رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تجديد «عمرو بن العاص وزينب خاتون»
القاهرة التاريخية تستعيد بريقها

تحقيق ــ أيمن السيسى
الترميمات الجارية فى مسجد عمرو بن العاص - تصوير محمد عبده

  • لواء محمود نصار: دعم الرئيس السيسى يعيد رونق وبهاء القاهرة الإسلامية
  • لواء وائل مصطفى : حفظنا قبة «قنصوة» من الاندثار ونبدأ ترميم الأثر من الأساسات
  • د.مدحت مصطفى : ترميم وإعادة توظيف وكالة قايتباى
  • م.طارق خضر : مشكلة أغلب الآثار فى المياه الجوفية

 

 

تعج محافظة القاهرة بمئات المبانى الأثرية التى تعود إلى حقب إسلامية مختلفة ، كثير منها أتلفته عوادى الزمن والإهمال وقارب على الانهيار، حتى انتبهت الحكومة مؤخرا ممثلة فى «جهاز تعمير القاهرة الفاطمية»، وبدأت خطة إنقاذ هذه الآثار فى نشاط وإتقان ودقة ، وجاء الاهتمام بهذه المشروعات الحيوية ــ كما يقول اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير ــ فى إطار دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى وتوجيهاته لترميم وإعادة التوظيف للمناطق الأثرية ، بالتعاون والتنسيق مع وزارتى الآثار والأوقاف للحفاظ على التراث الأثرى للعاصمة وفى جهاز القاهرة الفاطمية ، وضعنا برنامجا تنفيذيا طموحا للارتقاء والتحسين الشامل للآثار الإسلامية القديمة ، لتنشيط السياحة الداخلية والخارجية وخلق منطقة سياحة دينية وسط القاهرة، وهو ما شهدته « تحقيقات الأهرام» من خلال جولة لعدة أيام فى ربوع القاهرة الفاطمية ، برفقة اللواء وائل مصطفى رئيس « الجهاز التنفيذى لتعمير القاهرة الفاطمية « ونائبه اللواء الدكتور مدحت مصطفى، بدأت من سور القاهرة الشمالى ..

حركة دءوبة ونشطة من عمال مهرة ومحترفين ، يعرفون كيف يتعاملون بمهارة لا ينقصها الرفق بأحجار الأثر فى وجود المختصين فى كل نواحى العمل، من مهندسين وفنيين ومعماريين ومرممين أثريين ، وكانت المسافة التى يمتد فيها السور عبارة عن مقلب قمامة ، وتعرف بـ «ملاعب شيح» ... و بدأ العمل فيه ــ كما يقول اللواء وائل مصطفى رئيس «جهاز الفاطمية» ــ منذ ثلاث سنوات بترميم جزء من السور الشمالى، والسور الشرقى بتكلفة مالية قدرها 167 مليون جنيه، تم الكشف عن أساساته بطول 1400 متر، وبأسلوب علمى دقيق قام مهندسو الجهاز بأعمال الحفر الكشفى لإظهار سور «بدر الدين الجمالى» من جهته الجنوبية .

يضيف المهندس شريف أحمد: قمنا بإنشاء «خوازيق» لحماية منطقة العمل ، وبدأنا استكمال الحجارة التى كانت مفقودة من السور لاستكماله، حيث تم كشف أساساته و تدعيمها بعد الكشف عن منسوب السور وحقنه بمواد التقوية المعتمدة لربط جسم السور بالأحجار الجديدة التى تم وضعها فى مكان الأحجار المفتقدة ، و تم إنشاء أبراج جديدة مكان الأبراج التى اختفت نتيجة عوامل التعرية والإهمال والخلع، بناء على دراسات أثرية لتحديد المكان وعناصر التفاصيل الإنشائية للسور وتوثيقها اعتمادا على المراجع الأثرية والشواهد المتوافرة، والتوصل لأقرب تصور بناء على برج مماثل أو عناصر مماثلة من نفس العهد ، مع اتباع المنهج العلمى الدقيق فى الترميم بإعادة البعث للكتل الأثرية بنفس نوع الحجر والأخشاب التى استخدمت قديما، بعد إجراء تجارب واختبارات، وهو ما حرص اللواء مهندس وائل مصطفى رئيس الجهاز على التأكيد عليه، مضيفا أن سورالقاهرة الفاطمية، يعد بأبراجه وبواباته من أهم معالم العاصمة، يستوجب الحفاظ عليه وإعادة ترميمه لكونه نموذجًا فريدًا للعمارة الحربية فى مصر، مع استغلاله أثريًا وسياحيًا فى إطار التطوير الشامل للمبانى الأثرية للمنطقة المحيطة به، كحرم مباشر للأثر للحفاظ على الطابع المعمارى للقاهرة القديمة باعتبارها سجلات مفتوحة لمرحلة مهمة من مراحل تاريخ العاصمة المصرية، ومنها بوابة «النصر» إحدى بوابات القاهرة الفاطمية والتى تفضى إلى «وكالة قايتباى» المواجهة لمسجد الحاكم بأمر الله، مكونة من طابق أرضى وميزانين. . وبدأ جهاز «الفاطمية» ترميمها وتأهيلها كأثر يحكى جزءا من تاريخ القاهرة، لإعادة النبض والروح لها بإعادة توظيفها بنفس هدف الإنشاء كفندق سياحى يتكون من 25 غرفة، مع مراعاة البعد التحديثى دون إخلال أو إهدار للقيمة الجمالية والتاريخية، وللحفاظ على الطابع التاريخى تم إضافة بعض المستحدثات فى الخدمات الفندقية لمواكبة العصر.


الترميمات الجارية فى مسجد عمرو بن العاص - تصوير محمد عبده

فالمنطقة كما يقول ــ اللواء دكتور مدحت مصطفى نائب رئيس «جهاز الفاطمية» ــ ليس بها فنادق تتوافق مع نفس الطراز التاريخى لها ، رغم تطور وتدفق السياحة الدينية والإسلامية إليها طول العام ، وهو ما سيسهم فى إعادة تشكيل النسيج العمرانى للمكان مع تطوير كامل للمنطقة من شارع المعز وحتى باب النصر، بالتعاون مع جهاز التطوير الحضرى الذى خطط لتطوير مبانى شارعى المعز والجمالية ، برعاية الهيئة الهندسية من مدخل باب الفتوح ، وسيتم تنفيذ التطوير حسب عمارة المنطقة فى الفترة الفاطمية، وهو ما يؤكده اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير، مشيرا إلى دقة التنفيذ، لإعادة بهاء وروح المبانى الإسلامية القديمة بترميمها، ورفع كفاءتها بصورة متقنة لإظهار الوجه المعرفى والثقافى لمواجهة المتغيرات العمرانية والزحف الأسمنتى على المدينة القديمة وتراثها المعمارى والحضارى لاستعادة جمال القاهرة التاريخى، وإعادة توظيفها بمعايير تنظيمية ومعمارية وفنية واقتصادية دون الإخلال بقيمتها المعمارية ولا وظيفتها الأصلية، وهو نفس المنهج الذى اتبعه «جهاز الفاطمية» فى إعادة ترميم ورفع كفاءة مسجد عمرو بن العاص، فى البداية قمنا برصد مساحى لحوائط المسجد قبل بدء العمل ، كما يقول اللواء وائل مصطفى ــ واختبارات العزل وتوحيد مناسيب المزاريب فوق السطح وتعديل الصرف الصحى ، ونفذنا شبكة تصريف لمياه الأمطار ، واتبعنا الأسلوب العلمى الأمثل فى نقل المياه وصرفها ، وإنشاء شبكة مياه وصرف بميول دقيقة لتلافى تأثير أرض المسجد ورخام الصحن بديلاً عن الشبكة السابقة التى كانت خارجية ، وتنفيذ شبكة حريق ، مع إزالة البياض الخارجى أولاً لتهوية الجدران ، وتنفيذ شبكة تهوية بإدخال مواسير مثقبة بأبعاد منتظمة داخل الحوائط الأثرية للجزء الأسفل منها إلى ارتفاع 120سم من الأرض بهدف تخليصها من الرطوبة الموجودة ، مع تنفيذ شبكة خفض منسوب للحفاظ على أساسات المسجد وتوسعة المدخل ومعالجة العيوب والشروخ فى رواق القبلة والأعمدة ، بما يتناسب مع العمارة الإنشائية، وتقول المهندسة سالى مدحت مدير عام المشروعات الأثرية بالجهاز : جاء التكليف برفع كفاءة المسجد وترميمه تزامناً مع تطوير حدائق الفسطاط ، ولإنقاذ المسجد من ارتفاع منسوب المياه الجوفية التى تعم المنطقة ، ونتج عنها شروخ ورشح فى جدران المسجد كله مما هدد بانهيارها لو لم يتم تلافيها ومعالجتها، وللأسف تشربت أحجار المسجد وأساساته بالمياه ، وتمت إعادة الترميم بشكل دقيق بتعقيم وترميم الأسقف الخشبية مع رفع كفاءة سطح المسجد وتغطيته بالكامل بطبقة عازلة لحمايته من الأمطار والشمس .


وأزلنا كل البياض، ووصلنا إلى طوب البناء القديم وأعدنا تلميع الأعمدة الموزاييك وتم تنظيف التيجان بالكمادات، وقمنا بالتحديث على ذات الطابع القديم وإعادة ترميم المنبر الأثرى واستكمال النواقص منه، المحراب الرئيسى هو المحراب الملون وبدأنا فى معالجته وإزالة الاتساخات والتعديات عليه والوصول إلى الألوان الأصلية، وباختبار المواد الأصلية المستخدمة، و استطعنا إعادة الألوان بنفس المكونات القديمة.، وكذلك يتم إجراء الاختبارات والتحليل لنوعية الخشب فى الأبواب والمشربيات والشبابيك لاستكمال الأجزاء الناقصة منها بنفس النوع، وهو كما يقول الدكتور مدحت مصطفى : نفس المنهج الذى يتبعه الجهاز فى إعادة تأهيل وترميم ورفع كفاءة كثير من الأماكن الأثرية فى القاهرة بدعم من وزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار، ومتابعة من رئيس الجهاز المركزى للتعمير اللواء محمود نصار الذى لا يبخل بالدعم فى كل مراحل العمل فى أى أثر، ويمثل تشجيعه دفعا للروح المعنوية لأطقم العمل.

والتعاون مع إدارة صيانة القصور فى «المقاولون العرب » يسهم فى الحفاظ على الأثار التى نعمل فيها نتيجة الخبرات التى تراكمت لدى مهندسيها المختصين فى التعامل مع الآثار الإسلامية والخبرات العلمية والفنية على مدى عقود .

المهندس محمود سالم مدير مشروع السور الذى أكد لـ «تحقيقات الأهرام» توافر الخبرة لديهم فى ترميم الآثار، مشيرا إلى أن المشكلات الرئيسية لكل المنشآت الأثرية فى القاهرة هى المياه الجوفية وتأثيرها على أساسات المنشآت الأثرية القديمة ، وهو ما يؤكده المهندس طارق خضر مدير إدارة صيانة القصور والأثار ب « المقاون العرب « مشيرا إلى أن أغلب الأماكن الأثرية فى القاهرة تعج الأرض تحتها بالمياه الجوفية، بسبب وجود صهاريج أو آبار مياه، خصوصا فى المساجد (تحت صحن المسجد غالبا) وتزداد المياه الجوفية فى حالات المساجد التى بها مدارس الذى كان يستلزم وجود صهاريج مياه وحمامات لاستخدام الطلبة، أو أسبلة، وتلك مشكلة لأنها تؤثر على الأساسات والأعمدة وتضعفها وتسبب بها شروخا، وكثيرا ما تحدث ميولا فى المآذن كما فى مئذنة مسجد فاطمة الشقرا التى اضطررنا لتفكيكها وترميمها وتقويتها وإعادة تركيبها، هو ما يجعلنا نبدأ عملنا من فحص ودراسة الأرض وأساسات المبانى، كذلك فإن بعض المبانى الأثرية - وبسبب ظهور المياه الجوفية قديما - تم ردمها بتراب أو حجارة أو رخامات وهو ما يخفى الأرضيات الأصلية، فنعمل على إزالة هذه الأرضيات المستحدثة لترميم الأثر بشكل وصورة تتناسب مع أصله، سواء فى نوعية المواد المستخدمة حجارة أو خشب أو رخام أو فى الألوان والنقوش ، ويشير المهندس وليد الشناوى بقوله : إلى أن تنوع العصور التى مرت على الأثر وإحداث تغييرات به وإضافة عناصر أو تغيير فى نشاطه يهين الأثر ويضعف من قوة أدائه لوظيفته الأصلية، ولذلك نلجأ من خلال المختصين لدينا بالتعاون مع خبراء الآثار وبموافقة اللجنة الدائمة بإزالة المستحدثات التى طرأت عليه ومعالجة الترميمات السابقة التى شابها بعض العوار والخطأ ، ويضيف المهندس أحمد كامل، إلى أن توافر أحدث الأجهزة العلمية لديهم مثل جهازى المسح الردارى و«ليزر سكان» وفرا الكثير من الجهد والوقت لأنهما ساعدا بصورة علمية دقيقة على تحديد الخلل والمشكلات فى الأثر، وقبة السلطان «قنصوه أبو سعيد»، التى تقف وحيدة وسط المقابر ، والتى كان البعض يتوجس مما قد يحيق بها من دمار وانهيارها بسبب وجودها وسط شارعين يمتدان ما بين شارعى صلاح سالم والنصر وكثرة حركة السيارات عليهما، وعمر هذه القبة الفريدة معماريا أكثر من خمسمائة عام، وظلت مهملة حتى انتبه إليها الجهاز المركزى للتعمير خلال التخطيط لبدء تنفيذ محور جيهان السادات ، والذى يمر مساره بجوار القبة فتم التنسيق مع وزارة السياحة والآثار لترميمها.

وتقول المهندسة مديحة علاء الدين تمراز مديرة المكتب الفنى بالجهاز : إن العمل استغرق وقتاً بالحفر للوصول إلى أساسات القبة، ووصلنا لأكثر من 6 أمتار حتى يتم تثبيت الأساسات بالحقن والتدعيم فى حالة الاحتياج، وللاطمئنان على عدم وجود مياه جوفية تحت منسوب الأساسات ، وهو ما يطمئننا إلى ثبات القبة وقدرتها على التحمل.

يضيف اللواء وائل مصطفى : قمنا بإعادة ترميم وتدعيم القبة وإعادتها إلى حالتها الأولى التى بنيت عليها، كانت الفتحات والشبابيك مغلقة بالطوب فأزلناه وأعدنا صناعة الشبابيك والأبواب بنفس نوعية الأخشاب ونفس الألوان التى صنعت منها عند إنشائها.

وبالتنقيب الأثرى وصلنا إلى المقبرة داخل القبة ، فوجدنا 14 جثة مدفونة فيها من أزمنة متفاوتة، أحدثها من 100 عام، ومعها جثة ابن السلطان قنصوه الذى دفن طفلا صغيرا ، ولحسن الحظ لم تطلها المياه الجوفية فانعدم تأثيرها فى القبة، وتم تسجيل المقبرة كأثر للحفاظ عليها من الاندثار.

ورصدت للخطة الاستثمارية لمشروع إعادة توظيف ورفع كفاءة منزل زينب خاتون مبلغ 48٫5 مليون جنيه لإعادة توظيفه كمركز ثقافى وقاعات مؤتمرات ومطعم سياحى، وهو عبارة عن دور أرضى وأول وثانى بمسطح 600 متر، وسيتم إعادة توظيف فراغات الدور الأرضى لتكون كافتيريا ومنطقة خدمات، وسيكون الدور الأول قاعة متعددة الأغراض وقاعة مؤتمرات ومنطقة خدمات بها حمامات والدور الثانى كافتيريا وقبة سماوية.

وتضيف شيماء إبراهيم عبدالفتاح مشرفة الترميم : إعادة تأهيل منزل زينب خاتون يتم وفق أصول ومبادئ ومواثيق الترميم الأحدث فى العالم بالتعاون مع إدارة صيانة القصور والآثار فى «المقاولون العرب»، ويتم الترميم الدقيق للأخشاب واستبدال الأجزاء التالفة وغير الصالحة بأخشاب جديدة مماثلة لها ، ولخواصها الفيزيائية والكيميائية، ويتم معالجتها وتشطيبها وفق العناصر الأثرية الموثقة فوتوغرافيا ومعماريا، بنفس الجودة، خصوصا الأبواب والشبابيك والمشربيات، ولاحظنا أن أهم ما يقوم به الجهاز الفاطمى فى الأعمال التى يقوم بها لرفع كفاءة وتطوير وترميم الأماكن الأثرية الإسلامية هو البدء من الأساسات بغرض تقويتها وتدعيمها، وحسب تأكيدات اللواء وائل مصطفى، فإنهم لا يتدخلون تدخلا جائرا على الأثر، بل يتم العمل بحرص شديد ودقة لمعالجة الآثار السلبية به.

وبعد الانتهاء من الترميم والتدعيم سيتم إعادة توظيف المنزل واستغلاله استثماريا بإنشاء كافتريات ومطاعم، وفى المحراب الرئيس تم الكشف عن طبقات الألوان والتذهيب الأصلية وأعمال ترميم العناصر الجصية وسط حائط القبلة وآخر على الواجهة الرئيسية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق