رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

راجى أسعد أستاذ التخطيط والمشرف على مسح سوق العمل فى مصر لـ «الأهرام»: السوق المصرية واعدة.. وهناك نظرة تفاؤلية برغم الأزمات العالمية

محمد القزاز
راجى أسعد

تشكل قضية تشغيل الشباب، والقضاء على ظاهرة البطالة أحد أهم أولويات الدولة، ففى كل عام، يتأهب آلاف الشباب والخريجين الجدد لدخول سوق العمل يحدوهم الأمل فى استيعاب تلك السوق لهم، وفى ظل المتغيرات المتسارعة والأزمات المتفاقمة والتطورات العلمية والتكنولوجية والتقنية التى يشهدها العالم، تتزايد التحديات والعقبات التى تواجه الداخلين إلى سوق العمل ذكورا وإناثا، متعلمين وأنصاف متعلمين، وتفرض على المؤسسات المعنية الاهتمام بتنمية الموارد البشرية، وتنمية مهاراتهم، أو إضافة مهارات جديدة من أجل مواكبة التطورات السريعة والتكيف مع احتياجات سوق العمل المتغيرة على الدوام.

وفى مصر، لا تتوقف المبادرات والإستراتيجيات من أجل تهيئة الأجواء المناسبة وخلق سوق عمل واعدة تستطيع استيعاب كل الراغبين فى الدخول إلى سوق العمل، وامتصاص الصدمات الناتجة عن المتغيرات العالمية، ولا تكف الدولة عن الاستعانة بالكفاءات فى هذا المجال، ومنهم د. راجى أسعد أستاذ التخطيط والشئون العامة بجامعة مينيسوتا، وهو زميل باحث فى منتدى البحوث الاقتصادية فى القاهرة، وأحد المسئولين عن مسح سوق العمل فى مصر، والذى كان معه هذا الحوار حول سوق العمل وسبل تشغيل الشباب والتحديات التى تواجههم.. فإلى نص الحوار:

 

فى ظل التقلبات الاقتصادية العنيفة، ما التحديات التى تراها الآن فى سوق العمل وتشغيل الشباب؟

نظرتى نوعا متفائلة على المدى المتوسط والطويل، برغم أن العالم عادة يمر بأزمات كبيرة وكثيرة، خاصة الأزمة التى نعيشها الآن، فإننا نستطيع تخطى تلك الأزمة حال اتخاذنا الإجراءات المناسبة، ولا تزال سوق العمل المصرية سوقا واعدة، شرط الاستفادة من الفرص العالمية الموجودة فى التصدير التقليدى بشكل عام وتصدير الخدمات على وجه الخصوص، مثل تلك الخدمات التى تُقدم عن بُعد عن طريق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهى من أكثر القطاعات الواعدة فى مصر، وهناك تصنيفات دولية تحدد مدى تنافسية مصر فى هذا المجال، وهى من أكثر البلدان ارتفاعا وثباتا فى هذه التصنيفات خلال السنوات الماضية ويشاركها فى ذلك جنوب إفريقيا، على عكس بلدان عديدة تتأرجح فى هذه التصنيفات صعودا وهبوطا، وذلك يعود لأسباب عديدة أهمها التنافسية من ناحية التكلفة والموارد البشرية.

ومن أهم خطوات تهيئة مناخ الاستثمار هو أن يكون لدينا سعر تنافسى للدولار، وألا يكون هناك سعران له، وهو ما تعمل عليه الدولة الآن، وهو ما يساعد على زيادة العائد بالدولار، فالتكلفة ستكون بالجنيه، لكن العائد سيكون بالدولار. ومن التحديات الموجودة كذلك أن سوق العمل فى مصر تعانى نقصا فى العمالة، وهذا مؤشر جيد على وجود طلب، ما يعنى أن هناك فرصا لتلبية هذا الطلب، حيث يشكو أصحاب الأعمال فى مجال الخدمات التكنولوجية أن هناك منافسة عالمية كبيرة على العمالة.

فى ظل الأوضاع العالمية الراهنة هل من الممكن وضع خريطة لإصلاح هيكل العمالة فى مصر؟

توجد محاولات كثيرة من ناحية إصلاح هيكل العمالة فى مصر من ناحية التعليم والتدريب، منها ما تقوم به وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى من عقد اتفاقات وشراكات مع جهات دولية ومحلية لإنشاء مدارس متخصصة، وهو مجال مطلوب تنميته باستمرار، حيث نجد أن الكثير من داخلى سوق العمل الآن لديهم شهادات وليس لديهم مهارات، إذ تصل نسبتهم ما بين 45% و 50%، ومن ثم يحتاج هذا القطاع إلى تطوير لتلبية احتياجات سوق العمل.

وهل ترى أن وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى لديهما إستراتيجية لذلك؟

نعم، لديهما إستراتيجية تقومان على تنفيذها، لكننا بشكل عام نحتاج إلى إستراتيجية قومية للتشغيل، وهناك بالفعل عمل يجرى عليها الآن، وهناك خطط تم وضعها لتنفيذها بالفعل خلال هذا العام والعام المقبل. لكن فى نفس الوقت تبقى هناك مشكلة فى الطلب على العمالة، وهو لم يكن موجودا من قبل، والآن نشهد بشائر له، وأصبحنا نلمس تجاوبا بين الحكومة وأصحاب الأعمال لتلبية متطلباتهم من العمالة، ينقص فقط هذه الإستراتيجية معلومات سوق العمل، وإن كانت هناك محاولات لسد هذه الفجوة يقوم بها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وكيف يمكن سد فجوة معلومات سوق العمل؟

أنا عضو فى مجموعة تسمى مجموعة معلومات سوق العمل فى مصر، وهى تجمع كل الأطراف المنوطة بمعلومات سوق العمل، كما أن وزارة التخطيط لديها قطاع يسمى قطاع معلومات سوق العمل وهى بصدد إصدار منصة للعمال تسمى منصة «التوقع المهنى لمصر»، وهى معنية بإعطاء جميع التفاصيل عن المهنة والأجر والطلب على العمل وخصائص هذه المهنة، وهذه المنصة هى نتاج التعاون بين وزارة التخطيط والشركاء الآخرين، سواء دوليين مثل المعونة الأمريكية والمعونة الألمانية أو محليين مثل اتحاد الصناعات ومصلحة الكفاية الإنتاجية وغيرهما، والتقدم الحاصل فى هذا المجال وهو ما قام به جهاز التعبئة العامة والإحصاء أنه يجمع نوعين من المعلومات، فالأول عن طريق المنشآت وأصحاب الأعمال، والنوع الآخر عن طريق الأسر والأفراد، وهناك مسح جديد اسمه مسح الأجور وساعات العمل، وهو مختص بجمع بيانات من المنشآت، وهو مسح حدث له تطور شامل خلال يونيو 2021 الماضى، حيث بدأ يركز على جمع بيانات أفضل بالنسبة للأجور بحسب المهنة، وبيانات أفضل عن المهارات المطلوبة لكل مهنة، وبيانات أفضل عن الوظائف الشاغرة فى هذه المنشأة، وهو تطور كبير جدا من ناحية متطلبات المنشآت من ناحية المهنة.

إذن، ما المطلوب لخلق وظائف جيدة فى السوق المصرية؟

جمع البيانات والمعلومات مهم لمعرفة متطلبات السوق بحيث نستطيع التوفيق ما بين العرض والطلب، لكن طبيعة الطلب على العمل تأتى من طبيعة النشاط الاقتصادى الكلى فى الدولة، بحيث تفصح البيانات عن المجالات التى بها نمو والأخرى التى بها عجز، وهنا يأتى دور البيانات فى تأهيل العمالة وتدريبها وتوجيهها، فخلال السنوات الماضية تم الاعتماد بشكل شبه كلى على قطاع التشييد والبناء، وهذا النوع من العمل ينتج نوعية عمل سيئة من ناحية الجودة، وهى عمالة غير رسمية وغير منتظمة وليس لها حماية اجتماعية وغير ذلك من متطلبات الآمان، ولذا وجدنا أن النمو كان فى معظمه فى هذا المجال، والآن علينا استغلال التغيرات الهيكلية التى تحدث فى الاقتصاد بما فيها تغيرات سعر الصرف التى حدثت خلال أيام، بحيث نوجه الاقتصاد إلى اتجاه جديد من خلال تصدير الخدمات خاصة التى تُقدم عن بُعد، والصناعات التحويلية والأخيرة تعانى انخفاضا فى العمالة وصل إلى نحو 20%، وحتى ننجح فى ذلك فلا يكفى أن يكون سعر الصرف تنافسيا فقط، بل لابد من إجراءات أخرى كثيرة، منها أن تكون لدينا سياسات اقتصاد كلى مناسبة، وقد بدأ خلال الفترة الماضية التركيز على دور الدولة المناسب فى الاقتصاد، وهوما تمت ترجمته فيما يعرف بـ « وثيقة ملكية الدولة»، وهو ما نلمس بشائر له وليست نسبا، أضف إلى ذلك أن مصر تمتلك مجالا واعدا آخر وهو الاقتصاد الأخضر، ومصر لديها فرص كثيرة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، فهى من أفضل الأماكن فى إنتاج الطاقة فى العالم، وعلينا اخذ دور رائد فى هذا المجال وتصدير هذه الطاقة، ومصر تستطيع إنتاج طاقة متجددة بتكلفة منخفضة بسبب توافر الشمس والرياح والأراضى الفضاء والمسطحة والعمالة المتوافرة والتكلفة الأقل مقارنة بدول المنطقة المنافسة فى هذا المجال.

كيف يمكننا حل معضلة التوظيف فى القطاع غير الرسمى، ما التحديات المطلوبة لحل تلك العضلة؟

علينا ألا يكون هدفنا هو تحويل القطاع غير الرسمى إلى رسمى، لكن لابد أن يكون الهدف هو تحسين جودة العمل والوظائف، وأن تكون هناك بعض الحماية، فلدينا وظائف غير مستقرة وغير منتظمة، ومن الصعب على صاحب العمل أن يقوم بالتغطية التأمينية لهذه العمالة، خاصة فى ظل التغيرات التكنولوجية واقتصاد المنصات وعدم استقرار العمالة بما يتناسب وطبيعة تلك الوظائف، وهذا يعنى أن المنظومة الحالية فى التأمينات الاجتماعية غير مناسبة، لأنها كانت تعتمد على علاقة طويلة المدى بين الموظف وصاحب العمل، ومن هنا علينا البحث عن طريقة مختلفة نستطيع منها تقديم الحماية الاجتماعية عن طريق التأمينات بطريقة غير تقليدية، ولو ضربنا مثلا بسائق أوبر، ففى هذه الحالة تستطيع الحكومة تحصيل التأمينات من المنصة مباشرة، وما سبق قوله لم يتعد حدود التفكير وليس الشروع فى العمل، برغم أننا قمنا بحصر العمالة غير المنتظمة أو بعضها وقت كورونا وتم صرف إعانات لهم، وقبلها كان هناك ما يسمى كذلك شهادة أمان للعمالة غير المنتظمة، وهاتان تجربتان تخبرنا بأننا نستطيع الوصول لهذه العمالة وإنشاء قواعد بيانات لهم، وتوسيع مجال الحماية الاجتماعية لهذا القطاع، فالوظيفة الثابتة والدائمة أصبحت من الماضى، ومن ثمّ علينا التفكير فى طرق غير تقليدية لتوفير الحماية الاجتماعية للعمالة غير المنتظمة، وقانون التأمينات الجديد يسمح بذلك، لكنه حتى الآن لم يُنفذ، كما أن لائحته التنفيذية لم تصدر بعد، حيث تواجه عقبات وخلافات بين أطراف المنظومة.

وهل هذا هو ما دفعك إلى التوقع بأن يزيد الطلب على سوق العمل بقوة فى مصر خلال السنوات العشر المقبلة، بعد التراجع الذى شهدته السنوات الماضية؟

بالطبع، فقد قمت بعمل إسقاطات/ توقعات على القوى العاملة فى مصر وحجمها حتى 2050، وهى تعتمد بالأساس على توقعات السكان التى تقوم به الأمم المتحدة لكل دول العالم، لكننى حوّلت توقعات السكان إلى توقعات القوى العاملة، وهى ما تكشف عن أننا نعيش الآن فترة هدوء من ناحية نمو القوى العاملة خاصة عنصر الشباب حاليا، لكن خلال ثلاث أو أربع سنوات سوف نشهد ضغطا ديموغرافيا يبدأ من جديد، وعلينا أن نكون مستعدين جيدا لهذا الضغط، ووقتها سترتفع بالتبعية معدلات البطالة.

كيف ترى تأثير الحرب والركود التضخمى على سوق العمل؟

تستطيع أن تلمس تأثير ذلك بشكل أكثر وضوحا على ما نسميه الأجر الحقيقى، فالأجور فى مصر لا تتزايد بنفس ارتفاع درجة التضخم، فأقصى الزيادات تكون بين 7 و8%، فلو أن التضخم نسبته 20% فإن هناك تدهورا حقيقيا فى الأجور يصل إلى 13%، ففى كل مرة نشهد قفزات تضخمية فى مصر يحدث انتقاص فى الأجور الحقيقية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق