسيت كتابة رقم الإيداع على الكتاب، وتفتق ذهنى عن حل، فصممت «ختمًا» برقم الإيداع، وقضيت ليلة كاملة مع والدتى رحمها الله ـ نختم النسخ بالرقم. بعدها طفت بكل أكشاك الجرائد فى مصر الجديدة، وأعطيتهم نسخًا من الكتابة دون مقابل، وكانوا يقابلونى بعد ذلك بابتسامة كبيرة ويطلبون المزيد من النسخ بعد أن نفد ما لديهم.
وأتذكر أن طباعة النسخ تكلفت نحو 500 جنيه، منحتها لى والدتى من مبلغ حكومى حصلت عليه كمعاش أو شيء من هذا القبيل، والديوان كان صغيرًا يتسم بالبساطة الشديدة والمشهدية، وكانت القصائد تتعامل مع قضايا مهمة وقتها كحرب بيروت مثلًا، لكن ليس بالحس القومى النضالى، لكن بالاعتماد على الصورة.
وعلى الرغم من أنى لم أربح من هذا الديوان، فإنى حصلت على مقابل جيد جدًا من إحدى قصائده وكانت بعنوان «فارس جميل الملامح»، فحينما كنت فى إنجلترا قرأ أحد الموسيقيين القصيدة ولحّنها، وغنتها مطربة يونانية كانت شهيرة وقتها اسمها «ناتاشا»، وحصلت على 400 جنيه إسترلينى ثمنًا للأغنية، وكان مبلغًا ممتازًا.
وكانت أبرز ذكريات هذا الديوان عندما ذهبت إلى «صباح الخير» وأعطيت نسخة منه إلى لويس جريس، وتابعت أعداد المجلة لكنهم لم ينشروا شيئًا منه، حتى فقدت الأمل وفوجئت بمن يتواصل معى ويخبرنى بأنها نشرت موضوعًا فى باب البوسطجى بعنوان «البحث عن فاطمة قنديل»، وفى الأسبوع التالى نشروا موضوعًا آخر بعنوان «لا يزال البحث جاريًا عن فاطمة قنديل». وعندما ذهبت فوجئت بأن فؤاد قاعود كتب مقالًا رائعًا عن الديوان بعنوان «آه يا فاطمة» على صفحة كاملة، ما جعل القراء يرسلون خطابات للمجلة يتساءلون عن تلك الشاعرة التى كتبت القصائد، وكان هذا شيئًا مبهرًا لشاعرة شابة فى أولى خطواتها الإبداعية، وبكيت من الفرحة.
رابط دائم: