على الرغم من كونها دولة صغيرة وحديثة العهد بالاستقلال فى أوروبا، فإن آفاق التعاون بين ليتوانيا تبدو واعدة للغاية بالنسبة لمصر، وبخاصة فى ظل الظروف الإقليمية والدولية الحالية، وتحديدا فى الوقت الذى تحتفل فيه الدولتان بمرور 31 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية.
ويؤكد أرتوراس جايليوناس سفير ليتوانيا فى القاهرة أن بلاده أولا، وعلى المستوى السياسى، تقدر تقديراً عالياً دور مصر كدولة محورية فى الشرق الأوسط وإفريقيا والبحر المتوسط، لا سيما مع انخراطها فى الجهود الدولية لمعالجة أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الحرب الروسية ــ الأوكرانية، وإمدادات الطاقة المستدامة إلى أوروبا والسيطرة على الهجرة غير المشروعة، مشيرا إلى ترحيب ليتوانيا بأولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبى - التى هى جزء منه – ومصر، من أجل دعم المزيد من الحوار البناء بينهما.
وفى تصريحات خاصة لـ»الأهرام»، أشاد جايليوناس بإيجابية وديناميكية العلاقات الثنائية مع شريك مهم للغاية فى العديد من القضايا الإقليمية والعالمية مثل مصر، مشيرا إلى حرص البلدين على تعزيز العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادى على جميع المستويات، ويشمل ذلك المشاورات السياسية الدورية، وعمل اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى والعلمى، وتشجيع القطاع الخاص على إقامة المزيد من المشروعات، وزيادة حجم التجارة المتبادلة، وتسهيل الاستثمارات.
وأضاف السفير أن البلدين يعملان على تقوية الروابط الثنائية، حيث تحتل اتفاقيات التعاون بين الغرف التجارية المعنية وبين شبكات سيدات الأعمال ذات الصلة مكانة عالية فى جدول أعمال تطوير التجارة الثنائية، كما تم تأسيس مجموعة تعاون برلمانى فى البرلمان الليتوانى فى سبتمبر الماضى تضم 14 عضوًا من 5 أحزاب سياسية، وستكون الخطوة التالية إنشاء مجلس الأعمال المصرى الليتوانى، ويتم التعاون المستمر مع السفير كريم شريف سفير مصر فى ليتوانيا لتعزيز العلاقات بين البلدين.
وفى إطار التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين، أشار جايليوناس إلى تضاعف حجم التجارة من 77 مليون يورو فى عام 2021، إلى 143٫4 مليون يورو فى النصف الأول من عام 2022، حيث نعمل مع شركائنا المصريين لزيادة العلاقات الاقتصادية، وشهد اجتماع غرفتى تجارة فيلنيوس والإسماعيلية فى مارس وسبتمبر 2022، توقيع اتفاقيات تعاون بين الغرفتين المعنيتين وبين شبكات سيدات الأعمال ذات الصلة، كما تم إنشاء العديد من جهات الاتصال التجارية المباشرة.
وأشار إلى أن حجم الاستثمار الأجنبى المباشر بين البلدين منخفض، حيث لا توجد استثمارات ليتوانية مباشرة فى مصر، كما لا يزال الاستثمار المصرى المباشر فى ليتوانيا منخفضًا، ويصل إلى 420 ألف يورو، لذلك نعمل على تشجيع التعاون الثنائى والمشروعات الاستثمارية بين الشركات الليتوانية والمصرية، مضيفا أن ليتوانيا تعتبر موقعًا مثاليًا للاستثمار وتطوير الأعمال، ويصنفها البنك الدولى فى المرتبة 11 فى العالم من حيث سهولة ممارسة الأعمال التجارية، حيث تقدم مجموعة القوانين المسماة بـ «الممر الأخضر» حوافز ضريبية كبيرة وتقلل بشكل كبير من الروتين، كما شاركنا تجربتنا مع مصر ممثلة فى وزارة الاتصالات فى مجال الأمن السيبرانى، وإعادة تنظيم ورقمنة الخدمات البريدية.
وأشاد السفير الليتوانى بما تشهده مصر من تقدم كبير فى مجال مشروعات التنمية والمدن الذكية، مؤكدا وجود أساس متين فى السنوات القادمة للتعاون فى مجالات التقنيات الحديثة، وسلامة الأغذية وتكنولوجيا الأغذية، وتبادل المعلومات، والخبرات فى القطاع الزراعى، والمشروعات البحثية، والتجارة الثنائية، وجار تعزيز التعاون فى مجال الابتكار وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقطاع الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعى المسال ومصادر الطاقة المتجددة.
وفى هذا الصدد، دعا السفير الليتوانى الشركات المصرية للمشاركة فى أكبر مؤتمر دولى تنظمه ليتوانيا تحت عنوان «Life Science Baltics 2023» فى الفترة من 20 و21 سبتمبر القادم، وسيكون أكبر منتدى دولى لصناعة علوم الحياة فى دول البلطيق، موضحا أن النظام البيئى الليتوانى أصبح معروفًا عالميًا للشركات، حيث احتلت ليتوانيا المرتبة العاشرة على مؤشر التكنولوجيا المالية العالمية والمركز 17 فى تصنيف الأنظمة البيئية العالمية.
وعن التبادل السياحى، أكد السفير أن مصر تعد واحدة من أكثر الوجهات المفضلة للسياح الليتوانيين، ففى عام 2021 زار 82 ألف سائح ليتوانى مصر، وقال: «أستطيع القول إن زيارة جميع المقابر والمعابد والآثار على الواقع فى مصر أفضل عشرات المرات من أى صور وأفلام وثائقية»، وعلى الجانب الآخر تتمتع ليتوانيا بخبرة لسنوات عديدة فى مجال المنتجعات الصحية والسياحة العلاجية، ونعمل على دعوة المصريين لتجربة هذه الخدمات، كما نبحث فرص التعاون فى مجال النقل والخدمات اللوجيستية.
رابط دائم: