فى إطار سباق التحول نحو الاقتصاد الأخضر للحد من تأثير التغيرات المناخية الخطيرة على البشرية، رفع العديد من دول العالم سقف طموحاتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة التى تم الاتفاق عليها عام 2015، وهو ما تطلب اتباع نهج جريء يشمل المجتمع المدنى والتزاما حكوميا طويل الأجل، وزيادة الاستثمار، والابتكار المستمر والتعاون بين الوكالات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
ومن هذا المنطلق، بدأت حكومات العالم والمنظمات الدولية المختلفة تسارع من وتيرة البحث عن آليات جديدة وحلول لرفع النمو الاقتصادى ولإنتاج ثروات حقيقية تضمن تنمية مستدامة من خلال إيلاء البعد البيئى قدراً أكبر من الاهتمام بسياسات التنمية الاقتصادية عن طريق وضع تصور اقتصادى مبنى على استراتيجية الانتقال إلى اقتصاد أخضر.
والتزمت أكبر دولتين مسببتين للانبعاثات فى العالم، الولايات المتحدة والصين، بالحياد الكربونى بحلول عام 2050 و2060 على التوالى. وأصدرت الولايات المتحدة قانون البنية التحتية الذى وصل لتريليون دولار أمريكى لدعم الاستثمارات المستدامة. وفى كندا ، تعتزم الحكومة رفع ضريبة الكربون الفيدرالية بنحو 8 % بالنسبة لأسعار البنزين، والغاز الطبيعى بنسبة 50٪ ، وأسعار الفحم بنسبة 100٪. بينما ستخصم ما يقرب من 90٪ من عائدات الضريبة للمستهلكين لتشجيعهم على خفض معدلات الكربون.
وعلى الصعيد الأوروبى، خصصت ألمانيا 2.5 مليار يورو للاستثمار فى البنية التحتية للسيارات الكهربائية. كما رسمت خطة لتوليد 80% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وذلك من خلال نصب أربعة أو خمسة توربينات رياح يوميا، وتركيب أنظمة طاقة شمسية فوق ما يعادل مساحة 43 ملعبا لكرة القدم، و بناء 1600 مضخة حرارية، وبناء شبكة نقل حرارية تصل مساحتها إلى أربعة كيلومترات مع توظيف ما بين 300 ألف و 500 ألف عامل ماهر إضافى للمهن التى تعتبر حاسمة فى تحولات إنتاج الطاقة.
وفى فرنسا، تم إصدار قوانين بمنع استخدام الطاقة الضارة بيئيًا واستبدالها بالطاقة الخضراء، حيث حظرت الحكومة الفرنسية التسخين بالغاز فى المنازل الجديدة، كما طالبت شركة «آير فرانس» بخفض الانبعاثات بنسبة 50٪ وتحقيق حد أدنى من الوقود المتجدد بنسبة 2٪ بحلول عام 2030.
ولم تتوقف القارة العجوز عند هذا الحد، بل أطلق الاتحاد الأوروبى سلسلة من السياسات لتحقيق أهداف الاستدامة الخاصة به وهى خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 55٪ بحلول عام 2030 والوصول إلى الحياد المناخى بحلول عام 2050. ومن بين هذه السياسات إعادة تأكيده الالتزام باستخدام جزء من عائدات تسعير الكربون الجديدة من قطاعى النقل البرى والبناء لصندوق مناخ اجتماعى جديد، والذى سيدعم الأسر الفقيرة أثناء الانتقال للطاقة النظيفة وإلزام الشركات بإعداد تقارير استدامة. وعلى الرغم من أن حجم سوق التقنيات الخضراء فى أوروبا بلغ نحو 61 مليار دولار ومن المتوقع أن يرتفع إلى 417 مليار دولار بحلول عام 2030، فإن هذا النمو الهائل معرض للخطر، حيث تواجه الشركات عقبات فى رحلتها إلى صافى صفر كربون من أجل تحقيق أرباح مجزية والبقاء فى صدارة المنافسة مع الالتزام بالقواعد واللوائح الأوروبية التى بدأ تنفيذها هذا العام ..
وعلى صعيد الوضع فى آسيا، ففى فيتنام، زادت قدرة تركيب أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية على الأسطح بنسبة 2٫435٪ منذ عام 2019. وفى الهند، يهدف مخطط «تطوير المدن الشمسية» الذى يضم نحو 60 مدينة، إلى تطبيق أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية.
وفى إفريقيا، اتخذ العديد من الحكومات تدابير صارمة لحظر المنتجات الملوثة تمامًا مثل البلاستيك، الذى يسرع من تغير المناخ عن طريق انبعاث الغازات الدفيئة، فأصبحت رواندا أول دولة فى العالم «خالية من البلاستيك» فى عام 2009، بعد مرور 10 سنوات على حظر جميع العبوات البلاستيكية.
رابط دائم: