-
أبو الغيط: نتمسك بالمصالح الوطنية لدولنا
-
بن فرحان: نواجه التحديات «صفا واحدا»
ازدانت شوارع مدينة جدة السعودية بأعلام الدول العربية ترحيباً بالضيوف والقادة العرب والوفود المشاركة فى القمة العربية التى وصفت بـ «قمة التجديد والتغيير»، فى ظل مشاركة كبيرة متوقعة للقادة والرؤساء، وشوهدت الأعلام على جوانب الشوارع الرئيسية للمدينة، وعلى مدخل الصالة الملكية المدخل الرئيسى لاستقبال القادة العرب مروراً بطريق الملك عبد العزيز المؤدى لقصر السلام الملكى وأهم الفنادق التى تقيم فيها الوفود.
وقد اختتم أمس الأول فى جدة، الاجتماع الوزارى التحضيرى لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة فى دورته الثانية والثلاثين، والذى ترأّسه الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودى بعد تسلم الرئاسة من الجمهورية الجزائرية، وبمشاركة سامح شكرى وزير الخارجية، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وعدد من وزراء الخارجية العرب، من بينهم وزير الخارجية السورى فيصل المقداد.
وخلال الاجتماع، أعرب أحمد أبو الغيط عن تطلعه لأن تكون القمة ناجحة وعند مستوى تطلعات الرأى العام، وعلى قدر التحديات القائمة، وأن تُقدم حلولاً عربية للمُشكلات العربية، وتُعزز من قوة هذه الكتلة الإقليمية وتماسكها، مشيرا إلى أنه على الرغم من انعقاد القمة فى أجواء مفعمة بالتحديات والأزمات، فإنها تؤشر لانخراط عربى أكبر فى الأزمات والمشكلات.
وقال إن العرب هم من يدفعون ثمن استمرار الأزمات وتعثر الحلول، مشيرا إلى أنه منذ انعقاد قمة الجزائر فى نوفمبر الماضى، مرت الأمة بعدد من الأحداث والتطورات التى تستحق التوقف عندها، ومضيفاً أنه من حسن الطالع أن تنعقد قمتان عربيتان فى أقل من عام فى هذه الظروف التى أقل ما يُقال فى وصفها أنها استثنائية وضاغطة.
وأكد أبو الغيط أن علينا دائماً التشبث بالمصالح الوطنية لدولنا كبوصلة هادية لمواقفنا، قائلا: «علينا الاستمرار فى التحرك والعمل ككتلة موحدة، وتنسق فى المواقف وتتحدث بلسان واحد، فهذا ما يُعطى مواقفنا ثقلاً ويمنحها وزناً ويوفر المظلة الحامية لمنطقتنا من شرور الاستقطاب والصراع فى قمة النظام الدولى»، مشيرا إلى أن البيئة العالمية ما زالت حافلة بالمخاطر والأزمات التى امتدت آثارها وتبعاتها إلى كل بقعة فى العالم تقريبا.
وشدد أبو الغيط على أن الصورة فى المنطقة العربية خلال الشهور الماضية مختلطة، وتحمل بعض المؤشرات المطمئنة، جنباً إلى جنب، مع مخاطر جديدة تُثير القلق الشديد، ففى السودان اندلع نزاع مسلح شهدنا جميعاً مدى خطورته على شعب السودان الذى رُوِّع أبناؤه وواجهوا الموت والتشريد جراء صراع لم يتسببوا فيه، وعلى الدولة السودانية واستقرارها ووحدتها الترابية وسلامة مؤسساتها الوطنية، مؤكدا اعتبار قمة جدة فُرصة يتعين اغتنامها من أجل وضع حد لكافة المظاهر المُسلحة كخطوة أولى نحو استعادة الهدوء والعودة لمسار السياسة، مشيدا بالجهد الكبير للوساطة التى قامت بها المملكة العربية السعودية فى جدة.
وتحدث أبو الغيط عن القضية الفلسطينية قائلا: «الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة يقترب من مرحلة الانفجار، لاستمرار الاحتلال فى إغلاق الطريق أمام التسوية التى تسمح بإنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية وهى الأسباب الرئيسية والجذرية لما يعانيه إخواننا فى فلسطين، وزاد على هذه المعاناة فى الشهور الأخيرة عامل جديد يتمثل فى حكومة اليمين الإسرائيلى التى تُباشر سياسة بالغة التطرف والتهور أدت إلى زيادة منسوب العنف منذ بداية العام الحالى على نحو بالغ الخطورة، وينذر بما هو أسوأ، مشددا على أن مبادرة السلام العربية، بكافة عناصرها، تظل خيارنا الإستراتيجى الأول لإنهاء الاحتلال، ونُحمل الحكومة الإسرائيلية المسئولية عن هذا التدهور الخطير فى الوضع».
وتابع:»بالرغم من أن الأزمات فى سوريا واليمن وليبيا، ما زالت قائمة من دون حل شامل أو تسوية نهائية إلا أنها تمر بمرحلة من الجمود التى تسمح بمقاربات جديدة، وقد حدث بالفعل تحريك للمياه الراكدة فى عدد من هذه الأزمات، واتخذ مجلسكم الموقر قراراً فى ٧ مايو حول سوريا انطوى على مقاربة شاملة للأزمة ومهد الطريق لانخراط عربى أكبر وأكثر فاعلية فى تعزيز التسوية ومعالجة التبعات والآثار التى لحقت بسوريا ودول الجوار فى السنوات الماضية، إن سوريا دولة لها إسهام حضارى بارز فى هذه المنطقة على مر تاريخها، وهى دولة مؤسسة فى هذه الجامعة، وإننا جميعاً نتطلع لتفاعل سورى بنّاء وإيجابى مع هذا الحراك العربى لصالح شعبها، وتعزيزاً لدورها وحضورها.
وأشار أبو الغيط للتطورات الإيجابية فى مواقف دول الجوار وإدارتها لعلاقاتها مع المنطقة العربية، فى إشارة لإيران وتركيا، مشيرا لمعاناة المنطقة العربية، للآثار السلبية الخطيرة للتدخلات فى شئونها الداخلية، ومشددا على العلاقاتٍ التى تقوم على الاحترام المتبادل ومبدأ السيادة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، ومرحبا بالاتفاق الذى تم التوصل إليه بين السعودية وإيران فى بكين بمبادرة من الرئيس الصينى كخطوة لحل الخلافات والنزاعات الإقليمية بالطرق الدبلوماسية.
وكان وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان قد أعرب فى كلمته عن ترحيبه بمشاركة سوريا فى الاجتماع، مؤكدا أن العالم يمر بتحديات وصعوبات، تحتم علينا الوقوف صفاً واحداً، وبذل المزيد من الجهد لتعزيز العمل العربى المشترك من أجل مواجهتها، وإيجاد الحلول المناسبة لها، لتصبح منطقتنا آمنة مستقرة».
وأكد أن المنطقة العربية تزخر بطاقات بشرية وثروات طبيعية تفرض علينا التنسيق المستمر، وتسخير كافة الأدوات الممكنة لها، وتفعيل وابتكار آليات عمل جديدة، تنبذ الخلافات البينية، وترفض التدخلات الخارجية.
واختتم قائلا: «تتطلع المملكة للعمل مع الأشقاء العرب لتعزيز واستقرار أمن الدول العربية، وحشد الجهود والإمكانات للمضى قدماً فى مسار التنمية والازدهار لبناء مستقبل تنعم به الأجيال القادمة، داعياً العلى القدير بأن تحقق قمة جدة التطلعات المرجوة منها.
رابط دائم: