رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

السفير هشام بدر المنسق العام للمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية لـ « الأهرام »: مشروعات «المبادرة» تواجه المشكلات البيئية وتحقق عائدا اقتصاديا

أجرت الحوار إيمان عارف
السفير هشام بدر

المبادرة نقلة نوعية فى طريقة التفكير.. وطرحنا حلولا للتغيرات المناخية وتوطين التنمية المستدامة

 

يعد الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة ومواجهة قضايا التغير المناخي، أحد الأهداف الرئيسية لرؤية مصر 2030، التى تسعى الحكومة حثيثا لتحقيق نتائجها المرجوة، ولعل من أبرز الجهود المبذولة فى هذا المجال، المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التى تحظى برعاية رئاسية، ويتم تنفيذها بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وتحت إشراف وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والسفير هشام بدر هو منسقها العام ورئيس اللجنة التنفيذية، والدينامو المحرك لها، وأخيرا طرحت المبادرة النسخة الثانية منها بعد النجاح الذى تحقق فى نسختها الأولى، وكان مؤتمر المناخ كوب 27 بمثابة منصة ملائمة لعرض منجزاتها، خاصة بعد أن حصلت بعض المشروعات الفائزة فيها ليس فقط على الاعتراف المحلى بكفاءتها ومساهمتها فى دعم الاقتصاد الأخضر، ولكن الأهم الحصول على الدعم والتقدير الدولى اللازم، بعد أن أتيح لهذه المشروعات فرصة المشاركة فى المؤتمر، واعترفت الأمم المتحدة بفائدتها، وحول تقييم هذه المبادرة والجديد الذى تطرحه فى نسختها الثانية والجهود المبذولة للوصول لأكبر عدد من المشاركين، كان اللقاء مع السفير هشام بدر المنسق العام للمبادرة، وفيما يلى نص الحوار:

ما أهمية المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية فى تحقيق وتوطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات؟

بداية، أحب أن أوضح أن هذه المبادرة تعد من أهم المبادرات التى طرحت خلال قمة المناخ كوب 27، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أطلق على هذه الدورة قمة "تنفيذ التعهدات"، وبالتالى هذه المبادرة طرحت كآلية تنفيذ، وهى مبادرة جديدة وغير مسبوقة على مستوى العالم النامى أو المتقدم، لأنه لأول مرة  تقوم دولة بطرح مبادرة تدعو من خلالها المواطنين لتقديم رؤيتهم ومشاريعهم طبقا لاحتياجاتهم وطبقا لفئات معينة، سواء فى مشروعات كبيرة تقدر ميزانياتها بـ200 مليون جنيه، أو مشروعات متوسطة أو صغيرة وناشئة أو مشروعات مخصصة للمرأة أو مشروعات غير هادفة للربح.
ومن ثم، فهذه المبادرة أحدثت نقلة نوعية فى طريقة التفكير فى مصر، حيث إن الأساس فى المشروعات وجود مكونين رئيسيين، الأول: خاص بإدخال عنصر التكنولوجيا، حيث إن أى مشروع لابد أن يحتوى على أى شكل من أشكال التكنولوجيا مثل تطبيق على الهاتف أو الإنترنت، أو أى شكل من أشكال التكنولوجيا البسيطة، والثانى هو المكون الأخضر بمفهومه الواسع بمعنى تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية والتوجه نحو استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة النظيفة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، أى أن هذه المبادرة تقدم حلولا مصرية للتغيرات المناخية. وهذا هو هدفها الحقيقى. فالمبادرة قائمة على توطين التنمية المستدامة، وهدفها الرئيسى يتمثل فى البحث عن المشروعات من قلب المجتمع، ومن المواطن أولا.

ما هى مدى قدرة الحلول الذكية على مواجهة المشكلات المجتمعية باستخدام التكنولوجيا النظيفة؟

أعتقد أن المشروعات الفائزة فى الدورة الأولى أجابت عن هذا التساؤل، حيث اعتمدت الحلول النابعة من البيئة المحلية، فعلى سبيل المثال المشروع الفائز فى محافظة القاهرة فى فئة المرأة هو مشروع " باب رزق"، وفكرته تقوم على  استخدام المخلفات الموجودة فى كل منزل لصناعة الحلى والإكسسوارات. وكذلك الأمر فى المشروع المقدم من محافظة شمال سيناء لمعالجة المياه، أو الخاص بالتصدى لمشكلة سوسة النخيل، الذى تم تبنيه من قبل منظمة الفاو، باعتباره مشكلة تهدد ثروة مصر من النخيل، وبالتالى كل تلك المشروعات قدمت حلولا لتحديات قائمة وأسهمت فى ترسيخ مفهوم الاستدامة، فالمبادرة بمعناها الشامل تقدم حلولا مصرية خالصة للتغيرات المناخية، وفى الوقت نفسه تمثل فرصا استثمارية كبيرة. وهناك مشروعات تتعلق بمعالجة المخلفات وإعادة التدوير وأخرى خاصة بالطاقة الجديدة، وبالتالى فالتكنولوجيا مع هذه الأفكار الجديدة هى فى حد ذاتها حلول ذكية للمشكلات المجتمعية.

كيف واجهت مصر تحديات التغير المناخى ومدى تأثير استضافتها مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ على هذا المضمار؟

أعتقد أن استضافة مصر لمؤتمر المناخ أحدثت نقلة نوعية فى هذه القضية، أولا لأن مصر تصدت لطرح قضايا القارة الإفريقية خلال المؤتمر، ونقلت رسالة مهمة تتعلق بحقيقة أن الدول النامية ليست المتسببة فى التغير المناخى، لكنها الطرف الذى يتحمل النتائج السلبية لهذه التغيرات، ومع ذلك فإن مصر كانت جزءا من الحل بعد أن نجحت قيادتها للمؤتمر فى إنشاء صندوق الخسائر والأضرار. وأعتبر أن المبادرة فى حد ذاتها تعد جزءا من الحلول المطروحة لمواجهة التغير المناخى، ونحن وفى إطار رئاسة مصر الحالية لمؤتمر المناخ، قدمناها لدولة الإمارات  العربية المتحدة، التى ستستضيف القمة القادمة، باعتبارها نموذجا يحتذى به ويمكن للدول الأخرى أن تستفيد منه لتوطين التنمية المستدامة. ولعل استمرارها للسنة الثانية دليل كبير على جدواها، وقدرتها على إيجاد فرص استثمارية تواجه تحديات التغير المناخى، وتفتح مجالات جديدة للاستفادة الاقتصادية للمشاركين فيها. وهى من هذا المنطلق ترد على تساؤلات المواطن العادى حول أهمية مؤتمر كوب 27  لمصر. والإجابة على ذلك أن لدينا مشروعات تواجه المشاكل البيئية وتحقق فى الوقت نفسه مردودا اقتصاديا مثل مشروع "الأيادى الذهبية"، الذى يستخدم القش فى تصنيع منتجات منزلية بديلا عن حرقه والتخلص منه والتسبب فى تلوث البيئة، ومن ثم أدخلت مفهوم المؤتمر لكل بيت فى مصر.

هل بمقدورنا الحديث عن بلوغنا مرحلة الوعى المجتمعى للتكاتف للحد من آثار التغير المناخى والتعامل مع تأثيراته المتنوعة على حياتنا اليومية؟

أحد أهداف المبادرة كان التوعية، إذ لم يكن من اللائق أن تستضيف مصر مؤتمرا عالميا عن المناخ دون أن تكون هناك توعية كافية للمجتمع بهذا الحدث الضخم، وكان من الضرورى ألا يتم ذلك بشكل نظرى فقط، ولكن أن يتم بشكل عملى أيضا. ونحن فى رحلة مستمرة، وقد بدأنا الوعى مع المؤتمر لكن ما زال أمامنا طريق طويل للوصول لمرحلة الوعى الكامل بالقضايا البيئية. فالوعى يتم عن طريق هذه المبادرات وغيرها، ونحن على الطريق الصحيح وعندما نربط عمليات التوعية بالفرص الاستثمارية والمردود الاقتصادي، فإن ذلك يسهم فى الإسراع فى هذه العملية أكثر من أى جهود نظرية.

ما دور المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء فى إتاحة فرص عمل ومكافحة الفقر؟

المبادرة تفتح المجال أمام مشروعات قابلة للتنفيذ، وبعض المشروعات حقق بالفعل نجاحات ملموسة، كما أن بعض الجهات المانحة والمستثمرين اختار مشروعات بعينها تلبى رغبة محددة لديهم. فهذه المشروعات تقدم فرص عمل، لأن من ضمن معايير الاختيار أن يكون أثر المشروع فى منطقته قابلا للتوسع والاستدامة.
ولذلك أدخلنا ضمن المبادرة مفهوم التدريب، وقدمنا بعض المشروعات للأمم المتحدة والجهات المختصة لرفع مستواها كى يمكن عرضها بشكل فنى واضح باللغتين العربية والإنجليزية، وبالتالى يمكن تقديمها للبنك الدولى أو الجهات الأخرى للحصول على التمويل اللازم، ومن ثم تحقيق النجاح على مستوى التشغيل.
ولعل من أهم مكتسبات المبادرة، أنه تم إنشاء شراكات لأول مرة على النطاق المحلى والدولى. وهو ما يمثل دفعة معنوية كبيرة جدا للفائزين. خاصة بعد أن تم تخصيص خمس جلسات للمشروعات الفائزة تم عرضها خلال مؤتمر المناخ فى الأيام الموضوعاتية، على سبيل المثال المشروعات الفائزة فى فئة المرأة تم عرضها فى اليوم المخصص لذلك، فأحد المكتسبات هو إيجاد مشاركات مع الحكومة التى طرحت المبادرة ومع المحافظات التى جاء منها المتسابقون، ثم مع الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، وبالتالى هى تضمن مشاركة كل أطياف المجتمع.

هل توضح لنا خريطة المشروعات الخضراء والذكية بالمحافظات وما حققته من جذب للاستثمارات الداخلية والخارجية اللازمة لها؟

حاولنا منذ البداية أن تكون هناك عدالة فى توزيع المشروعات، وبالتالى كل محافظة لها ستة مشروعات فى فروع المبادرة المختلفة، تتساوى فى ذلك المحافظات الكبيرة والصغيرة مع العاصمة، وهناك تطور جديد، وهو محاولة معرفة مشروع المستقبل لهذه المحافظة وما هى احتياجاتها، وبالتالى سمحنا لكل محافظ أن يقدم مشروعا أطلق عليه "سفير" هو الذى يختاره على عكس المشروعات المتقدمة للمسابقة التى يتبناها المشاركون، وهذه المشروعات تعرض على المستثمرين باعتبارها أولوية للمحافظة، بجانب بالطبع المشروعات النابعة من المواطنين التى تواجه احتياجاتهم الفردية والحلول المقترحة لها القابلة للتنفيذ.

وكيف أسهمت الدورات التدريبية للجان التنفيذية فى ترسيخ المبادرة وبناء القدرات والكوادر اللازمة؟

الدورات التدريبية تعد ضرورية للغاية فى تدعيم أهداف المبادرة، وقد عقدنا خلال الفترة الأخيرة نحو  4 دورات تدريبية للجان كلها عن طريق الواقع الافتراضي. إلى جانب الدورات التى تتطلب حضور المشاركين، وتعقد حاليا جلسات "تدريب للمدربين" لكل اللجان المنوط بها تقييم المشروعات فى مختلف محافظات مصر. وهى دورات مهمة للغاية، لأنها ترفع من مستوى المشاركين والمدربين، وتسهم فى إيجاد كوادر جديدة للتقييم والتدريب، وتوضيح مفهوم الاقتصاد الأخضر وكيفية تقدم المشروعات للمبادرة، ومعايير الاختيار والتقييم وما إلى ذلك.

ما هو حجم إسهام السيدات فى الانتقال للاقتصاد الأخضر وتلبية احتياجاتهن منه؟

إسهامات المرأة فى هذا المجال كبيرة جدا، ويكفى أن أقول إن من بين 6 آلاف مشروع تقدمت فى الدورة الأولى للمبادرة كان هناك ألف مشروع فى الفئة المخصصة للمرأة وهو ما يعد بداية قوية جدا، وأود أن أوضح هنا ماذا نعنى بمشروعات خاصة بالمرأة؟ هى مشروعات تتقدم بها سيدات، ويكون القائمون عليها من السيدات وتخدم أهداف المرأة فى محافظتها، وتعزز بناء القدرات للعاملات فى المشروع.
ولاحظنا أن بعض المشروعات التى تقدمت كان ينقصها على سبيل المثال المكون الذكى، فقام المجلس القومى للمرأة بمساعدة المتقدمات للتغلب على هذا النقص. وبالتالى  كان الهدف التأكيد أن المرأة المصرية جزء من الحل، وأن تخصيص فرع مستقل من المبادرة لها دليل على الإيمان بقدرتها، كما أنها مشاركة أيضا فى كل الفروع الأخرى مثل المشروعات الناشئة وما إلى ذلك.

ما هى مستجدات الدورة الثانية من المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية؟

هناك العديد من المستجدات فى هذا الإطار، فلأول مرة فى مصر أصبحت هناك قاعدة بيانات للمشروعات الخضراء الذكية، وقبل ذلك كان المستثمرون يواجهون صعوبة فى إيجاد هذه المشروعات، خاصة المستثمرين المهتمين بالتعاون مع القطاع الخاص، الأمر الآخر أنه ولأول مرة تم وضع خريطة جغرافية لهذه المشروعات فى جميع المحافظات، وليس فقط قاعدة بيانات بتفاصيل المشروعات، فإذا كان هناك مستثمر يرغب فى الاستثمار فى مشروع صغير على سبيل المثال فى أسوان أو دمياط، سيجد بالتأكيد ضالته من خلال المعلومات التفصيلية المتاحة التى وفرتها المبادرة. الأمر الآخر الجديد، أن الجامعات دخلت بقوة فى المبادرة، بدعم من  وزير التعليم العالى الدكتور أيمن عاشور، لتكون جزءا من المبادرة، خاصة أن الجامعات لديها مشروعات قيمة وقابلة للتنفيذ. وكذلك دخول وزارة الشباب والرياضة، حيث قرر الدكتور أشرف صبحى  إدخال جميع مراكز الشباب فى هذه المبادرة بهدف التوعية، وبالتالى أصبحت هناك شبكة تضم الجامعات والشباب، بل ونقوم بتدريب أصحاب المشروعات الذين وصلوا للتصفيات النهائية بمشروعات تستحق التشجيع ولكنهم لم يفوزوا، لأنه إذا كان هناك مشروع على سبيل المثال مكتمل بنسبة 70%،  فالتدريب يتيح له تحسين المشروع وتطويره ليكتمل، وبالتالى يكون لديه فرصة للفوز. فضلا عن استمرارية المبادرة، وتحسين معايير الاختيار بناء على الدروس المستفادة من التجربة الأولى.

ما هو دور المجتمع المدنى والقطاع الخاص فى تنفيذ المبادرة بمرحلتيها الأولى والثانية؟

هناك دور مهم لكل منهما سواء فى دعم المبادرة أو تنفيذها. وهناك العديد من الشراكات مع الممثلين لهذه الجهات، سواء كانت من الشركات الكبرى أو اتحاد الصناعات أو البنوك. بل إن المبادرة تسعى للتواصل مع المؤثرين والمدونين للترويج لها على نطاق واسع.

وعلى سبيل المثال، هناك بعض البنوك التى تواصلت معها المبادرة لتمويل المشروعات الفائزة، طلبت الاطلاع على كل المشروعات المقدمة، فكل المؤسسات المالية والتمويلية مهتمة للغاية بهذه القاعدة من المعلومات. لأن البنوك الدولية منحت المؤسسات المالية فى مصر إسهامات مالية مخصصة للمشروعات الخضراء فى إطار الاقتصاد الأخضر. وبالتالى من المنتظر أن تتواصل هذه البنوك ليس مع أصحاب المشروعات الفائزة فقط ولكن كذلك مع كل المشروعات، لاستخدام هذا التمويل الذى حصلت عليه.

وأشير فى هذا الصدد إلى أنه من ضمن الإنجازات  التى تحققت لـ18 مشروعا الفائزة فى الدورة الأولى للمبادرة، تبنى البنك الأوروبى للبنية التحتية والتطور ستة مشروعات، ويعمل البنك الدولى مع مشروعين، وكذلك منظمة الفاو تعمل مع مشروعين آخرين، وبرنامج الأمم المتحدة للمرأة والمجلس القومى للمرأة يعمل مع ثلاثة مشاريع أخرى، وكذلك بنك مصر وجامعة عين شمس والجامعة اليابانية، وبجانب التكريم المحلى والدولى، هناك أيضا الجوائز المالية الضخمة، حيث بلغت قيمة الجائزة الأولى 750 ألف جنيه، والثانية 500 ألف جنيه، وهناك بالفعل ثلاثة مشروعات بالفعل تعمل بكفاءة، وهو ما يعد تشجيعا للموجة الجديدة فى التصنيع التى بدأت فيها معظم الدول الأوروبية تشترط استخدام الطاقة النظيفة والتكنولوجيا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق