سيدة تسأل: «زوجى بطيء الحركة لفعل الخير، حتى مع أهله وأقاربه، وقد تعبت كثيرًا فى نصحه، مع أنه كثير المال؛ لكنه بخيل فى مساعدة الناس .. فماذا أفعل معه؟».
إن المسارعة فى فعل المعروف أمر ندبنا إليه القرآن الكريم، فقال تعالى: «أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ» (المؤمنون: 61)؛ وقال: «وَيُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ» (آل عمران: ١١٤)؛ وقال: «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا» (البقرة: ١٤٨).
فالأناة، وعدم التعجل، وإن كانا مطلوبين من العبد، إلا أن هناك مواطن طلب منا الشرع الحنيف أن نتعجل فيها، ولا نتباطأ عنها، ومنها: فعل الخير، ومساعدة الناس، وقضاء حوائجهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التؤدة –التمهل، وعدم التعجل فى الشيء- فى كل شيء خير إلا فى عمل الآخرة»، وعن عقبة بن عامر، رضى الله عنه، قال: صليت وراء النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلم، ثم قام مسرعا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم عجبوا من سرعته، فقال: ذكرت شيئا من تِبر عندنا فكرهت أن يحبسني؛ فأمرت بقسمته»، والتِبر هى قطع ذهب غير مصوغة.
بهذه الكلمات يجيب الشيخ عويضة عثمان -أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية- عن السؤال السابق قائلاً: إن الإيمان والصدق كلما سكنا قلب العبد، وجدته مسارعًا إلى فعل المعروف، ومنافسًا فى فعل الخيرات، ولا يحب أن يسبقه أحد، عملاً بقوله تعالى: «وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ» (المطففين: 26).
فأصحاب المعروف فى الدنيا لهم أجرهم
عند ربهم، وكم من معروف نجا صاحبه من أهوال وشدائد ومحن نزلت به، وكم من صدقة كانت سببا فى تفريج كروب، وشفاء مرضى.
قال أصبغ بن زيد: كان أويس القرنى إذا أمسى تصدق بما فى بيته من فضل الطعام والشراب، ثم يقول: «اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذنى به، ومن مات عريانا فلا تؤاخذنى به».
ويتابع: لقد راح الكرام الذين كانوا يعرفون بركة الصدقة، وثواب قضاء حوائج الناس، وضُرب الناس ببخل فى نفوسهم، فأمسكت أياديهم عن العطاء، لذلك كان أحب الناس إلى الله، وأقربهم إليه، أنفعهم لعباده، وأحنهم على مخلوقاته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِى عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا».
وليعلم كل من يقدر على فعل المعروف، أن أهل المعروف فى الدنيا هم أهل المعروف والخير فى الآخرة، والجزاء من جنس العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل المعروف فى الدنيا هم أهل المعروف فى الآخرة».
ولقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التكافل الاجتماعى.
فقال: «من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له»، هكذا التكافل فى الإسلام.
وهكذا تكون المواساة، إن الله تعالى امتحن الغنى بأن جعل عنده حق الفقير، فلينتبه كل غنى وصاحب مال إلى هذا.
وللسائلة ولغيرها أقول: عليك بنصح زوجك، وشحذ همته؛ ليسارع إلى فعل الخير، وقضاء حوائج أهله وأقاربه، ما دام الله وسع عليه من فضله، وأعلميه أن خير درهم ينفقه هو ما كان فى أهله وأقاربه؛ فهذا الذى يبقى عند الله فى الآخرة .
رابط دائم: