رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى سباق التكنولوجيا النظيفة
كندا.. مفتاح أمريكا للقضاء على هيمنة الصين

إعداد ــ شيماء مأمون
رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو خلال تفقده أحد مصانع السيارات الكهربائية

فى الوقت الذى تمثل فيه خطة إدارة بايدن الطموحة لجعل الولايات المتحدة قوة عظمى فى مجال الطاقة النظيفة تحديا كبيرا للبلاد، تمتلك كندا المعادن اللازمة لتصنيع السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وتقنيات الطاقة النظيفة الأخرى. لذلك فمن المتوقع أن يصبح ملف هيمنة الصين على مجالات التكنولوجيا النظيفة واحدا من أهم الموضوعات التى سوف تطرح للنقاش بين الرئيس الأمريكى جو بايدن ورئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو خلال زيارته الحالية لكندا.

يُنظر إلى كندا الغنية بالموارد اللازمة للحصول على الطاقة النظيفة على أنها شريك طبيعى للولايات المتحدة فى محاولة لتخفيف الاعتماد على الصين. ففى العام الماضى، انضمت العاصمة الكندية أوتاوا إلى شراكة أمن المعادن التى تقودها الولايات المتحدة مع ثمانى دول أخرى والاتحاد الأوروبي. كما يمكن أيضًا أن تلعب الموارد الكندية دورًا فى الوقت الذى يمضى فيه بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قدما فى الجهود المبذولة لتعزيز سلاسل توريد المعادن الهامة.

الآن، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على مساعدة كندا لزيادة إنتاج الليثيوم والكوبالت والمغنيسيوم والمعادن الأخرى حتى تتمكن من منافسة الصين التى تحتل الصدارة فى تصنيع معظم التقنيات منخفضة الكربون، حيث إنه من المحتمل أيضا أن تحصل كندا على أموال بموجب قانون الإنتاج الدفاعى الأمريكى للمساعدة فى تطوير قطاعات المعادن المهمة، الذى من شأنه أن يساعدها على جذب المزيد من استثمارات القطاع الخاص، خاصة إذا كان البنتاجون سيلتزم بتخزين بعض المعادن المهمة المنتجة فى كندا للحماية من الحظر الصيني.

من المتوقع أنه خلال السنوات المقبلة سوف يزداد الاعتماد الاقتصادى الأمريكى على المعادن بشكل كبير، خاصة أنها تبذل قصارى جهدها نحو تقليل انبعاثات الكربون. ورغم أن هناك إمكانية بأن تكون الولايات المتحدة منتجا مهما لليثيوم عالميًا، فإنه من المحتمل أن يكون هناك بعض الاعتماد الحقيقى والمستدام على الواردات من الخارج فى المستقبل. وتقدر وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس أن الطلب على المعادن الحيوية يمكن أن يزيد بنسبة 400 % إلى 600 % بحلول عام 2040، اعتمادًا على كيفية تحرك الحكومات بقوة لتقليل انبعاثات الكربون التى تساهم فى تغير المناخ العالمي.

يرجع جزء كبير من هذه الجهود إلى التحول إلى السيارات الكهربائية، والتى تتطلب ستة أضعاف (أو 600 %) مدخلات معدنية أكثر من السيارات التقليدية. لكن تكثيف الإنتاج بسرعة ليس بالأمر السهل، حيث أشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن متوسط الفجوة يبلغ 16.5 عام بين اكتشاف مورد معدنى والقيام بإنتاجه لأول مرة. وصرح وزير الموارد الطبيعية الكندى جوناثان ويلكينسون للصحفيين فى المعهد الكندى للشئون العالمية يوم الأربعاء الماضى قائلا: «سيكون هناك كثير من المحادثات حول المعادن المهمة». موضحا «إنها منطقة مهمة حقًا، وهى ليست فقط الكوبالت والليثيوم والجرافيت، إنها أيضًا أشياء مثل اليورانيوم ودورة الوقود النووى».

وفقًا لوكالة الطاقة الدوليةاستحوذت الصين والكونجو الديمقراطية على حوالى 70 % و60 % من الإنتاج العالمى من الكوبالت والعناصر الأرضية النادرة، على التوالى فى عام 2019. وتبلغ هيمنة الصين على التكرير العالمى حوالى 35 % للنيكل، و50 إلى 70 % من الليثيوم والكوبالت، وما يقرب من 90 % للعناصر الأرضية النادرة. كما قامت الشركات الصينية أيضًا باستثمارات كبيرة فى الأصول الخارجية فى أستراليا وتشيلى والكونجو وإندونيسيا، مما منحها المزيد من القوة فى هذا المجال .

تعد كندا هى الدولة الغربية الوحيدة التى لديها وفرة من الكوبالت والجرافيت والليثيوم والنيكل، وهى المواد الضرورية لتصنيع السيارات الكهربائية وبطارياتها. كما أنها ثانى أكبر منتج للنيوبيوم فى العالم، وهو معدن مهم لصناعة الطيران، ورابع أكبر منتج للإنديوم ، وهو أحد المدخلات الرئيسية فى أشباه الموصلات والعديد من المواد اللازمة لتصنيع المركبات المتقدمة . ومع ذلك، كانت أوتاوا تبحث عن دليل قوى لاستعداد الولايات المتحدة لمساعدة كندا فى تطوير قطاع معالجة المعادن المهم، والذى سيوجد المزيد من الوظائف والدخل أكثر من مجرد التنقيب عن المعادن. وتقول لويز بليز، كبيرة مستشارى مجلس الأعمال الكندي: «كندا ليست مهتمة فقط بتصدير خام لتلك المعادن بل تود أن تقوم باستغلالها بطريقة قارية فى سلسلة التوريد لتعزيز قطاع التصنيع للبلاد». لذا تأمل كندا فى ضخ أموال من الحكومة الأمريكية من شأنها أن تساعد فى إطلاق استثمارات القطاع الخاص لتطوير مناجم جديدة ومنشآت معالجة. ويرى كولين روبرتسون، الدبلوماسى الكندى السابق بأن بلاده سوف تحتاج إلى المساعدة الأمريكية والتمويل فى كل من التعدين وتطويرها وتكريرها، وسترغب فى الحصول على ائتمان بموجب اتفاقية باريس للمناخ لما تقوم به.

ومن جانبها وجهت الإدارة الأمريكية وزارة الدفاع للاستفادة من قانون حماية البيانات فى حقبة الحرب الباردة منذ ما يقرب من عام لدعم إنتاج ومعالجة المعادن، بما فى ذلك الليثيوم والنيكل والكوبالت والجرافيت والمنجنيز. وقال تيموثى فوكس، نائب الرئيس ومحلل الأبحاث: «الأمر يتعلق بالمساندة القريبة ودعم الأصدقاء» ، مضيفًا: «من المرجح أن تعتمد الولايات المتحدة على دول أخرى لإمداد المعادن المهمة، لكن هذا لا يعنى أنها يجب أن تعتمد على دول غير صديقة». كما صرح قال جيف جورجينسن، المتحدث باسم البنتاجون، فى بيان إن «الوزارة تواصل استخدام السلطات بموجب إدارة الشئون السياسية لضمان «مرونة» سلاسل التوريد المهمة، بما فى ذلك الإلكترونيات وتخزين الطاقة والمعادن والموادوالتقنيات اللازمة للحفاظ على أمننا القومى وتعزيزه»، مضيفًا أن الصناعة الكندية مؤهلة للتقدم بطلب للحصول على تمويل من خلال فرصة التمويل الحالية.

يظل السؤال الرئيسى هو ما إذا كانت الولايات المتحدة والحكومات الأخرى ستوفر ما يكفى من التمويل الحكومى وأدوات التخلص من المخاطر لتحفيز الاستثمارات اللازمة للوصول إلى نمو العرض الضرورى لتحولات الطاقة، خاصة فى ظل قلق كندا بشأن الإعانات الواردة فى قانون خفض التضخم الأمريكى لجذب إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية إلى الولايات المتحدة ، على حساب الدول الأخرى التى ترغب أيضًا فى تطوير الصناعة.

ردا على هذه الضغوط، وضعت الحكومة الكندية إستراتيجية حددت 31 من المعادن المهمة التى تريد المساعدة فى تطويرها وكشفت النقاب عن ميزانية العام الماضى التى تضمنت 3.11 مليار دولار للقطاع. فى الوقت نفسه يتم وضع التشريعات اللازمة من خلال البرلمان والتى من شأنها أن تشدد القواعد لمنع الشركات الأجنبية المملوكة للدولة من الاستيلاء على شركات المواد الخام الكندية.

ويرى المسئولون عن صناعة التعدين فى الولايات المتحدة أن كل أداة ستكون ضرورية لتعزيز الأمن القومى والتخلى عن الصين. لكن فى الوقت نفسه لايزالون قلقين أيضًا من أن استمرار إدارة بايدن فى احتضان الموردين الأجانب يأتى على حساب زيادة العرض محليًا. وتقول كاتى سوينى، نائب الرئيس التنفيذى ومدير العمليات الرئيسى فى الرابطة الوطنية للتعدين، إن الحلول يجب أن تشمل التحالفات الإستراتيجية، مثل كندا الغنية بالمعادن، ولكن يجب أن تشمل أيضا زيادة الإنتاج والمعالجة فى الولايات المتحدة.

  •  دوج بالمر وكلسى تامبورينو ـ صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق