رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دمى برازيلية للخروج من دائرة العنف

جنيف ـ د.آمال عويضة

على مدار العقود الماضية، لم تتوقف تقارير هيئات الأمم المتحدة المعنية بالنساء والأقليات المستضعفة عن الدعوة لوقف العنف المتزايد تجاه النساء فى المجتمعات المغلقة نتيجة لثقافة تمجيد الذكور كما هو الحال مع أمازونيات البرازيل، وذلك على الرغم من الصورة الأسطورية عن نساء قبائل غابات الأمازون باعتبارهن مقاتلات شرسات، وإن انتقلت الآن ساحة المعركة من المعارك التقليدية إلى ساحة التمكين والاستقلال الاقتصادى للهروب من براثن الفقر وتسليط الضوء على مشكلات النساء.

فى نضال لها وتمرد على قبول العنف ضد النساء فى مجتمعها المحلي، خاضت لواكام أمنامبى ـ امرأة برازيلية من السكان الأصليين ـ معركتها بالعودة إلى أنشطة تراثية نسائية ممثلة فى صناعة دمى تقليدية من القماش المحشو بالقطن ومزينة برسومات وتفاصيل من البيئة المحلية. تبلورت الفكرة فى رأس لواكام عندما صنعت لحفيدتها دمية لم تستطع امتلاكها أو اللعب بها عندما كانت طفلة عاملة فى منطقة غابات الأمازون المطيرة الممتدة عبر دول أمريكا اللاتينية، إذ إن تلك الدمى لم تكن متاحة قط فى المتاجر كما أنها فى طريقها إلى الاندثار، ولهذا قامت بصنع واحدة منها تميزت بكونها برونزية البشرة ذات شعر داكن منسدل مما يجعلها أشبه بما يقرب من نحو مليون نسمة يُعرفون بكونهم من السكان الأصليين فى آخر تعداد سكانى فى البرازيل.

وبنجاح الفكرة، انضمت إلى لواكام البالغة من العمر 53 عامًا ابنتها ليتحول منزلها المتواضع إلى ورشة حياكة لإنتاج المزيد من الدمى التقليدية القطنية لتقف فى مواجهة الدمى الشقراء غربية الملامح أو التى خرجت أخيرا بملامح إفريقية والتى لم يكن من بينها ما يعبر عن هوية السكان الأصليين. منذ عام 2013، باعت لواكام أكثر من خمسة آلاف دمية فى المعارض المحلية وبالبريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخيرا فى معرض ألمانى بهدف التصدير إلى أوروبا.

تعمل لواكام فى ريو دى جانيرو بعيدا عن ولاية بارا الأمازونية، وعاشت طفولتها الصعبة بين 15 طفلاً، حيث أرسلها أبوها وشقيقتين للعيش والعمل فى سن السابعة من عمرها لتقوم برعاية ابن مالك المزرعة، وتتذكر لواكام توبيخها لطلبها دمية عندما قيل لها إن مهمتها أن تعمل لا أن تلعب، وكان التجاهل نصيبها عندما اشتكت من تعرضها للإيذاء الجسدى والجنسي، كما لم يكن من حقها الحصول على الأجر، وغالبًا ما انتهت شكاوى الصغيرة لواكام بالحبس الانفرادى فى مخزن تبغ مظلم، كما تم إجبارها فى الخامسة عشرة من عمرها على الزواج من رجل يكبرها بعقدين، أنجبت منه طفلة تركتها خلفها هربًا من العنف الزوجي. وفى رحلتها تنقلت بين مدن ومهن عدة حتى استطاعت جلب ابنتها بعدما امتهنت الحياكة وطورت مهاراتها التى مكنتها من صنع دميتها الشهيرة التى تشاركها فى انتاجها خمس مجموعات أخرى من السكان الأصليين باستخدام مواد وأدوات وألوان محلية الصنع مائة بالمائة. تحمل الدمية «آناتي» وهو اسم محور من اسم ابنتها، وهو أيضا اسم شركة لواكام للدمىوالتى تدفع بنحو 20% من عائداتها إلى مؤسستها غير الربحية فى منطقة «بارا» والمسماة باسم والدتها وجدتها: ماريا فيسينتينا، والتى توفر فرص تعلم الحياكة للناجيات من العنف الأسرى للمساعدة فى توفير الاستقلال المالي.

تقول لواكام: تلك واحدة من معاركنا من أجل البقاء هربًا من الفقر والجوع والتهميش والعنف التى تعرضنا لها منذ عقود على يد منتزعى أراضى الأمازون، وقاطعى الأشجار، ومربى الماشية، وعمال المناجم الذين نجحوا فى تدمير الغابات وطرد السكان الأصليين. فى الوقت نفسه، لم تنس لواكام كارثة تعرض نساء مجتمعات الشعوب الأصلية للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وطبقا لدراسة حكومية عام 2015، تتعرض امرأة برازيلية للعنف المنزلى كل سبع ثوان، كما أن أكثر من 70% من البرازيليات تعرضن فى حياتهن لعدة صور من العنف، وهناك واحدة من كل أربع نساء ضحية للعنف الجسدى أو النفسي، كما شهدت الفترة من 2016 إلى 2021 زيادة معدل قتل الإناث بأكثر من 44% ووفاة امرأة واحدة نتيجة العنف كل 7 ساعات. وعلى الرغم من اعتراف البرازيل فى الأربعينيات بالعنف المنزلى كمشكلة اجتماعية كبرى فإن الحكومة لم تتخذ إجراءات جادة إلا فى الثمانينيات مع دعم من مبادرات الأمم المتحدة وهيئاتها مثل وكالة الصحة الإنجابية والجنسية وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وخروج الدعوات للتعديلات القانونية والدستورية لحماية البرازيليات فى مناطق السكان الأصليين النائية، حيث يعتبر العنف ضد المرأة أمرًا شائعًا بسبب الفقر والجهل والبعد عن المدنية وصعوبة المواصلات والوصول إلى الخدمات العامة، بما فى ذلك التعليم ودعم الصحة الجنسية والإنجابية والعمالة المبكرة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق