فى مثل هذا الموعد من كل عام يقيم مركز الطفل للحضارة والإبداع المعرض السنوى للفنون والحرف التراثية ليضم العديد من الأنشطة التثقيفية والفنية والترفيهية للأسرة والطفل على حد سواء.. وفى دورته الثامنة هذا العام استمتعت الأسر بالأنشطة المختلفة التى قدمها المركز من ورش العمل الحرفية للخزف والحصير والخيامية والخرز والنسيج ومشاركة فريق إبداعات حواء لمعرض الفنون والحرف التراثية وعروض فرق الغناء الريفى وورش الحكى.
وفى تعاون جديد بين مركز الطفل للحضارة والإبداع وبنك الطعام المصرى قدم الدكتور د. محمد القرناوى رئيس قطاع مختبر الأبحاث ببنك الطعام المصرى وأستاذ مساعد السياسات العام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ورشة عمل مختلفة فى شكل أسئلة وأجوبة للأسرة والطفل حول أهم السلوكيات الغذائية وأساليب التغذية الصحية ومسببات سوء التغذية لدى الأطفال وطرق الوقاية منها.
أما هدف الندوة كما أوضح د. القرناوى هو توعية الأسر على محورين أساسيين الأول فكرة هدر وفقد الطعام، والثانى المعلومات الأساسية المتعلقة بأسس التغذية وأمراض سوء التغذية عند الأطفال.. والربط بين المحورين فى هذا الوقت بالذات الذى تعانى فيه مصر وبلاد العالم من زيادة الأسعار مع وجود أعداد كبيرة من أناس فى العالم يعانون نقص الأمن الغذائى والتغذية والأمراض المترتبة على سوء التغذية.. واستعرض د. محمد أرقاما كانت مفاجئة للحاضرين، حيث أكد أنه فى كل عام للأسف الشديد يتم فقد أو هدر حوالى 30% من الغذاء الذى ينتج حول العالم كله، وهذا الرقم الرسمى من الفاو (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة هو ما يعادل حوالى واحد وثلاثة من عشرة مليار طن من الغذاء، وقيمته تريليون دولار أمريكى.. ولو لم يتم هدر او فقد هذا الكم من الطعام فسوف يكفى لإطعام مليارى شخص سنويا، أى أكثر من ضعف الأشخاص الذين يعانون من الجوع فى العالم.. لأن التقرير الأخير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة عن الأمن الغذائى والتغذية فى عام 2022 و2023 يؤكد أن هناك حوالى 820 مليون إنسان عانوا من الجوع حول العالم، فهذا الطعام الذى يهدر يكفى ضعفهم وهذا شىء مؤسف فى الحقيقة.
تدريبات على الفنون التراثية
وهناك اختلاف بين الفقد والهدر، كما أوضحت ورشة العمل، فالفقد هو الذى يحدث فى مراحل الزراعة سواء كان فترة ما قبل الحصاد او فى اثنائه، او بعد الحصاد.. فالفقد قبل الحصاد يتمثل فى الإصابات او الآفات التى تصيب النباتات أو أن المزارع لا يتبع الإرشادات السليمة فى الزراعة أو فى الرى والتسميد وخلافه.. او فى فترة الحصاد نفسها بسبب عدم توفر الميكنة الحديثة فى الحصاد فيحدث تلف لبعض المحاصيل، او مرحلة بعد الحصاد وهى التخزين السىء الذى يفسد المحصول قبل أن يصل الى السوق.. والفقد فى مرحلة الزراعة يكون أكثر فى الدول النامية والدول الأقل دخلا، أما هدر الطعام فيكون أكثر فى الدول المتقدمة والغنية.
والأرقام تقول إن 14% من المحاصيل والمنتجات الزراعية تفقد كل عام بسبب هذه العوامل.. و17% من الطعام الذى ينتج ويصل الى السوق يتم هدره.. والهدر هذه المرة يأتى على مستوى الأفراد، فالمعلومة المفاجئة أن المسئول الأكبر عن هدر الطعام ليس الشركات ولا الفنادق ولا المطاعم بل هو الأفراد فى المنزل.. لأن الهدر الذى يحدث داخل الشركات او المصانع يكون بسيطا مثلا بسبب التعبئة او انتهاء تاريخ الصلاحية، ولأن الشركات هدفها الرئيسى هو الربح فتكون حريصة ان تستخدم كل الأساليب والإمكانيات لتقليل هذا الهدر، أما المطاعم والمنشآت السياحية فتتحكم فى الهدر بدرجة كبيرة ايضا بسبب نفس الهدف وهو الربح..
أما الهدر الأكبر فيحدث على المستوى المنزلى وفقا لإحصائيات برنامج الأمم المتحدة للبيئة الأخيرة والاحصائيات الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء التى تقول إن الأسرة الواحدة فى مصر تهدر حوالى 91 كيلو جراما من الطعام سنويا، وهو رقم مرتفع بالطبع ولكنه مقارنة بدول أخرى فهذا الرقم لا يعتبر ضخما، لأن هناك دولا بها هدر للطعام داخل الأسرة اكبر من هذا الرقم بكثير. حيث تعتبر الولايات المتحدة مثلا من أعلى الدول فى نسب هدر الطعام.. والسبب الرئيسى للهدر الأسرى للطعام هو عدم الوعى لما نتخلص منه من بواقى الطعام بشكل يومى، فأصبح لدينا عادة نحن لا ندرك حجم خطورتها. بجانب الجزء الخاص بالثقافة والعادات والتقاليد وكرم الضيافة والمناسبات والحفلات التى نقدم فيها كميات كبيرة من الطعام، ويحدث الهدر ايضا بسبب ثقافة الشراء بكميات كبيرة أكثر من احتياجات الأسرة وخصوصا المنتجات سريعة التلف مثل الخضراوات والفواكه، وهى اكبر نوع من السلع التى يتم هدرها حول العالم لأنها سريعة التلف، وأيضا عدم الحفظ بطريقة سليمة مما يؤدى الى تلفها، وبالتالى إهدارها.. وهنا يجب أن ننوه أنه آن الأوان مع زيادة الأسعار حول العالم أن نغير من طبيعتنا الشرائية فنشترى ثمرات الفاكهة او الخضراوات بعدد استهلاك أفراد الأسرة فقط وألا يكون هذا مدعاة للخجل طالما تعرف الأسرة حجم استهلاكها.
ونوع أخير للهدر نوه عنه د. محمد القرناوى هو غرف كميات كبيرة من الطعام للأطفال والتى تكون أكثر من احتياجهم، فلابد أن نعرف أن للطفل حصة من الطعام يجب ألا يزيد على تناولها لأننا بذلك نعرضه للإصابة بالسمنة وفرط الوزن وزيادة كمية الأملاح والمعادن التى يحتاجها جسمه مما يسهم فى تكوين الحصاوى وارتفاع ضغط الدم عند الأطفال.
رابط دائم: