بعضهم يسمع الموسيقى بأذنه، وبعضهم بعقله، أما الموسيقار سيد درويش فلا يسمع الموسيقى أصلا، الموسيقى هى التى تسمعه! لقد نجح ابن الإسكندرية أن يجعل الدنيا كلها تسمع ألحانه وتدندنها بلغات عدة.
حتى وإن ضاقت المساحات.. وأغلقت الخرائط أبوابها.. صارت ألحانه هى جواز السفر إلى العبور. فقد اكتسبت أغانيه شهرة عالمية، خاصة فى السبعينيات، بعد أن قدمت داليدا أغنية «سلمى يا سلامة» بخمس لغات. ثم التقطها العديد من الفنانين الأوروبيين، ولكن فى إطار التناغمات الغربية، وهو ما انتقده البعض معتبرا أن الأغنية فقدت بالكامل تقريبًا نكهتها وهويتها الوطنية.
هذه الأغنية التى كتبها بديع خيرى فى عام 1919، وهى واحدة من الأغانى التى قدمت شكل جديد للموسيقى الوطنية، إيذانا بسقوط الحماية البريطانية.
تحكى عن حنين المصريين المنفيين.. مثابرتهم وحكمتهم أمام التحديات.. مشاعر الناس، سواء أغنياء أو فقراء، ممن اضطروا إلى العيش بعيدًا عن أوطانهم. منذ كتابتها، أصبحت الأغنية ذات شعبية كبيرة ليس فقط فى مصر ولكن أيضًا فى الدول المجاورة الناطقة بالعربية حيث يتم تقديمها غالبًا فى المناسبات الاحتفالية المهيبة.

داليدا.. وصلت بـ «سلمى يا سلامة» إلى العالمية
ولاشك أن «سلمى يا سلامة» حققت نجاحا دوليا منقطع النظير وقت أن قامت داليدا بغنائها عام 1977، وأصبحت واحدة من أكثر الألحان الشرقية التى اكتسبت شعبية فى أوروبا والعالم العربي. فقد غنتها بالفرنسية وباللغة العربية المصرية، ثم بالإسبانية والألمانية والإيطالية (Uomo di sabbia). إلآ أن النسخة الفرنسية تتحدث عن رجل يتجول فى الصحراء ويرى سرابا لحديقة فى الجنة.

ملصق لفيلم فرنسى استخدم الحان سيد درويش كموسيقى تصويرية
كما قدم الفريق الفرنسى «ألابينا» الأغنية بالإسبانية تحت عنوان Ole y ola عام 1997 واختيرت ضمن أفضل 20 أغنية فى ذلك العام. من ناحية أخرى، دخلت أغنية «سلمى يا سلامة» السينما الفرنسية عام 1996 عندما تحولت إلى موسيقى تصويرية لفيلم Pédale douce. وهو فيلم كوميدى اجتماعى للمخرج جابرييل أجيون الذى ولد فى الإسكندرية عام 1955.

فيروز
وما قدمه فنان الشعب سيد درويش من ألحان خالدة جعلته باقيا على قيد الحياة رغم غيابه. من لبنان، تغنى فيروز بصوتها الدافئ «زورونى كل سنة مرة» و«الحلوة دي» و«أهو ده اللى صار».
الشيخ سيد اختار المسرح الغنائى ليكون المنصة التى يقدم من خلالها فنه واعتنى بالأغنية الجماعية وكذا سار على نهجه عاصى ومنصور، لذا نجد من الطبيعى أن يقدم لحن «الكناسين» فى مسرحية «عقبال عندكم» عام 1919م، وتجد أيضًا لحنًا للكناسين فى مسرحية «الشخص» للأخوين رحبانى عام 1968م.
فى عام 1959م أيام وحدة مصر وسورية «الجمهورية العربية المتحدة» وفى أول ظهور لها على خشبة معرض دمشق الدولى ظهرت فيروز وهى ترتدى الملاية اللف والمنديل أبو قوية، مثل الفتاة الشعبية المصرية لتغنى فاصلًا من أغنيات سيد درويش بدأها الكورس بغناء «عطشان يا صبايا دلونى عل السبيل»، حيث دخلات إلى المسرح وخلفها الشباب والصبايا وقد ارتدوا زى الفلاحين المصريين، وانطلق صوت فيروز بغناء أغنية أخرى لسيد درويش «الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية»، واختتمت المشهد المصرى بأغنية «زورونى كل سنة مرة».
كما قدمت الفنانة اللبنانية هبة طوجى «طلعت يا محلا نورها» بتوزيع موفق من أسامة الرحبانى أوصلها إلى جو الموشح.
أيضا تغنت بأعماله أصوات رائعه مثل: مارسيل خليفة، وجاهدة وهبي، وميرال غياض، وعيسى غندور وفرقته فرقة المدينة.. ومن سوريا غنت له أصالة.. ومن فلسطين ناى البرغوتي ومحمد مغربي.
ومن مصر ردد أغانيه الشيخ إمام ، واسماعيل شبانة (شقيق عبد الحليم حافظ ) وعلى الحجار، وإيمان البحر درويش، ومحمد نوح، وآمال ماهر ، وعبد اللطيف البنّا وروبى فى مسلسل «أهودا اللى صار» ومحمد محسن فى ثورة 25 يناير.
رابط دائم: