«الفقر أصبح معضلة كبرى» عبارة مؤلمة شددت عليها الأمم المتحدة خلال احتفالاتها الأخيرة فى أكتوبر الماضى باليوم العالمى للقضاء على الفقر، بعدما أكدت المنظمة العالمية أنها رغم جهودها المستمرة للقضاء على الفقر المدقع حول العالم بحلول 2030 ، يظهر الواقع نتائج مخيبة للآمال ، حيث لايزال أكثر من مليار و300 مليون شخص حول العالم يعانون من فقر «متعدد الأبعاد» بشكل يحرمهم من أبسط حقوقهم فى العيش بكرامة. ولاتزال الأعداد فى زيادة.
فالصدمات التى تلقاها الاقتصاد العالمى الواحدة بعد الأخرى خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى رأسها جائحة كورونا والحرب الدائر رحاها فى الشرق الأوروبى بين روسيا وأوكرانيا، عقدت المسيرة العالمية للقضاء على الفقر، وهوت بملايين أكثر- نحو 90 مليونا-تحت براثن وحش الفقر الذى لايرحم، مما دفع المنظمة العالمية لاعتبار عامها الماضى الأسوأ فى محاربة الفقر.
وهنا تتجه الأنظار العالمية للجهود المدنية و المؤسسات الخيرية سواء فى الداخل أو الخارج للتخفيف من وطأة العبء الثقيل عن المواطنين والمنظمة الدولية. فالأزمة أصبحت أكبر من أن تستطيع جهة واحدة التصدى لها بشكل منفرد.
وفى هذا الصدد، استطاع الكثير من المؤسسات والمنظمات تقديم نماذج مشرفة يحتذى بها ، مثل مؤسسة «إسلامك ريليف»، التى بدأت أعمالها فى أوروبا منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضى. واستطاعت الآن الوجود فى أكثر من 40 دولة حول العالم، عبر فريق ضخم يتجاوز الـ 3 آلاف شخص.
فبالرغم من الاسم الذى يشير إلى هوية المؤسسة، وشعارها الذى يأتى على هيئة قبة مسجد ومنارتين، لا تقتصر خدماتها وبرامجها على دعم المسلمين فحسب حول العالم، بل تشمل جميع « المحتاجين» أيا كانت هوياتهم أو انتماءاتهم الدينية.
فى الوقت نفسه، توفر المنظمة نافذة لمسلمى أوروبا لتوجيه زكاتهم وصدقاتهم خلال العام لمستحقى المساعدة، ولا سيما فى شهر رمضان، حيث ينشط العديد من البرامج والحملات، التى تحمل أسماء مثل « زكاة الفطر» ، « هدايا العيد»، «زكاة»، «كفارة» وغيرها.
من المؤسسات الرائدة أيضا فى أوروبا، وتحديدا فى ألمانيا، ما يعرف بالمجلس الألمانى – العربى « داتس» ، الذى يضم تحت لوائه نحو 37 منظمة خيرية عربية وألمانية.
فإلى جانب حملات التبرعات المختلفة، التى ينظمها المجلس بين الحين والآخر لدعم المحتاجين، كتلك الأخيرة التى استهدفت ضحايا زلزال تركيا وسوريا، يساهم المجلس فى تعزيز اندماج الجاليات العربية الموجودة فى البلاد فى المجتمع الألمانى والأوروبى.
ولعل أبرز وأشهر مشروعات المجلس فى هذا الصدد، يوم الإفطار الجماعى الذى تم تنظيمه العام الماضى بآخر أيام شهر رمضان فى شارع «زوننآليه»، أو ما يعرف بشارع العرب، بالعاصمة الألمانية برلين.
فنجاح الحدث الضخم، الذى وفد إليه نحو 2500 شخص من جميع أنحاء أوروبا، سواء مسلمين أوغيرهم، دفع برلمان برلين إلى السماح بتنظيمه كل عام، بسبب أجواء البهجة التى أضفاها على المكان، ولتعزيز الواجهة الثقافية للعاصمة الألمانية.
الأمثلة كثيرة، والقائمة لا تزال ممتدة لدى الحديث عن المنظمات الخيرية فى أوروبا ومجهوداتها. فألمانيا وحدها،على سبيل المثال، تضم أكثر من 600 منظمة، تدعم فئات وقضايا مختلفة ، إلا أن هذا لا يمنع أن العالم لا يزال ينتظر الأكثر، ولاسيما من دوله الأكثر ثراء. فبينما، يعد الاقتصاد الألمانى الأكبر فى أوروبا ، تأتى البلاد فى المرتبة الـ 18 كأكثر دول العالم إنفاقا على الأعمال الخيرية!.
رابط دائم: