رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إستراتيجية الولايات المتحدة فى منطقة المحيط الهادئ

إعداد ــ دينا كمال
‎رئيس الوزراء البريطانى سوناك ونظيره الأسترالى ألبانيز والرئيس الأمريكى بايدن خلال مناقشة تحالف «أوك

يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تدخر أى جهد لمواجهة النفوذ الصينى الذى يبدو وأنه يتسع بصورة كبيرة بمرور الوقت. ومن هنا جاء إعلان كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة مؤخرا، تقديم المساعدة لأستراليا فى تطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكرى الغربى فى منطقة المحيط الهادئ. يأتى ذلك من خلال اتفاقية أمنية ثلاثية تم إبرامها بين الدول الثلاث تحت اسم « أوكوس».

وعلى الرغم من أن الإعلان المشترك لرئيس الوزراء الأسترالى ورئيس الوزراء البريطانى والرئيس الأمريكى، لم يذكر أى دولة أخرى بالاسم، فقد ذكرت مصادر فى البيت الأبيض، أنه مصمم لمواجهة نفوذ جمهورية الصين الشعبية فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، وهو توصيف يتفق معه المحللون. وقد وُصفت الاتفاقية بأنها «خليفة» لاتفاق أنزوس الأمنى الحالى بين أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة، مع تهميش نيوزيلندا بسبب حظرها للطاقة النووية.

تغطى الاتفاقية الجديدة، أوكوس، مجالات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعى والحرب الإلكترونية والأنظمة تحت الماء وقدرات تسديد الضربات بعيدة المدى. ويتضمن أيضًا مكونًا نوويًا، ربما يقتصر على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بشأن البنية التحتية للدفاع النووي. واعتبر المحللون السياسيون أن اتفاقية أوكوس بمثابة «لحظة الإنشاء» لإستراتيجية الولايات المتحدة فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ. ولكن على الرغم من مخاوف الصين ، فإن الاتفاقية ليست اتفاقية احتواء على غرار حلف الناتو، بل تعد أكثر مرونة وتكيفًا.

ولم يناقش الرئيس بايدن القوة العسكرية المتنامية للصين، والتى تعد الدافع الواضح لإبرام تلك الاتفاقية الجديدة، فى الإعلان عن الاتفاقية فى سان دييجو. وكان يحيط به رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك ورئيس الوزراء الأسترالى أنتونى ألبانيز ، مع غواصة ضخمة ، يو إس إس ميسورى ، فى الخلفية، ولكن إكتفى بقول «هذا المشروع الأول قد بدأ للتو، وهناك المزيد من الشراكات والمزيد من الإمكانات، فالمزيد من السلام والأمن فى المنطقة ينتظرنا.»

وقال مستشار الأمن القومى جيك سوليفان، فى وصف اتفاقية بناء الغواصات التى أعلنها الزعماء الثلاثة، أن الدول الثلاث لا تتطلع إلى إنشاء حلف شمال الأطلنطى فى المحيطين الهندى والهادئ، ولكن تدور اتفاقية أوكوس حول مشاركة تكنولوجيا الدفاع ، كما أنها تعد جزءا من سلسلة من الشراكات الأمنية المتداخلة فى المنطقة.

وتعد الإستراتيجية الأمريكية الناشئة لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ شيئا مختلفا، فحلف الناتو هو تحالف معاهدة رسمى مع عدد كبير من البلدان، التى غالبًا ما كان ترابطها الفعلى أقل مما يعلن عنه. أما الأوكوس فهى مجموعة من الائتلافات لتلبية الاحتياجات المختلفة، لذا تعد تحالفا دفاعيا قويا.

يتم وصف السياسة الأمريكية الجديدة فى آسيا على أنها نوع من أنواع الإجراءات الدفاعية فى المنطقة، أى شبكة تربط مجموعات مختلفة من البلدان التى تقلق جميعها بشأن الصين وبشأن تناميها وتنامى نفوذها على المستوى الدولى . وفى قلب ذلك تقع اليابان ، والتى أصبحت أهم حليف لأمريكا فى المنطقة حيث إنها تحتضن فكرة إعادة التسلح.

ومن هنا تظهر العديد من مثلثات القوة: تساعد الولايات المتحدة اليابان فى إصلاح العلاقات مع كوريا الجنوبية وتشكيل علاقة أمنية ثلاثية قوية. تساعد اليابان الولايات المتحدة على تحسين العلاقات مع الفلبين، الدولة التى كانت تميل إلى الصين ولكنها سئمت من أن يتم السيطرة عليها من قبل بكين. كما تتطور علاقات مماثلة لربط الولايات المتحدة واليابان بدول مثل فيتنام وإندونيسيا.

ويشير بعض الخبراء ،إلى أن السياسة الأمنية الآسيوية السابقة التى كانت تتبناها الولايات المتحدة كانت عبارة عن سلسلة من التفاعلات الثنائية بين واشنطن وحلفائها، ولكن الآن يتم العمل على تشجيع المزيد من الاتصالات على مستوى من المحاور. ووصف البعض نموذج المحيطين الهندى والهادئ بأنه يشبه إلى حد كبير اللعبة الآسيوية الكلاسيكية» جو»، مع موجات من التقدم والتراجع ، بدلاً من الضغط على قوة دفع قوية. وتعتبر اتفاقية أوكوس مهمة لأنها تجلب بريطانيا، القوة الأوروبية، إلى خطط الدفاع الأمريكية طويلة المدى لآسيا. وستشارك الولايات المتحدة التكنولوجيا النووية الحساسة لتوفير غواصات هجومية لأستراليا وزيادة الأسطول البريطاني. كما أن بريطانيا ستتلقى أولى غواصات أوكوس فى أواخر 2030 ، وستحصل عليها أستراليا فى الأربعينيات من القرن الحالى . وفى غضون ذلك ، ستزود أمريكا أستراليا بما يصل إلى خمس غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية بدءًا من عام 2032.

وستشمل «الركيزة» الثانية لاتفاقية أوكوس مشاركة تقنيات الدفاع المتقدمة الأخرى بين الدول الثلاث وربما مع شركاء آخرين، مثل اليابان. وقال أحد المسئولين فى الإدارة الأمريكية إن هذه التقنيات ستشمل الطيران فوق الصوتى، والذكاء الاصطناعى، والحرب تحت سطح البحر، والأسلحة الإلكترونية، والأنظمة المستقلة، والحرب الإلكترونية.

ومع هذا، تعد الحلقة المفقودة فى هذه الإستراتيجية الكبرى هى السياسة الاقتصادية. لقد ازدرت إدارة بايدن التحالف التجارى المعروف باسم الشراكة عبر المحيط الهادئ ، لكنها لم تتوصل إلى أى شيء قوى ليحل محله. وعزز الإطار الاقتصادى الهندى والمحيط الهادئ، من أجل الرخاء الذى أطلقه بايدن العام الماضى سلاسل التوريد. لكنها لم تحقق أهدافًا أوسع، مثل الاتفاقية الرقمية التى من شأنها تشكيل الاستثمار التكنولوجى والتنمية.

لذلك، يحتاج بايدن إلى إدراك أن شركاء أمريكا فى آسيا يعتمدون على التجارة. كما يحتاج إلى أن يبرهن على استعداده لتحدى المقاومة السياسية للتجارة فى الحزب الديمقراطى ويظهر للشركاء الآسيويين، أن أسواق الولايات المتحدة ستظل مفتوحة أمام صادراتهم وسيتم إضعاف بعض فوائد الإستراتيجية الجديدة للمنطقة.

  • ديفيد إيجناتيوس ـ صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق