رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كاتب ورواية..
مينا عادل جيد: الرواية كذبة تروى بأقصى صدق ممكن.. وروايتى الأخيرة مرحلة جديدة فى كتابتى

د. مروة الصيفى

بنظرة جديدة لقضايا واقعية يقدم لنا الكاتب مينا عادل إنتاجه الأدبى. فى ثلاثيته عن الأقباط (كنت طفلا قبطيا فى المنيا – نواحى البطرخانة – بيت المساكين) سعى لفهم الذات وعلاقتها بالآخر وحيرة الإنسان بين العلم والإيمان، وأخيرا أتت روايته «جزيرة إلخ إلخ» لتقدم عالما أسطوريا مختلفا تماما عن عوالم أعماله السابقة، وإن كانت تتطرق لنفس الحيرة، يقول لنا فى حواره معنا إنه يعتبرها بداية مرحلة جديدة فى الكتابة بالنسبة له، ويؤكد أنه تعمد الإفراط فى الخيال والأجواء الأسطورية، لأنه كان يرغب بتجريب خياله فى صناعة أجواء عجائبية متفردة، وأن الرواية تحمل العديد من الهواجس التى تراوده بشكل شخصى.

مينا عادل جيد، كاتب شاب من مواليد المنيا عام 1991، تخرج فى كلية الآداب قسم الإعلام بجامعة المنيا، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا فى التنمية الثقافية بجامعة القاهرة. نال كتابُه «كنت طفلًا قبطيًّا فى المنيا»، الصادر عام 2020، جائزة الكتاب الأول فى العلوم الإنسانية فى دورة 2021 من معرض القاهرة الدولى للكتاب، ووصلت مجموعته القصصية الأولى «نواحى البطرخانة» إلى القائمة القصيرة لجائزة نجيب ساويرس، كما صدر له رواية «بيت المساكين». هنا نحاور مينا عادل جيد ونقرأ روايته الأخيرة.

 

عالم التوائم الملتصقة فى رواية جزيرة إلخ إلخ عالم شديدة الإبداع والغرائبية... فمن أين جاءت لك فكرته؟

جاءت من الهواء فى يوم كنت مستلقيا فيه وشاردًا، لم أكن أعرف ما الذى سأكتبه من تلك الومضة، وتطلب الأمر عدة أشهر لأبدأ فى كتابتها، وحين جلست لأكتب، بدأت الصور والشخصيات تأتى من تلقاء نفسها، كما لو كنت فتحت بابا حقيقيًا يؤدى إلى عالم سحرى كان هناك خلفه، يطوق لمن يكتشفه، ينتظر من يرويه، فبدا لى، منذ الصفحة الأولى، وكأن، فور أن رأتنى أول شخصية وذاع الخبر فى جزيرتهم، صاروا يخبرون بعضهم واحدا تلو الآخر كى يأتى آخرون منهم لأكتب عنهم، كان الأمر أشبه بدخول كاميرا التليفزيون إلى منطقة بسيطة مهمشة، والتفاف أهل المنطقة حول المذيع لتلتقط الكاميرا وجوههم ويرونها على الشاشة ولو مرة واحدة فى حياتهم.

فى أعمالك السابقة هناك فكرة التحرر من الزمان والمكان كما فى مجموعتك القصصية نواحى البطرخانة، وكذلك سرد الأحداث فى مجتمع قبطى مثل كتاب كنت طفلا قبطيا فى المنيا، ورواية بيت المساكين، وتبدو «جزيرة إلخ إلخ» مختلفة عنهم فقد جاءت الرواية بعيدة تماما عن خط أعمالك السابقة حيث اتسعت فى عالم من الخيال، ألم تر أنه قد يأخذ القارئ بعيدا عن مغزاها الحقيقي؟

لا يوجد تشابه بين «جزيرة إلخ إلخ» وأعمالى السابقة، ولكن هناك شيئا مشتركا بالتأكيد بين ثلاثيتى عن الأقباط (كنت طفلا قبطيا فى المنيا ـ نواحى البطرخانة ـ بيت المساكين). تمثل جزيرة إلخ إلخ بداية مرحلة جديدة فى كتابتى. لم أكتبها بهدف إيصال مغزى بمعنى رسائل، كنت أرغب فقط فى تجريب خيالى فى صناعة أجواء عجائبية متفردة؛، أى أن أتساعى فى لعبة الخيال هنا كان هدفى ومسعاى من الأساس، إلا أنه أيضا تحمل الرواية العديد من الهواجس التى تراودنى أنا شخصيا، هواجس لولا ذلك العالم العجيب لما اطمأنت وخرجت منى لتضافر بين المشاهد بنعومة، ظهرت من تلقاء نفسها، حين اطمأنت أن ذلك العالم الروائى يمكنه أن يتحملها دون أن تكون مفروضة عليه، أو مقحمة فيه بغير سياق، أو ربما الهواجس نفسها التى بداخلى هى من اختلقت ذلك العالم العجيب منذ البداية وولدته فى لاوعى.

قدمت لنا الرواية واقعا نعيشه بما يحتويه من جانب دينى، وعلمى، وعلاقات اجتماعية فى إطار من الفانتازيا والخيال الخصب، فإلى أى مدى اعتقدت أن الرواية ستكون مقنعة إلى هذا الحد؟

دائما أُعرّف «الرواية» على أنها كذبة تروى بأقصى صدق ممكن فى الدنيا، وإذا لم يصدق الروائى كذبته إلى الحد الذى يختلط عليه الأمر أحيانا بين الواقع والخيال، ويصدق أن شخصياته التى اختلقها بيده تعيش فعلا فى مكان/ زمان ما من الكون، فلن يصدقه أحد. أظن أن الرواية تكون مقنعة لنا نحن القراء حين يكون مؤلفها أول من اقتنع بما حدث فيها، ويحبه.

هل شخصية الراوى الخارجى فى الرواية تمثل شخصية مينا عادل بانحيازه إلى أن الإنسان غالبا نموذج للازدواجية والعالم مملوء بالمتناقضات؟

لا أعرف على أى نحو يمكننى أن أصنف نوع الراوى فى رواية جزيرة إلخ إلخ، هل هو راو عليم؟ هل هو أنا نفسي؟ ولكنى أعرف ـ وهذا واضح لكل القراء ـ إنه راوٍ متعاطف مع الحماقات التى تحدث فى الجزيرة بل ويعاملها على أساس أنها «عين العقل» وهذا لا يمكن استيعابه بمعزل عن عالمنا الذى صار مجنونا بشكل فاق الفانتازيا نفسها.

فى جزيرة إلخ إلخ ناقشت العديد من القضايا الواقعية، فهل كان لديك ما هو «مسكوت عنه» وتحسبت فى سرده؟

لا.. أنا لا أضع على نفسى أى محاذير أو قيود، ولا أغازل أحدا أو مزاجا شعبيا معينا.

لا يخطط مينا عادل لحوار الشخصيات أو ما تمر به من أحداث، فهل استطاعت شخصيات جزيرة إلخ إلخ أن تجيبك عن السؤال الملح حول ماهية الوجود الإنساني؟

هذا سؤال كبير، وفضلا عن كونه سيبقى للأبد بلا إجابة قاطعة أو واحدة، فأنا لا أؤمن بأنه من دور الفن أن يجد أى إجابات حتى لو على سؤال 1 + 1 يساوى كم؟، الفن يسأل، ويتحير، ويجعل الناس دائما فى حالة سؤال.

ـ اللغة فى الرواية رغم كونها فصيحة، لكنها لم تخرج عن لغتنا اليومية... كيف استطعت صياغتها لتخرج بهذه السلاسة؟

ربما بسبب رغبتى فى نحت لغة جديدة لأعبر بها عن نفسى، تشبهنى وتشبه عصرى.

اخترت للرواية نهاية مفتوحة، فإلى أى مدى ترى أن هذا النوع من النهايات يرضى فضول القارئ؟

النهاية المفتوحة تليق بشخصيات وهبوا حياتهم لرحلات عبثية، كلهم تقريبا كانوا يبحثون عن أشياء لا وجود لها، ولا يمكن حصدها أو الحصول عليها تقريبا، فنيا كيف لحيوات كتلك أن يكون لها نهاية مغلقة.

لكل كاتب عمل أدبى أقرب إلى أفكاره، فأى من أعمالك أكثر تعبيرا عنك؟

أحب كل أعمالى الأدبية، وأحب أيضا رحلة تطورى من عمل إلى عمل، ومن التعليقات التى تأتينى من قراء أعمالى وتفرحنى هو تعليق «يعجبنى تطورك من عمل إلى آخر» ولكن لمجموعتى القصصية نواحى البطرخانة عملى الأدبى الأول، احتفاء خاص لأننى معه اكتشفت أننى لدى موهبة تأليف الحكايات، وللأسف هو كتاب لم يكن متوافرا فى أى مكان منذ صدر أول مرة فى ٢٠٢١، وسعيد على نحو خاص من إعادة نشره مع دار العين ليتوافر إلكترونيا على تطبيق أبجد بعد أيام، فأنا أطوق حقيقة لأعرف رأى من قرأوا أعمالى التى جاءت بعده، أعرف منهم كيف يرون تجربتى ككل حتى الآن.

من الملحوظ فى أعمالك تناول القضايا الواقعية، فما الذى تطمح فى الكتابة عنه فى أعمالك القادمة؟

أطمح لرصد التحولات الاجتماعية المصرية العميقة فى السنوات الأخيرة، وروايتى القادمة التى ستصدر قريبا تطمح إلى الإمساك بشيء من تلك التحولات، وفى ظنى أنه شيء خطير.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق