«ليس خطئى»..«لا نقبل المقايضة»..«المهلة النهائية».. ثلاث معادلات تحكم أزمة رفع سقف الدين الأمريكى. معركة سياسية طاحنة بين الرئيس الأمريكى جو بايدن، ممثل الديمقراطيين فى البيت الأبيض، الذى يرفض المقايضة بشأن أزمة مصطنعة، والجمهوريين، الذين يتنصلون من كارثة عدم اللحاق بالمهلة النهائية لرفع سقف الدين، أما المعادلة الثالثة هى «ساعة الصفر» أو المهلة النهائية التى تعلن فيها الحكومة الأمريكية عدم قدرتها على الالتزام بسداد فواتيرها. ورغم نبرة التفاؤل التى يعبر عنها الجانبان، وتوقعات بعض المحللين بأن هناك اتفاقا سيتم التوصل إليه فى اللحظة الأخيرة، فإن الجمود يظل سيد الموقف.
ما الذى يمكن أن يحدث إذا حالت الخلافات السياسية دون دفع الفواتير التى تمول ربع الحكومة؟ سيلاحظ الأمريكيون بسرعة الضربات المؤلمة التى سيتم توجيهها إلى حسابات التقاعد الخاصة بهم مع خسائر بالجملة لوول ستريت، وفى غضون أيام سيلاحظون نقص المدفوعات الفيدرالية التى ستؤثر بشدة على الملايين. ويسير بايدن والجمهوريون فى الكونجرس فى مسار تصادمى حزبى بشأن رفع سقف الدين، وهو الحد الذى يفرضه التشريع على المبلغ الذى يمكن للولايات المتحدة أن تقترضه. وتم الوصول إلى الحد الأقصى البالغ 31٫4 تريليون دولار، لذا تستخدم وزارة الخزانة الآن وسائل التحايل المحاسبية أو «الإجراءات غير العادية» لدفع فواتير الحكومة. ويهاجم الديمقراطيون الجمهوريين بسبب ما وصفوه بأخذ اتفاق سقف الدين كرهينة لإرضاء أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب «المتطرفين» المصممين على تقليص الإنفاق العام، بينما يهاجم الجمهوريون الديمقراطيين بسبب الانتظار لوقت طويل قبل بدء المحادثات وعدم النظر فى مطالبهم بجدية. ويدرك الطرفان جيدا الثمن الذى سيدفعانه فى حالة عدم التوصل إلى اتفاق، فسوف تعلن الحكومة عجزها عن سداد التزاماتها، وسوف يفقد الأمريكيون أموالهم ويخسرون وظائفهم بل ويفقدون الثقة فى أوضاعهم المالية والمستقبل. وقال السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام «أكره أن أكون السياسى الذى يحاول أن يشرح للناس عندما يكون الاقتصاد فى المرحاض أنه ليس خطئى، إنه خطؤهم، نعم، هذا لن ينجح. سوف يكتسحنا جميعا». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن استطلاعات الرأى ترجح أن وجهة نظر جراهام صحيحة، حيث أظهر استطلاع للرأى أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه. بى. سى» أن كل الطرفين يتحمل المسئولية بشكل متساو. لكن الجمهوريين يعلمون جيدا أن الرئيس هو من يتحمل المسئولية كاملة عن حالة الاقتصاد حتى لو كانت الظروف خارجة عن سيطرة الفرع التنفيذى للسلطة. وأطلق السيناتور الديمقراطى تشاك شومر زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ على تشريع مجلس النواب لقب «قانون التخلف عن أمريكا»، فى محاولة لالتقاط تأثيره ووضعه المتعثر عند وصوله إلى مجلس الشيوخ. ويقول هو وزملاؤه الديمقراطيون إنهم يرفضون مكافأة الجمهوريين على ما يرون أنها أفعال غير مسئولة إلى حد كبير تعرض اقتصاد البلاد للخطر، على الرغم من أن كلا الحزبين قد استخدم حد الدين للمساومة على مر السنين. وقال شومر إن «سياسة حافة الهاوية، وخطط الاختباء، وأخذ الاقتصاد كرهينة، لن يقرب من الحل». ووصف كل من بايدن وكيفين مكارثى رئيس مجلس النواب آخر محادثات بينهما بالمثمرة على الرغم من عدم توصلهما إلى اتفاق. وأى اتفاق لابد أن يمر عبر بوابة الكونجرس، ويعتبر الخميس 1 يونيو المهلة الأخيرة لسداد الدين الأمريكى إلا أن التوصل إلى اتفاق بين البيت الأبيض وقادة الكونجرس بحلول هذا الموعد يبدو صعبا للغاية. فمجلس الشيوخ فى عطلة، كما أن مجلس النواب لديه عطلة «يوم الذكرى» فى 29 مايو. يمكن لقادة الكونجرس استدعاء المجلسين مرة أخرى، لكن مجرد الحصول على وجود عدد كاف من المشرعين للتصويت سيكون تحديا لوجيستيا. ووعد مكارثى بأنه فى حالة التوصل إلى اتفاق، فإنه سيمنح المشرعين 72 ساعة لمراجعته.وقال النائب الجمهورى جاريت جرافيس، ممثل مكارثى فى المحادثات مع البيت الأبيض، إن «هناك فجوة بين ما نريده وبين ما يريدونه، وما لم يدركه البيت الأبيض أنه طالما هناك مشكلة إنفاق، فسوف يستمر وجود فجوة كبيرة».وفى غضون ذلك، لا يزال البيت الأبيض يتحدث عن تقليص عجز الموازنة عن طريق غلق الثغرات الضريبية وزيادة الضرائب على المليارديرات. وهو الأمر الذى رفضه الجمهوريون. أحد مجالات الصراع بين المعسكرين هو وضع سقف للإنفاق. الجمهوريون يريدون خفض الإنفاق فى ميزانية 2024 إلى مستوى 2022، أو على الأقل أن يكون أقل من مستويات إنفاق العام الحالى بالإضافة إلى وضع حد أقصى للنمو السنوى. يقولون إن التجميد المقترح للإنفاق عند مستوى 2023 ليس كافيا. وأشار مكارثى إلى أنه ليس مهتما بحل قصير المدى، وهو رفع حد الدين لأسابيع أو لشهور دون شروط، بينما يعمل المفاوضون على خطة طويلة المدى لتجنب عجز الحكومة عن سداد التزاماتها. أما حكيم جيفريز زعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس النواب فانتقد الجمهوريين بسبب ما وصفه موقف «إما طريقى أو لا بديل، ليس هذا طريق إلى قرار من الحزبين، بل جهد لأخذ هذه الدولة فى نزهة تشريعية محفوفة بالمخاطر».
رابط دائم: