لرمضان فى سوريا هذا العام مذاق حزين ومرارة، تغلفها ذكرى الزلزال المدمر بمنطقة شرق المتوسط الذى ضرب تركيا وسوريا فى ٦ فبراير الماضى وخلف آلاف القتلى والجرحى وملايين المتضررين. وبالرغم من توالى المساعدات الإنسانية التى تأخرت بسبب العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، إلا أن الأمم المتحدة كشفت عن فجوة هائلة بين المساعدات التى تم تقديمها بالفعل مقارنة بما تحتاجه المناطق المتضررة. وبحسب هؤلاء، فحتى الآن تم تأمين ٣٨٪ فقط من النداء العاجل الذى تم إطلاقه من أجل سوريا.
والواقع، أنه مع تضاؤل حجم المساعدات المقدمة لهؤلاء الناجين وفى ظل هذه الإحصائية المفزعة. بالإضافة، لوضع الاقتصاد السورى الصعب جداً بسبب الحرب والعقوبات هناك أزمة حقيقية تتمثل فى عدم إيصال الدعم الكافى لآلاف الأسر المنكوبة وبقى الكثير منهم فى العراء بلا مأوى. وبينما، تكافح دمشق لإيواء وتأهيل منازل المتضررين والبنى التحتية ودعم سبل العيش هناك اتهامات جدية للمجتمع الدولى بالتقاعس عن حمايتهم وتقديم الدعم الكافى لهم، ومعاقبة الشعب السورى سياسياً وهو أمر ظهر جلياً حين أعلن الاتحاد الأوروبى عن تأجيل انعقاد مؤتمر المانحين الدوليين، الخاص بدعم ضحايا الزلزال المدمر مرجعاً ذلك لـ«الظروف غير المتوقعة» وعقده فى وقت لاحق بعد تزايد الإنتقادات.
وبعيداً عن المساعدات والتضامن العربى، فإن تأخر دخول المساعدات الإنسانية الدولية وقرار رفع العقوبات لمدة ١٨٠ يوما لتسهيل دخولها إلى المناطق المنكوبة فى سوريا أمر لا يبرره سوى أن الأمم المتحدة كانت فى حالة شلل بانتظار قرار من مجلس الأمن وضوء أخضر من الولايات المتحدة. وهو ما اعترف به منسق الإغاثة فى حالات الطوارئ لدى الأمم المتحدة مارتن جريفيث حين زار معبر باب الهوى الحدودى بين تركيا وشمال غربى سوريا بعد أسبوع من الكارثة. وقال فى تغريدة عبر تويتر، إن الأمم المتحدة «خذلت الناس فى شمال غربى سوريا، والذين يحق لهم الشعور بأنهم منسيون. لقد انتظروا إغاثة دولية لكن من دون جدوى». أيضاً حمل خبراء قانونيون المنظمة الدولية مسئولية ارتفاع أعداد القتلى، قائلين إن وفيات كثيرة جراء الزلزال كان يمكن تفاديها لو أن الأمم المتحدة احتكمت لتفسير آخر أكثر رحابة لنصوصه يسمح لها بالوصول إلى المنكوبين فى شمال غربى سوريا.
وبعد مرور مرحلة الصدمة وبدء مرحلة الحديث عن إعادة الإعمار والكشف الميدانى لحصر الأبنية المتصدعة والمتهدمة فالثابت أن سوريا فى حاجة لأموال ضخمة، حيث يقدر البنك الدولى الخسائر المادية المباشرة فى شمال سوريا بنحو ٥٫١ مليار دولار. ولا يمكن لسوريا التى يعانى اقتصادها من تدمير شامل ويرزح تحت عقوبات دولية مفروضة عليها أن تعتمد على مواردها المحدودة فى الوقت الحالى فقط تمكنها القيام بعمليات الترميم الجزئية للأبنية المتضررة، لكن لا يمكن البدء بعمليات إعادة الإعمار قبل تأمين الموارد المالية اللازمة . ولمساعدة سوريا يحتاج المجتمع الدولى فى الوقت الحالى لأن يتغاضى عن كل الحسابات السياسية ويتحد أمام الكارثة ومد يد العون ليتجاوز المتضررين محنتهم الصعبة.
رابط دائم: