فى أول أيام شهر رمضان المبارك، اقتحم عشرات المستوطنين، باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية، وأدَّوا طقوسا تلمودية فى باحات المسجد وبالقرب من أبوابه.
وأوضحت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا» أن «شرطة الاحتلال قامت بحماية مجموعات المستوطنين إلى حين انتهاء اقتحامهم، كما تمركزت عناصرها قرب أبواب الأقصى وفرضت قيودا على المصلين وفتشتهم ودققت فى بطاقاتهم الشخصية».
وفى السياق نفسه، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الشاب الفلسطينى أمير عماد أبو خديجة «٢٥ عاما» برصاص القوات الإسرائيلية خلال اقتحامها طولكرم، ونقلت «وفا» عن أمين سر حركة فتح فى شوفة مراد دروبى قوله إن «قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت عزبة شوفة جنوب شرق طولكرم، وأغلقت مدخلها الرئيسى ومنعت المركبات والمواطنين من المرور، وحاصرت منزلا كان يتحصن داخله الشاب أبو خديجة».
وترتفع بذلك حصيلة الشهداء الفلسطينيين منذ مطلع العام الحالى إلى ٩٠، بينهم ١٧ طفلا، وسيدة.
ووسط تنديد دولى واسع بمصادقة الكنيست الإسرائيلى على مشروع قانون يسمح بعودة المستوطنين إلى مستوطنات فى الأراضى الفلسطينية كان قد تم تفكيكها فى ٢٠٠٥، أعلن وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن أنّه أخذ علماً بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو أنّه ليست لدى حكومته «أيّ نيّة» لإعادة بناء المستوطنات الواقعة فى شمال الضفة الغربية المحتلة والتى أخلتها إسرائيل منذ سنوات.
وخلال جلسة استماع فى مجلس الشيوخ، قال بلينكن: «ممّا فهمته، فقد قال رئيس الوزراء نيتانياهو إنّه ليست لديهم أيّ نيّة للمضى قدماً فى التصاريح التى على ما يبدو أنّهم حصلوا عليها».
وجاء تصريح نيتانياهو غداة احتفال مستوطنين بإلغاء الكنيست بنوداً من القانون الذى صدر فى ٢٠٠٥، عندما انسحبت إسرائيل بشكل أحادى من قطاع غزة بالإضافة إلى أربع مستوطنات فى شمال الضفة الغربية.
والقانون الذى أقرّ فى ٢٠٠٥ منع الإسرائيليين من البقاء فى تلك المناطق، لكنّ التعديل الذى تمّ تمريره فى الكنيست ليل الإثنين-الثلاثاء يسمح لهم بالعودة إلى تلك المستوطنات القريبة من مدينة نابلس فى شمال الضفة.
وخلال جلسة الاستماع، فى مجلس الشيوخ سأل السيناتور الديمقراطى كريس فان هولين وزير الخارجية عمّا إذا كان يدين التصريحات التى أدلى بها وزير المال الإسرائيلى بتسلئيل سموطريتش فى باريس، الأحد الماضى، والتى أنكر فيها وجود الفلسطينيين كأفراد وكشعب، وردّاً على سؤال السيناتور الديمقراطى، اكتفى بلينكن بالقول: «نعم».
كما دعا السيناتور إدارة الرئيس جو بايدن إلى تشديد مواقفها تجاه حكومة نيتانياهو، الأكثر يمينية فى تاريخ إسرائيل، فى وقت تحجم فيه الولايات المتحدة عن إدانة حليفتها التاريخية علناً.
وقال فان هولين: «نحن نبدو ضعفاء عندما نرى، مراراً وتكراراً، إجراءات لا تتّفق مع مواقفنا تُتّخذ ولكنّها تبقى دون عواقب». وكان المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل قال إنّ «الولايات المتّحدة قلقة بشدّة حيال تبنّى الكنيست الإسرائيلى للقانون».
وعلى الصعيد ذاته، قالت ليندا توماس جرينفيلد، ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن بلادها ما زالت تشعر بقلق بالغ إزاء تواصل العنف فى إسرائيل والضفة الغربية.
وأضافت جرينفيلد فى تصريحات أمام مجلس الأمن الدولى بشأن الوضع فى الشرق الأوسط: «لقد كان العام ٢٠٢٢ أكثر عام دموى منذ الانتفاضة الثانية، ويبدو أن العام ٢٠٢٣ سيتخطى مستوى العنف الفظيع الذى شهده سلفه».
وتابعت: «تشعر الولايات المتحدة بالاضطراب إزاء تصاعد الهجمات العنيفة التى يشنها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين والهجمات العنيفة التى يشنها مستوطنون إسرائيليون على الفلسطينيين فى الضفة الغربية. ونحن ننبذ كل أعمال العنف المماثلة وكل أنواع التحريض على العنف».
ومن جانبها، انتقدت وزارة الخارجية الألمانية بشدة قرار البرلمان الإسرائيلى، وحذرت متحدثة باسم الخارجية الألمانية من أن تغيير القانون الذى حدث، حالياً، يمثل «خطوة خطيرة نحو احتمالية حدوث أنشطة استيطانية مجدداً»، وأضافت: «يهدد ذلك بزيادة تفاقم الوضع الأمنى المحتدم بالفعل فى الضفة الغربية».
وذكرت الخارجية الألمانية أنه يُنصح حاليًا بعدم السفر إلى الضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، «لأنه يمكن حاليا توقع تصاعد الاشتباكات»، وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية قد حذرت من «تصعيد الصراع» حتى قبل إجراء التصويت على مشروع القانون، فيما أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عن قلقهما فى هذا الشأن.
وبدورها، أعلنت المملكة المغربية أنها تتابع بقلق تصريحات صادرة عن بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية كان فيها استفزاز لدول عربية، ولحقوق الشعب الفلسطينى. وقال وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولى والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، على هامش استقباله وزيرة خارجية بوركينافاسو إن «المغرب يرفض دائما كل تصرف غير مسئول وكل تصرف يمكن أن يكون تحريضيا أو ذا أثر سلبى».
وشدد على أن المغرب، الذى يرأس عاهله لجنة القدس، يؤكد دائما أن الحوار والمفاوضات هما السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائى للقضية الفلسطينية فى إطار احترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى إقامة دولته على حدود ١٩٦٧، القدس الشرقية عاصمة لها، تعيش جنبا إلى جنب فى هدوء وفى تعاون مع إسرائيل، مضيفا أن هذا الموقف ينطبق مع الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الأمن.
وتابع بوريطة أن «المغرب يرفض دائما الأعمال الأحادية الجانب التى لا يمكنها إلا أن تبعدنا عن الحل، كما أنه يدعم كل المبادرات التى يمكنها أن تحث على التهدئة نحو إيجاد حل وفق مقاربة حل الدولتين المتوافق عليه دوليا».
رابط دائم: