رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى آخر حوار معه قبيل رحيله بالقاهرة كمال شاتيلا رئيس المؤتمر الشعبى اللبنانى لـ «الأهرام»:أدعو لإحياء مشروع الرئيس السيسى لحماية الأمن القومى العربى

أجرى الحوار: العزب الطيب الطاهر

هكذا هى المقادير .. لا يدرى الانسان بأى أرض يموت .. قاعدة آلهية انطبقت تماما على كمال شاتيلا، المفكر والسياسى رئيس المؤتمر الشعبى  اللبنانى، والذى جاء إلى القاهرة والتى يسكن عشقها جسده وعقله ووجدانه، لإلقاء محاضرة حول المتغيرات الدولية وتأثيرها على الوطن العربى  بمركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية، ثم مشاركا فى ندوة بحزب التجمع عن مرور 75 عاما على نكبة  فلسطين، وإبان ذلك طلبت محاورته فتجاوب معى وحدد لـ" الأهرام " موعدا بعد ذلك بأيام معدودة، وعقب إعداد الحوار للنشر فوجئت بنعى  له،  مرسل لى عبر رسالة عبر الواتس آب، من المؤتمر الشعبى اللبنانى ومؤسساته، والمؤتمر القومى ولجنة فلسطين باتحاد المحامين العرب، وأبناء التيار الوطنى العروبى المستقل فى لبنان والأمة العربية، بعد أن انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة الماضى، السادس والعشرين من مايو.
بيان النعى، أكد أن الأمة العربية ولبنان فقدا بوفاة المناضل شاتيلا، قائدا مجاهدا أفنى عمره من أجل وحدة لبنان وعروبته واستقلاله، ومن أجل قضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين ومواجهة الاحتلال الصهيونى، مشيرا إلى أنه كان مدرسة فى النضال الحر الشريف منذ تأسيس اتحاد قوى الشعب العامل عام 1965، ومن خلال بنائه المؤسسات الشبابية والاجتماعية والثقافية، لخدمة الوطن والمواطن مستلهما مبادئ الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ومعتمدا أخلاقيات النضال وشجاعة الموقف وحرية القرار.
 

#
 تركز الحوار معه على ما يكابده لبنان، من انسداد سياسى مصحوب بأزمات اقتصادية واجتماعية فى بلاده وعبر فى هذ السياق عن قناعته بأن الخروج من هذا الانسداد، يستوجب تفعيل الدور العربى، عبر إحياء اتفاق الطائف، لافتا إلى أن الأجواء الإيجابية التى  خلقتها القمة العربية التى عقدت مؤخرا بجدة، ستكون عنصرا فاعلا بهذا الاتجاه.. فإلى أهم محاور الحديث الذى امتد أيضا إلى بعض القضايا الأخرى..  
تتسابق جهود محلية وإقليمية ودولية لحسم ملف شغور موقع رئيس الجمهورية فى لبنان،  إلى أى مدى يمكن أن تفضى إلى انتخاب الرئيس الجديد بعد تعطيل وإخفاق امتد إلى أشهر طويلة؟
وجهة نظرى ‪ـ‬ بغض النظر عن  حسم موضوع اختيار وانتخاب رئيس جمهورية جديد، سواء أكان ينتمى إلى المنظومة الحاكمة، أم  إلى غيرها، ـ فإنه لن يغير من الأمر شيئا، لأن أصل المعضلة يكمن فى أن اشقاءنا العرب خلال القمة العربية التى عقدت بالمغرب فى العام 1989، شكلوا لجنة مكونة من السعودية والمغرب والجزائر، بالتنسيق مع سوريا لحل الأزمة اللبنانية الناجمة عن اشتعال الحرب الأهلية التي استمرت ستة عشر عاما، والتى استدعت على الفور المجلس النيابى القديم وبعض المستشارين السياسيين، ونتج عن ذلك اتفاق الطائف، وفى حقيقيته يتجاوز كونه اتفاقا إلى إمكانية وصفه بالدستور، الذى تضمن جملة من الإجراءات، كانت أفضل بكثير من مضامين الدستور اللبنانى فى ذلك الوقت، والذى كان قد وضعه الفرنسيون خلال سنوات حكمهم للبلاد، تحت مسمى الانتداب، وذلك لأنه حسم عروبة لبنان وأقر قواعد إصدار قانونى انتخاب للمجلس النيابى، كما أقر قانون السلطة القضائية المستقلة، وإنصاف المناطق المحرومة والمهمشة، والأهم  هو تأكيد المساواة فى المواطنة،لأن النظام الطائفى قبل اتفاق الطائف كان تمييزيا على نحو سافر، فقد منح صلاحيات إمبراطورية لرئيس الجمهورية من طائفة معينة، بينما وفر اتفاق الطائف أو بالأحرى دستور الطائف، توازنا فى السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومساواة فى المواطنة وجعل السلطة التنفيذية فى مجلس الوزراء مجتمعا، لاسيما أنه يضم ممثلين من كل الطوائف. الخلاصة أن دستور الطائف أسقط جميع المؤامرات لتقسيم لبنان خلال الحرب، وكذلك أسقط كل المناورات الأجنبية الانفصالية، وشدد على وحدة وعروبة واستقلال لبنان، غير أن الأشقاء العرب ـ للأسف، لم يشكلوا لجنة لمتابعة تنفيذ كل ما نص عليه هذا الدستور، ما أتاح الفرصة لتدخل أطراف قوى إقليمية ودولية، لاختيار طبقة سياسية تابعة لها،  لتتولى السلطة، بدون انتخابات، وكان من المفترض أن يفضى هذا الاختيار إلى التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، لكن هذه الطبقة، المكونة من الإقطاع القديم، والميليشيات التى تأسست خلال سنوات الحرب الأهلية، أبعدته عن أجندتها وتولت إنتاج صيغة خاصة بها، وأخذت بعض بنود من الاتفاق فقط، منها القانون الذى ينظم الانتخابات البرلمانية، والتى لم تلتزم بنصوصه منذ العام 1990 وحتى الآن، وفى الوقت ذاته جمدت هذه الطبقة قانون استقلال السلطة القضائية، وكانت تلك أكبرخطيئة ارتكبتها لأنها مهدت لها السبيل إلى الفساد واستغلال المليارات، التى جاءت للبنانيين من العرب وغير العرب، ما أوصل البلاد بعد أكثر من ثلاثة عقود من احتكار هذه الطبقة للسلطة الى درجة الانهيار، نتيجة غياب المحاسبة القضائية ونتيجة مخالفة ما جاء فى دستور الطائف، الذى ما زال صالحا للتطبيق حتى هذه اللحظة.
 لذلك أدعو قبل انتخاب الرئيس الجديد لتشكيل لجنة الجامعة العربية، وتتوجه إلى لبنان وتبقى هناك ضاغطة، باتجاه إقرار القوانين التطبيقية لاتفاق الطاف، وبعدها سيكون من السهولة بمكان، إجراء انتخابات الرئاسة ثم الانتخابات النيابية، وفق  النظام الانتخابى الذى أقره الاتفاق .
 
بواقعية ..هل يقبل المناخ السياسى الراهن فى لبنان بهذا الطرح؟
الأمر يستوجب هذا التحرك العربى لفرض هذا الخيار على الطبقة السياسية، وإبلاغها أنه من دون القبول به، لن تكون هناك معونات عربية أو عون عربى للبنان بأى شكل من الأشكال، فالعرب يتعين عليهم المسارعة لإحياء الحل الذى أقروه فى اتفاق الطائف فى العام 1989، مع ممارسة الضغط على هذه الطبقة السياسية حتى تقبل به، إنقاذا للبنان حتى لا يظل رهينة للتدخلات الخارجية المتحفزة باستمرار.
 
في رأيك هل الدول العربية والجامعة العربية مهيأة فى هذه المرحلة للقيام بهذه الخطوة؟
لا أعلم، لكننا ـ فى المؤتمر الشعبى اللبنانى ـ بعثنا بمذكرات للأمانة العامة للجامعة العربية وللقادة العرب حول هذه المشكلة، وطالبناهم بالتدخل السريع لإنقاذ لبنان من الانهيار والتقسيم.
 
فى السياق نفسه، هل الأطراف والقوى الإقليمية المؤثرة فى المشهد اللبنانى ستمسح بهذا التدخل العربى فى  المرحلة الراهنة؟
التدخل العربى فى العام 1989 الذى أثمر اتفاق الطائف، جاء بعد فشل التدخلات الخارجية خاصة الأمريكية والسوفيتية والأوروبية والتى أسهمت ـ ليس فى إيجاد حلول ـ وإنما فى تفاقم الأزمة والمزيد من التدهور والدمار، ومن ثم فإن المراهنة، حاليا هى الحل العربى.
 
لكن أين هو الحل اللبنانى اللبنانى؟
بصراحة، لايوجد حل لبنانى لبنانى، هناك حل عربى يجب أن يلتزم به الجميع، وللأسف فإن كل القوى بالداخل متصارعة، وكل طرف مرتبط بتحالفات إقليمية ودولية، وهو ما يعرقل الحل اللبنانى اللبنانى الذى تتحدث عنه، لذلك فإن الإنقاذ بات مرهونا بضغط عربى يتسم بالفعالية والصرامة. 
 
ما هى أشكال الضغط وفق رؤيتك؟
أول خطوة مطلوبة بإلحاح، تتجلى فى  تشكيل لجنة عربية تتوجه إلى بيروت، وتلتقى بكل الكتل النيابية والتيارات الوطنية الفاعلة من كل الطوائف والمذاهب، وتعمل على فرض تطبيق اتفاق الطائف بكل بنوده، ليس المطلوب دستورا جديدا، وإنما تطبيق ما أسفر عنه هذا الاتفاق المتوازن سياسيا وطائفيا، وبالتالى لسنا فى حاجة إلى تبديل هذا الاتفاق، وأذكر هنا بأنه بعد أسبوع واحد من  إقرار اتفاق الطائف بجهود عربية، توقفت الحرب الأهلية التى كان قد مضى عليها ستة عشرعاما.
 
هل تعتقد أن القمة العربية الأخيرة فى جدة يمكن أن توفر حلولا للوضعية اللبنانية المعقدة؟
لا شك أن الأجواء الإيجابية، التى أفضت إليها هذه القمة العربية، و التى أسفرت عن بروز تحولات نوعية فى التعامل مع الأزمات العربية، يقوم على تفعيل  الرقم العربى لإيجاد حلول لها من منظور قومى، بعيدا عن التدخلات والتأثيرات الخارجية، التى، كما أشرت سابقا، لا تسهم فى الحل بقدر ما تقود إلى المزيد من التعقيد فى هذه الأزمات، ولعل الروح التى تابعناها بالترحيب بعودة سوريا، ومشاركة رئيسها بشار الأسد فى القمة، تعطى مؤشرا واضحا على هذا الصعيد، فضلا عن ذلك، فإن الروح التضامنية التى أطلقتها قمة الجزائر فى نوفمبر المنصرم، تكرست فى قمة جدة، نحو بلورة أشكال قوية من التضامن العربى، على المستويات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية ، وهو ما يجعل الحل فى المطالبة بتشكيل اللجنة العربية المأمولة لحل المشكلة اللبنانية .
 
كيف تقيم تأثير التقارب السعودى الإيرانى، على المنطقة بشكل عام، ثم على لبنان بصورة خاصة؟
فيما يتعلق بلبنان، فإنه سيساعد بالتأكيد على حلحلة الأمور، لكن مراهنتى هى على الحل والفعالية العربية أولا، أما بالنسبة للمنطقة، فإننى أنظر إليه بإيجابية ، وتقديرى، أن من شأن هذا التقارب، أن يسهم فى تخفيف التوترات الإقليمية، لاسيما فى الخليج، فضلا عن إنعكاسه إيجابيا على مجمل الوضع العربى، بيد أننى أرى، بل وألح، على أن التضامن العربى بكل درجاته، هو الأساس لاحترام القريب والبعيد، وأود أن ألفت فى هذا السياق إلى المشروع، الذى تقدمت به القيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى للقمة العربية، التى عقدت فى شرم الشيخ فى مارس 2015، ويقوم عل ثلاثة مرتكزات رئيسية هى: التكامل الاقتصادى العربى، وإحياء معاهدة الدفاع العربى المشترك، وتشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة لحماية الأمن القومى العربى والدفاع عن مقومات الدولة الوطنية، بيد أنه للأسف، فإن هذا المشروع الذى حظى بإجماع القادة العرب، لم يطبق، وبالتالى فإننى أدعو إلى إحياء هذا المشروع ، والإسراع بتطبيقه إنقاذا للأمن القومى، ويجب أن تكون له الأولوية فى هذه المرحلة، لاسيما فى ضوء الأجواء التضامنية التى أفرزتها قمة جدة.
هل ترى أن ثمة انعكاسات إيجابية للتقارب مع دولتى الجوار إيران وتركيا على النظام الإقليمى العربى؟
لاشك أن المتغيرات الدولية الأخيرة، وفى صدارتها تراجع حلف الأطلسى عالميا، وتقدم الشرق العالمى، وأقصد به روسيا والصين والبريكس ومنظمة شنغهاى، سوف ينعكس إيجابيا على النظام الإقليمى العربى، ويشجع فى الوقت ذاته على الحوار الإيجابى مع المحيط غير العربى، بما يفضى إلى تحولات نوعية فى العلاقات مع دول الجوار وفق قواعد الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.
أين التيار الناصرى فى المشهد اللبنانى .. لماذا خفت صوته الذى كان مرتفعا قبل سنوات؟
هناك "مؤتمر بيروت للعروبيين"، الذى يضم معظم الأطراف الوطنية والناصرية والعروبية، إلى جانب مؤسسات أهلية تنتمى للتيار العروبى، واللافت أن هذا التيار العروبى المستقل محارب، ويكابد أنواعا من التعتيم الإعلامى ولا يتاح له امتلاك الإمكانات الإعلامية المهمة التى توفر له الإعلان عن مقارباته وأنشطته، ومع ذلك أقول إن هذا التيار متجذر فى الأرض، وينشط بكل مؤسساته الاجتماعية والثقافية والتعليمية فى جميع الاتجاهات.
 
ألا يمثل هذا التيار جزءا من الطبقة السياسية اللبنانية ؟
هذا التيار المستقل يعارض هذه الطبقة الحاكمة منذ زمن طويل، ويتمسك باتفاق الطائف وتطبيقه كاملا، وفى تقديرى فإنه هو القوة الرئيسية لمصلحة وحدة وعروبة واستقلال لبنان.
فى ضوء التطورات الأخيرة، هل تعتقد أن الأزمة السورية اقتربت من نهايتها؟
بالتأكيد شكلت استعادة سوريا عضويتها فى الجامعة العربية ومنظماتها خطوة مهمة، وبداية إيجابية باتجاه بلورة حلول لأزمتها وفق المنظور العربى، لاسيما أنها عضو مؤسس للجامعة، وعودتها لممارسة دورها ضمن الجامعة العربية، أمر مهم لاكتمال عناصرالتضامن العربى، فهى كما قال عبد الناصر قديما «قلب العروبة النابض».
لكن هل تسرع هذه العودة بإنهاء الأزمة السورية؟
سوف تفتح مجالات للحوار الداخلى، مع أنه بدأ ثم توقف، والمتوقع أن يتم تجديده دون أن تشارك فيه أى قوى انفصالية أوتابعة لأطراف خارجية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق