لم تشهد ظاهرة فى الكون إجماعا من قادة العالم بمختلف توجهاتهم وأفكارهم على خطورتها وضرورة الاحتراس منها مثلما حدث مع التغير المناخى. فقد صار هذا الوحش الكاسر مصدر رعب وحيرة فى كيفية مواجهته وأسلوب ترويضه لنعيش فى أجواء هادئة بلا عواصف أو حرائق أو خطايا بشر!.وأكثر ضحايا دوامة التقلبات المناخية التى ضربت مناطق عديدة فى الكرة الأرضية هو غذاء الإنسان بعد أن ارتفع عدد الذين يعانون انعدام الأمن الغذائى من ١٣٥ مليون شخص فى عام ٢٠١٩ إلى ٣٤٥ مليونا فى ٨٢ دولة فى يونيو عام ٢٠٢٢. ومع تصاعد ظاهرة التقلبات الجوية المفاجئة، اجتاحت العالم موجات حر قاسية، وأمطار غزيرة فى غير موسمها، ونوات جفاف. وتحت وطأة هذه الظروف، يصطدم نحو ٨٠ ٪ من سكان العالم بمخاطر تلف المحاصيل والجوع فى ظل تغير المناخ فى قارة إفريقيا وجنوب شرق آسيا، حيث ترتفع معدلات الفقر والمعاناة بين الأسر العاملة فى مجال الزراعة بدرجة كبيرة. وتأثرت كثيرا دول تعيش على الزراعة كالفلبين وفيتنام بـ «تسونامى الجفاف»، عندما زحف على الرقعة الخضراء وجرَّدها من ثمارها وغلالها، فأصبح المزارعون على حافة الفقر. وإذا كان فى ارتفاع درجات الحرارة وثانى أكسيد الكربون الفائدة الحقيقية للمحاصيل عند حد معين، إلا أن التطرف فى النسب المئوية يؤدى إلى زيادة معدلات البخر من النباتات والتربة، وإهدار المياه اللازمة لنمو المحاصيل. وتعانى بعض مناطق العالم بالفعل من نقص المياه، وعندما تتجاوز الزيادة فى متوسط درجات الحرارة العالمية درجتين مئويتين، ستسدد بلدان الساحل الإفريقى أو جنوب آسيا، الفاتورة الباهظة بما يمكن أن يكون لارتفاع درجات الحرارة من تأثير فورى على محاصيل حيوية مثل القمح الأقل تحملاً للحرارة العالية. وكشفت الدراسات عن أن أسباب التغير المناخى، تعود إلى حرق الوقود الأحفورى الذى يحتوى على ثانى أكسيد الكربون المحبوس فى باطن الأرض منذ آلاف السنين، وحينما يخرج كالمارد ينشر التلوث ويحمل الدمار والموت البطىء لكل المخلوقات والكائنات الحية. وأيضا تتضاعف خسائر التغير المناخى نتيجة إزالة الغابات وضياع ماتخزنه من كميات كبيرة لثانى أكسيد الكربون، وتراكمه بشكل أسرع فى الغلاف الجوى.
وأحيانا تخرج إلينا بعض أوراق البحث العلمية بجوانب إيجابية لظاهرة تغير المناخ للتخفيف من حدة المخاطر وهواجس الانهيار، فقد ركزت دراسة على“فصل النمو” الذى قد يطول لارتفاع درجة الحرارة، وقد يصل إلى ٤٨ يوما فى شمال أنتاريو بكندا، والمدة كفيلة بإنتاج المزيد من القمح والذرة وفول الصويا.
وأمام تصاعد المخاوف من التبعات الوخيمة لتقلبات المناخ المفاجئة ، تتحرك المنظمات الدولية وفى مقدمتها مجموعة البنك الدولى لمحاصرة الظاهرة وتقويض انتشارها بقدر المستطاع، وهذا مايفسر خطة عمل البنك خلال الفترة مابين ٢٠٢١ و ٢٠٢٥ وتخصيص ٣٥ ٪ من التمويل لإنجاز منافع مناخية مشتركة، و٥٠ ٪ لأغراض التكيف، و١٠٠٪ تتسق مع اتفاق باريس القديم المفترض تنفيذ بنوده فى يوليو المقبل، فضلا عن تحفيز الدول النامية لترشيد استخدامات الفحم ورسم إستراتيجية طويلة الأجل لمكافحة تغير المناخ والالتزام الكامل والعادل بتوفير بيئة نظيفة.
وصدق الملياردير العصامى بيل جيتس بقوله :“إن المناخ مشكلة رهيبة وتحتاج إلى حل”، خصوصا عندما يستيقظ العالم فى لحظة ما ويجد الإنسان أن طعامه اليومى هو الضحية الأولى نتيجة القتل الخطأ!.
رابط دائم: