رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د.يمنى الخولى: لا عاصم لنا فى هذا الزمان إلا بالقضاء على غربة العلم

حوار ــ د.محمود القيعى
د.يمنى الخولى

  •  لدينا حالة غير مبررة من جلد الذات تحتاج إلى علاج نفسى
  • التغريبيون رافعو لواء العلمانية هم المتطرفون حقا
  • حسن حنفى مفكر عالمى أنجز ما لم ينجزه أى أستاذ فلسفة عربى
  • زكى نجيب محمود قام بدور «بطولى» بإشاعة البعد العلمى فى ثقافتنا
  • «البرج العاجى للفيلسوف» مقولة جوفاء انقرضت
  • أزمات الواقع حاليا طبيعية.. فالجنة الموعودة لم تأت بعد

 

انتقدت د. يمنى الخولى أستاذة الفلسفة بجامعة القاهرة حالة جلد الذات التى يقوم بها بعض المثقفين، وعدم الكف عن وصف مجتمعنا بالتخلف، مشيرة إلى أن مصر واحدة من أكثر دول العالم استخداما للرقمنة والإنترنت، وعدد المشتغلين بالبحث العلمى والمعرفة بالنسبة لعدد المتعلمين.

وأقرّت فى حوارها معنا بوجود مشكلات فى الواقع وأزمات، لافتة إلى أن هذا شىء طبيعى، فالجنة الموعودة لم تأت بعد. وتطرقت إلى الهم التعليمى مؤكدة أن المشكلة تكمن فى هذا الخليط الغريب: تعليم حكومى، خاص، تجريبى، دولى، منتقدة تحويل التعليم إلى سلعة وليس خدمة، معتبرة هذا هو مكمن الداء.

وعبرت أستاذة الفلسفة عن ألمها من غربة لغتنا العربية بين أهلها، مؤكدة أن لغة «الضاد» كانت أول لغة علمية عالمية فى التاريخ، وكانت تقوم بذات الدور الذى تقوم به اللغة الإنجليزية الآن.

حفيدة أمين الخولى – المعتزة بتراثها الإسلامى - تؤكد أننا بحاجة ماسة إلى إعادة الثقة لأنفسنا، والاعتزاز بذاتنا الحضارية، ناعية على بعض العلمانيين غلوهم، وإقصاءهم الآخر، منتقدة دعوة الشاعر أدونيس القديمة إلى قطيعة معرفية، وتراها دعوة غريبة عن ثقافتنا.

توقن أنه لا عاصم لنا فى هذا الزمان إلا بالقضاء على غربة العلم، وبنهج الطريق للعلم الذى سلكه علماؤنا القدامى، مؤكدة أنه طريق ليس غريبا عنا، ولسنا غرباء عنه!.

أحد مقالاتك بـ «الأهرام» كان بعنوان «الفلسفة.. التقدم».. هل يمكن أن تكون الفلسفة أحد أسباب التقدم؟


بالتأكيد، وعلينا أن ندرك أن التقدم ليس فقط سببا ومسببا، التقدم مجموعة عوامل علمية وحضارية وثقافية تتفاعل معا بشكل إيجابى خلاق.الفلسفة لا تحلّق فى فراغ، وتعطينا الأفق العقلى والوعى.

من أين أتت صورة «البرج العاجى» التى عُرف بها الفلاسفة وأساتذتها؟

الفلسفة لا تتحقق إلا بالتماهى مع الواقع الحضارى، وحاليا تُنعت فلسفة بأنها «تطبيقية». الفلسفة – كما قلت مرارًا وتكرارًا انعكاس مجرد للواقع.الفلسفة لا تحلق فى الفراغ. الظروف التى خلقت هذه المقولة «الجوفاء» انقرضت، لم يعد لها وجود الآن.انظر إلى أى فرع من فروع الفلسفة المستجدة:الفلسفة النسوية، فلسفة البيئة، أخلاقيات العلم، التفكير الناقد.. كلها باحثة فى العينى الواقعى المعيش، فهل هى برج عاجى؟!.

برأيك من من أساتذة الفلاسفة كان أكثر اشتباكا بالواقع؟

أساتذة عظام كثيرون. وفى رأيى أن أهم فيلسوف مصرى فى القرن الحادى والعشرين هو د.حسن حنفى وفلسفته لواقعنا التراثى والتجديدى، على مستوى الخطاب النخبوى/ الفلسفى والخطاب الشعبى/ الجماهيرى.

لقد دخلت جامعات فى 34 دولة من أقصى الشرق فى كيوتو، إلى أقصى الغرب فى هاواى، ومرورا بمعظم الجامعات العربية والأوروبية وصولا إلى جامعات نيجيريا وسواها، ولا أدخل جامعة إلا ووجدت فيها اسم حسن حنفى يتردد، ويشار إليه بالبنان.رأيت فى اليابان وفى الولايات المتحدة وألمانيا.. مراكز أبحاث معنية بحسن حنفى. هو مفكر عالمى أنجز ما لم ينجزه أى أستاذ فلسفة عربى، وأثبت حضوره فى مشارق الأرض ومغاربها.

فى مثل هذا الاشتباك مع الواقع لإحداث تجديد للنهضة مأمول، لدينا روّاد كثيرون: يتقدم د.زكى نجيب محمود الذى سعى لتأصيل البعد العلمى فى ثقافتنا.

ودعنا نتساءل: لماذا اعتنق زكى نجيب الوضعية المنطقية؟ لأنها نظرية تحرم نطق كلمة واحدة ليس لها مطابق فى الواقع. لم يكف هذا الأستاذ المعلم عن الدعوة لوقف ترديد المقولات الإنشائية التى لا تغنى شيئا، والدفع إلى الالتزام بالواقع المعيش. ونذكر فؤاد زكريا وجهده العظيم فى نشر إيجابيات التنوير،فى العلم والفن معًا. وفى أصول الدرس الفلسفى، بل قمته يقف عبدالرحمن بدوى وحصاده الهائل الذى ملأ طباق الأرض فلسفةً بشتى فروعها.

وهل ننسى مصطفى عبدالرازق الذى أصّل سؤال المنهج تأصيلا مكينا، وكشف عن انبثاقة الفلسفة من واقعنا،من أصولنا، حين طرح أصول الفقه سؤال المنهج وآليات الاستدلال، وتقدم أصول الدين أى علم الكلام بالنظرة /النظرية والحجة عليها، لأول مرة فى تاريخ العقل العربى. ثم ارتوت الأصول النابتة بفيض الفلسفة الإغريقية، لتنتقل من الخاص إلى العام، وتسهم بدورها فى ملحمة الحضارة الإنسانية.هكذا ربط مصطفى عبدالرازق مقارباتنا الفلسفية بتراثنا الإسلامى وواقعنا العربى. ثم بحث عثمان أمين عن «الجوّانية» والأبعاد الفلسفية فى واقع الإنسان الوجودى.أساتذتنا الكبار اشتبكوا مع واقعهم ولم ينعزلوا عنه.

هل من فرق مثلا بين زكى نجيب محمود وفؤاد زكريا فى الاشتباك مع الواقع؟

عبقرية فؤاد زكريا تكمن فى جمعه بين فلسفة العلم وفلسفة الفن، لذلك فإننى أشبهه بـ «غاستون بشلار» شيخ فلاسفة العلم فى فرنسا. كما كان فؤاد زكريا أكثر اشتباكا بالواقع السياسى.ويظل زكى نجيب محمود فيلسوفا بالمعنى الفاعل، قام بدوره «البطولى» فى إشاعة البعد العلمى فى خطابنا الثقافى.

وماذا عن الفلسفة الإسلامية المعاصرة؟

الفلسفة الإسلامية تيار دافق أسهم فيه حسن حنفى والجابرى والطيب تزينى والعروى وابن نبى وطه عبدالرحمن وعبدالجبار الرفاعى ورشدى راشد.. وسواهم من الأسماء اللامعة فى أنحاءالعالم العربى والإسلامى. وللأسف جامعات مصرية تخشى حتى هذه اللحظة استعمال مصطلح «فلسفة إسلامية معاصرة»، وتدرس المادة للطلاب تحت اسم «فكر عربى أوفكر إسلامى حديث».

لماذا؟

لا أدرى، اسألهم. ربما لأن عصور الاستعمار الطويلة خلقت فى أنفسنا انهزامية وإحساسًا بالدونية.

أذكر أكبر أستاذة أمريكية للفلسفة الإسلامية «تمارا ألبرتينى» وهى من أصل سويسرى، جاءت إلى جامعة القاهرة، وألقت محاضرة عن «التحدى العقلى للفلسفة الإسلامية المعاصرة». أبدت دهشة كبيرة عندما وجدتنا ندّرس الفلسفة الإسلامية المعاصرة تحت مسمى «فكر عربى معاصر»، ورفضت استخدام هذا المصطلح.

العالم يهتم بها. كنت فى يونيو الماضى فى مؤتمر دولى فى جامعة «جوته» بفرانكفورت موضوعه «علم الكلام الجديد»، وقدمت رؤيتى للطبيعيات فى الكلام الجديد. وبعده بأسبوع شاركت فى مؤتمر ألمانى آخر بجامعة فردريش ألكسندر عن «صورة الإنسان فى الفكر الإسلامى المعاصر»، وعرضت فيه لبنت الشاطئ كنموذج فريد للنسوية الإسلامية. كما ألقيت محاضرة عامة عن التجديد فى التيار الإصلاحى مع أمين الخولى. وكنت قد ألقيت محاضرة عن التطورية فى فلسفة الخولى بجامعة هيلدسهايم منذ ثلاث سنوات، فى إطار برنامج أكاديمية برلين لعرض منظورات نساء فلاسفة. وللأسف ينتشر بين المثقفين جلد للذات و«مازوكية» غريبة، وأعجب من مثقفين لا يكفون عن تأكيد تخلفنا، بينما تحتل مصر المركز الـسادس والثلاثين فى سلم التقدم العلمى عالميا بين 200 دولة. مصر واحدة من أكثر دول العالم استخداما للرقمنة والإنترنت، وعدد المشتغلين بالبحث العلمى والمعرفة بالنسبة لعدد المتعلمين.

ما معنى أن تكون الدولة متقدمة علميا؟

لهذا المعنى معايير ومحكات، منها عدد ما ينشره علماؤها من أبحاث فى المجلات الدولية. جامعة القاهرة وحدها نشرت العام الماضى أكثر من 4000 بحث، وبها 79 من أفضل علماء العالم. هكذا اعتبر نفسى لست متخلفة، بل متقدمة جدًا، نشرت ستة أبحاث دولية العامين الماضيين، وأعمل فى واحدة من أكبر خمس جامعات ومن أفضل500 جامعة، من بين 50000 جامعة فى العالم، وعشرات الالآف من جامعات لا ترقى للتصنيف أصلا. نعم، توجد مشكلات فى الواقع وأزمات، وهذا شىء طبيعى، فالجنة الموعودة لم تأت بعد.

وماذا عن الهم التعليمى؟

مشكلة التعليم المصرى هذا الخليط الغريب. هناك تعليم حكومى وخاص، وتجريبى ولغات، ودولى، إنجليزى وفرنسى وألمانى وأمريكى وكندى وأزهرى ويابانى أيضا! وأستطيع القول إن مشكلة التعليم عندنا فى أنه تم تحويله لسلعة وليس خدمة، أوجدت صراعا بين الطبقات.

والكارثة فى غربة اللغة العربية بين أهلها، والاستخفاف بأمرها. كم يؤلمنى كتابة الأسماء واللافتات فى المدارس باللغة الإنجليزية. وهذا لا يحدث فى أى مكان فى العالم. المدرس اليابانى لاينطق أبدا بكلمة غير يابانية أمام الأطفال. هل يعلم هؤلاء المستخفون بلغتنا أن العربية أول لغة علمية عالمية فى التاريخ، وكانت تقوم بذات الدور الذى تقوم به اللغة الإنجليزية الآن. لقد انصهر فى بوتقة العروبة كل التراث العلمى الأسبق، تُرجم إليها وتفاعل وتنامى. ثم تُرجم الرصيد العربى إلى اللاتينية ولغات أوروبية أخرى ليقوم بدوره فى خلق النهضة، وانطلاقة ثورة العلم الحديث.

ويظل الطالب المصرى من أفضل طلاب العالم، وهذه حقيقة، من يُرسلون إلى بعثات يتفوقون على أقرانهم من الجنسيات الأخرى.

تحدثت عن عقدة النقص تجاه الغرب، كيف السبيل للتغلب عليها؟

عصور الاستعمار الطويلة خلقت فينا إحساسا بالدونية إزاءه. وتوجد حالة من جلد الذات غيرمبررة و«مازوكية» عجيبة، تحتاج لعلاج نفسى. الصورة ليست قاتمة كما يتصورها هؤلاء. وقد أشرت إلى معدلات تقدم علمى فى مصر والمنطقة العربية.

ما الذى ينقصنا؟

نحن بحاجة إلى إعادة الثقة لأنفسنا، والاعتزاز بذاتنا الحضارية، والإيمان بقدرتنا على الإسهام والإضافة إلى التعددية الثقافية وثراء التنوع البشرى الخلاق.

لكن هذا موضوع معارك فكرية، ويرى البعض أن الذات بتراثها أعاقت نهضة على غرار نهضة الغرب العلمانية، حتى ينادون بالقطيعة المعرفية. كيف ترين الأمر؟

الغريب أن التغريبيين رافعى لواء العلمانية، هم المتطرفون حقًا، الأكثر إمعانًا فى التمسك بطرفِهم الأقصى، وتفريده ورفض البدائل، وهم الأكثر إصرارا على إقصاء الآخر. يبلغ هذا التطرف ذروة تَجليه حين يرفعون مقولة «القطيعة المعرفية» توصيفًا لمسار ثقافتنا المأمول. وذلكم هو المستحيل، سواء بحكم الآليات النظرية لثقافتنا، أو بحكم واقعها المعيش.القطيعة المعرفية مفهومٌ وضعه شيخ فلاسفة العلم فى فرنسا جاستون بشلار «1884-1962» لتوصيف التقدم العلمى حين يكون ثوريا مُستجدًا، وليس مجرد نماء تراكمى؛ لتعنى أن التقدم مبنىٌّ على قطع الصلة بالماضى فلا يعود تواصلا أو استمرارًا أو تعديلا أو إضافة لمسار الماضى، بل يعنى شق طريق جديد مختلف، لم يَرِد للقدامى.

المثال الأثير لباشلار «المصباح الكهربائى»، فهو ليس استمرارًا أو تطويرًا لأساليب الإضاءة الماضية التى تقوم على الاشتعال والاحتراق، بل قطيعة لكل هذه الأساليب لحد الشروع فى مرحلة تعتمد الإضاءة فيها على الحيلولة دون أى اشتعال أو احتراق. إنها إبداع جديد وطريق جديد تمامًا.

وكشأن مفاهيم «إبستمولوجية» عديدة، خرجت القطيعة المعرفية من رحاب فلسفة العلم لتغذى آليات الخطاب الثقافى. وفى هذا نجد ثلاثة مسارات كبرى على الخريطة الثقافية: التجاور- القطيعة- التواصل. حضارة أو ثقافة شرق آسيا تقوم على التجاور بين القديم والجديد. يسلمون بأن العلم الرياضياتى التجريبى الحديث لا علاقة له بتراثهم فى هذا الصدد، ولا يمكن الوصل بينهما. وكانت اليابان تعتبر «أكل اللحوم» سُبة ووصمة، ويكاد يلحق بها شرب الألبان. يختلف السوشى فى الشكل والمضمون عن الأطعمة الحديثة، مثلما تختلف قيم المجتمع الصناعى الرأسمالى عن أخلاقيات الشنتو التى هى حرفيًّا الدين لديهم. أما عن تصورات الألوهية والحياة الأخرى فحدّث ولا حرج.

فى المعجزة اليابانية وواقعها الراهن يتوازى ويتجاور المساران القديم والحديث معًا، مقابل الثقافة الغربية التى كانت نهضتها وحداثتها تجسيدًا للقطيعة المعرفية قبل بشلار بقرون. ولم تكن قطيعةً عن تراثهم. فمازلنا حتى يوم الناس هذا نُسبّح بحمد الأصول الإغريقية والقانون الرومانى.

القطيعة كانت عن مرحلة العصور الوسطى الأسبق التى صبغها الدين وهيمنت عليها الكنيسة، كفاصلٍ غريب ومغترب، لأن الدين – إن جاز التعبير– بضاعة مستوردة فى الحضارة الغربية المجبولة على الواحدية المادية، حتى إنهم حين خلقوا آلهتهم فى الأساطير الإغريقية والرومانية جعلوها كيانات أكثر مادية، غارقة فى الماديات.

بالقطيعة عادوا إلى هذه المادية، لتتجسد حداثيا فى الاقتصاد كقوة حاكمة ناظمة خالقة للقيمة وللقيم المنشودة.

وماذا عن الحضارة الإسلامية؟

الحضارة الإسلامية المتجوهرة حول أرومتها العروبية تتواصل فيها اللغة العربية ذاتها وعروض شعرها، ثنائية عالم الغيب والشهادة، قدسية ثوب الزفاف الأبيض والانتماء للأسرة، منزلة الأخ الأكبر واللحم سيد الأطعمة، تتغير مواعيد الطعام وكل شىء فى رمضان، لابد من الملابس الجديدة والكعك فى العيد، تخلو الطرقات ساعة صلاة الجمعة، يهرع إليها المليونيرات قبل الفقراء والعلماء قبل العوام.. ولئن كان العلم فارس الحلبة المعرفية، ففى غير حاجة للذكر أن العلم الرياضياتى التجريبى فى الحضارة العربية الإسلامية كان المقدمة الشرطية المفضية منطقيا وتاريخيا وجغرافيا إلى ثورة العلم الحديث فى أوروبا منذ نهايات عصر النهضة، كما أشرت.

ولا تأريخ للعلم الآن لا ينطلق من هذه المقدمة، ويُتابِع تواصل مسار العلم حول حوض البحر المتوسط، تواصلية جبر الخوارزمى ومثلثات ابن قرة ولامتناهى «السجزى» وهندسات قرطبة وفلك ابن الشاطر.. وصولا إلى ذروة الفيزياء الرياضية فى مناظر ابن الهيثم.

إنها التواصلية التى تدمغ الثقافة العربية الإسلامية، ولا يدانيها قطعٌ بحال. ولعل الشاعر المبدع أدونيس فى طليعة دعاة القطيعة المعرفية. فى ديسمبر2013، مثّلتُ مصر فى المؤتمر الفلسفى الدولى «الحوار والحقيقة والديمقراطية»، الذى عقده المركز الدولى لعلوم الإنسان فى لبنان برعاية اليونيسكو. افتتحه رئيس الدولة ميشيل سليمان، وألقى المحاضرة الأولى الشاعر أدونيس، أكد فيها ضرورة قبول الآخر.. قبول الآخر.. قبول الآخر.

وفور الانتهاء من محاضرته، قمتُ لأسأله: وهل تقبل سيادتك الآخر غير العلمانى؟ فضجت القاعة بالضحك. ألم أقل إنهم المتطرفون حقا. وأراهم يناقضون أنفسهم ويناقضون واقعهم بهذا التطرف ومزاعمه.

لك نحو 30 كتابا بين تأليف وترجمة.. أيها أقرب إليك؟

كتبى كلها عن العقل، وقد حصلت – بحمد الله – على أكثر من 17 جائزة، آخرها «جائزة التميز» كبرى جوائز جامعة القاهرة، وأهم كتبى «نحو منهجية علمية إسلامية»، وفيه أدعو لتوطين العلم فى ثقافتنا العربية، وصدر الكتاب أغسطس عام 2017 وحصد جائزة الشيخ زايد.

أخيرا.. ما جديد د. يمنى؟

صدور ترجمتى لكتاب «الإسلام والمواطنة الليبرالية: بحثا عن إجماع متشابك» للأكاديمى الأمريكى المتميز أندرو مارش، بطبعة فاخرة تقع فى 650 صفحة.

هو نموذج للحوار الخلاق بين الثقافات، يبحث وضع مجتمعات المسلمين فى قلب الغرب، وقد تنامت وتعاظم تأثيرها، فكيف يكون فى إطار الليبرالية؟ وهل تمنع هويتهم الإسلامية من الانخراط فى الإطار الليبرالى وأداء الواجبات واستحقاق الحقوق؟ أم أن بحث مفهوم المواطنة فى كلتا الثقافتين يمكن أن يفضى إلى توافق خُلُقى مُمَبدأ؟

وهكذا، على أساس طرحٍ مكين لليبرالية وتطوراتها الراهنة كخلفية مسلم بها فى الثقافة الغربية، تعمَقا لمؤلف بمنهجية رصينة متكاملة فى خطابات الثقافة الإسلامية.. قديمها وحديثها، وقدم بحثا علميا نزيها ومتكاملا، يرتكز على معطيات الواقع الأنثروبولوجى المعيش للمسلمين من ناحية، ونصوص التراث الإسلامى وشرائع معتقداته من الناحية الأخرى. وكان شديد الاحترام للإسلام مدركا دوره الخطير فى ملحمة التقدم البشرى. الكتاب فى أصله رسالة دكتوراة لافتة فى جامعة أكسفورد، حصلت على جائزة أفضل الرسائل المتميزة من أكاديمية دراسات الدين فى الولايات المتحدة.




أعجب من مثقفين لا يكفون عن ترديد تخلفنا بينما تحتل مصر المركز 63 فى سلم التقدم العلمى بين 200 دولة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق