رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سوق العقارات الصينية بين الفرص والتحديات

شيماء مأمون
سوق العقارات الصينية

تعد سوق العقارات حجر الزاوية فى الاقتصاد الصينى، حيث إنه خلال العقدين الماضيين، أقامت العديد من المدن الصينية ، مجمعات سكنية واسعة وأبراجا شاهقة لتلبية الطلب المتزايد على المنازل وأماكن العمل. لكن الركود العقارى الذى أصاب البلاد كشف عن زيادة المعروض نتيجة سنوات البناء المستمر، وهو ما أدى إلى مواجهة قطاع العقارات الصينى أزمة كبيرة بعد عشرين عامًا من هذا التطور الكبير.

 

بدأ ازدهار قطاع الإسكان فى الصين فى أواخر التسعينيات فى المدن الكبرى،قبل أن ينتشر إلى المناطق الحضرية الأصغر فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين. ففى عام 2000، أنشات الصين نحو مليونى شقة. وبحلول منتصف عام 2010، قامت ببناء أكثر من سبعة ملايين شقة سنويًا. وسرعان ما أصبحت العقارات العمود الفقرى للاقتصاد الصينى، بعد أن شكلت نحو ربع النشاط الكلى. وخلق القطاع المزيد من فرص العمل،وتم استخدام الاستثمار العقارى كأداة سياسية لتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد الصينى. كما دعم الموارد المالية للحكومات المحلية التى استأجرت حقوق ملكية الأرض للمبانى الجديدة وقدمت أحد خيارات الاستثمار القليلة الموثوقة للشعب الصينى.

ووفقا لتقرير صحيفة «نيويورك تايمز»الأمريكية، تعد مدينة نانتشانج واحدة من أشهر المدن الصينية التى أحدثت طفرة فى مجال الإسكان والعمران، حيث تضاعف المبلغ السنوى الذى ينفق لبناء المساكن فى المدينة تقريبًا بينما زاد عدد السكان بنسبة 25 %. لكن بالرغم من ذلك تعد حاليا من أكثر المدن تضررا من أزمة الركود العقارى فى البلاد، حيث لا تزال أكثر من 20 % من مبانيها شاغرة، وهى أعلى نسبة بين 28 مدينة صينية كبيرة ومتوسطة الحجم.ويقول كوانجوى،سمسار عقارات فى مدينة نانتشانج:» إن الأسعار قد انخفضت بشكل كبير منذ عام 2019، ومن المتوقع أن تنخفض الأسعار أكثر لأن كثيرا من الناس يحاولون البيع قبل فرض ضريبة العقارات المتوقعة «.

تكشف الأزمة عن التحديات الهائلة التى يواجهها صانعو السياسة فى محاولة إنعاش الاقتصاد الصينى. ففى خلال فترات الركود السابقة، لجأت بكين إلى الإنفاق على العقارات والبنية التحتية لتحفيز الاقتصاد. لكن هذه المرة، لن يكون الحل سهلاً، خاصة أن المطورين العقاريين مثقلون بالديون، فى حين أن المدن تعج بالمساكن الخالية. فى الوقت نفسه لم ينته المطورون العقاريون الذين نفدت أموالهم من بناء الوحدات التى تم بيعها بالفعل، الأمر الذى أدى إلى رفض مشترى المنازل دفع الأقساط العقارية على منازل غير مكتملة مما أدى إلى اضطراب الأسواق المالية.

ويزيد من حدة الأزمة تعرض نموذج النمو الصينى الآن لضغوط من العوامل الديموجرافية، نظرًا لأن عدد السكان الصينيين قد بدأ فى الانكماش فى عام 2022، تزامنا مع توقع ارتفاع معدلات الشيخوخة فى العقود المقبلة، مما سيؤدى إلى انخفاض الطلب الإجمالى على المساكن قريبًا. ويرى د. كينيث روجوف، أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد أن طفرة الإسكان فى الصين كانت مبنية على «نمو سريع إلى الأبد»، ولكن فى العديد من المدن الأصغر، لم يواكب الاقتصاد نمو الإسكان. كما قال: «إن الصين تبنى العقارات وتدعم البنية التحتية بوتيرة متسارعة منذ عقود، إلا أنها فى النهاية ستواجه عوائد متناقصة.».

فى أواخر عام 2021، عندما كان قطاع العقارات الصينى يعانى بالفعل الركود منذ شهور، وجهت الحكومة ضربة خطيرة أخرى للقطاع، وفرضت قيودًا على كل من الموارد المالية للمطورين ومشترى المساكن. ومنذ ذلك الحين، تضررت سوق الإسكان بشدة من هذه الإجراءات. استمرت الصعوبات فى قطاع الإسكان حتى عام 2022،حيث انخفض إجمالى المبيعات بنسبة 24.3٪ عن عام 2021 وانخفض الاستثمار من قبل المطورين العقاريين بنسبة 10٪، ليسجل الانخفاض العقارى أدنى مستوى تاريخى له فى عام 2022.

نظرا لأهمية الاستقرار فى قطاع العقارات بدأت السلطات الصينية فى تخفيف القيود المفروضة على تمويل القطاع خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث أطلقت بكين والحكومات المحلية العنان للحوافز لجذب مشترى المنازل للعودة، وحثت البنوك على الإقراض بشكل متحرّر والتراجع عن القيود التى تم وضعها قبل جائحة كورونا لتهدئة سوق الإسكان. كما أعلنت الحكومة «حزمة الإنقاذ المكونة من 16 نقطة»، والتى دخلت حيز التنفيذ فى يناير 2023 لدعم القطاع.لذلك من المتوقع أن تواصل الصين جهودها لتحسين تنظيم القطاع لتحقيق الاستقرار فى أسعار المساكن وتوقعات السوق.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق