آيم ويليامز وسام فليمنج ـ صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية
قدم “قانون الحد من التضخم”، والمعروف أيضا باسم “خطة بايدن للمناخ”، والذى تبلغ قيمته مليارات الدولارات مكافأة خضراء كبيرة لخبراء المناخ والشركات الأمريكية، بينما أثار حفيظة شركاء أمريكا التجاريين. وذلك بعد أن خصص مشروع القانون، الذى أقره الكونجرس الأمريكى فى الصيف الماضي، 369 مليار دولار للطاقة النظيفة والمشاريع المتعلقة بالمناخ، مما أثار سلسلة شكاوى من حكومات الاتحاد الأوروبى بدعوة انتهاك قواعد التجارة الدولية .
يرى جون كيري، المبعوث الأمريكى للمناخ، أنه يجب على الاتحاد الأوروبى والشركاء الآخرين اتخاذ خطوات عاجلة لجعل ظروف الاستثمار الأخضر الخاصة بهم أكثر جاذبية، بدلاً من انتظار قيام الولايات المتحدة بتقديم تنازلات كبيرة. لكن على الجانب الأخر، قالت لويزا سانتوس، إحدى كبار المسئولين فى «اتحاد الأعمال الأوروبي»، وهى مجموعة ضغط مقرها بروكسل: “القضية الأساسية هى أن الولايات المتحدة أوجدت دراسة جدوى للاستثمار فى التقنيات الخضراء، بينما يواجه الاتحاد الأوروبى تشريعات أكثر تعقيدًا وتكاليف طاقة أعلى، وهو حافز كبير للغاية إلى ذهاب الاستثمارات الجديدة إلى الولايات المتحدة”.
يهدف القانون لتحفيز الاستثمار فى تقنيات الطاقة النظيفة الجديدة والناشئة من خلال تقديم مليارات الدولارات للشركات إلى حد كبير من خلال نظام الإعفاءات الضريبية. كما أنه يكافئ الشركات على إنشائها فى الولايات المتحدة، وإعادة تنظيم سلاسل التوريد لتكون إما فى الولايات المتحدة أو بين الحلفاء والشركاء. كما تهدف الإعانات إلى تسريع الوتيرة التى تصبح بها التقنيات الجديدة متاحة على نطاق واسع وبأسعار معقولة، بالإضافة إلى إيجاد اقتصاد جديد من “الوظائف الخضراء” فى الولايات المتحدة مع تقليل الاعتماد على الصين.
بصرف النظر عن طموح الولايات المتحدة لتوسيع نطاق الصناعة الخضراء المحلية، فإن واشنطن لديها العديد من التزامات المناخ الخاصة باتفاقية باريس. فقد قدر تحليل أجرته “مجموعة الروديوم”، وهى مجموعة بحثية مستقلة، بأنه يمكن وضع الولايات المتحدة على المسار الصحيح لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بنسبة 31-44 % بحلول عام 2030 مقارنة بمستوياتها فى عام 2005. يقول بول بليدسو، مستشار المناخ السابق فى البيت الأبيض، «إن الأمل يكمن فى الحوافز الضريبية والأموال العامة، حيث ستطلق العنان لتريليونات الدولارات فى استثمارات جديدة للقطاع الخاص».
هناك نوعان من الدعم على نطاق واسع سواء للشركات وللمستهلكين. بينما يتم توزيع معظم الأموال من خلال نظام الضرائب الأمريكي، هناك أيضًا بعض المنح والقروض فى هذا المزيج. ووفقًا لتحليل أجرته شركة “ماكينزي” الأمريكية، وهى إحدى الشركات الرائدة فى مجال استشارات الأعمال، فإن الجزء الأكبر من التمويل المناخى مخصص للشركات الخاصة، والتى ستحصل على حوالى 216 مليار دولار من الإعفاءات الضريبية. بالإضافة إلى ذلك، يعمل العديد من الإعفاءات الضريبية الاستهلاكية على زيادة العملاء المحتملين للمنتجات الأنظف. على سبيل المثال، يتوفر ائتمان ضريبى يصل إلى 7500 دولار لمشترى السيارات الكهربائية أو التى تعمل بالطاقة الهيدروجينية لأى شخص يكسب أقل من 150 ألف دولار فى السنة.
توجد أيضًا إعفاءات ضريبية متاحة لجعل المنازل أكثر خضرة وترقية الأجهزة إلى إصدارات أكثر كفاءة فى استخدام الطاقة، حيث تتراوح خصومات ضريبية لمرة واحدة بين 1200 و 8000 دولار لأصحاب المنازل لتركيب مضخات حرارية موفرة للطاقة، وتحسين العزل والكهرباء فى منازلهم. تستخدم واشنطن الأموال لتحفيز الأعمال التجارية لإخراج الصين من سلسلة التوريد وتعزيز التصنيع فى الولايات المتحدة. لكن هذا له آثار فى أماكن أخرى، حيث لكى تكون السيارة الكهربائية مؤهلة للحصول على الائتمان الضريبى الكامل، يجب أن يتم تصنيعها فى أمريكا الشمالية، ويجب استخراج أو معالجة النسب المئوية المحددة لمكونات البطارية والمعادن المهمة فى الولايات المتحدة أو البلدان التى لديها اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة .
أنشأ الاتحاد الأوروبى فريق عمل مع الولايات المتحدة لتخفيف بعض تأثير القواعد التى تتطلب مصادر من أمريكا الشمالية. لكن عددا كبيرا من صانعى السيارات والبطاريات الكهربائية قد أعلنوا بالفعل عن استثمارات فى الولايات المتحدة، خاصة أنهم يتوقعون طلبا على السيارات الكهربائية ذات الأسعار المعقولة من المشترين الأمريكيين ، والتى من بينها شركات أوروبية كبيرة. على سبيل المثال ،أعلنت شركة “BMW” عن استثمار ما يقرب من مليارى دولار فى ولاية كارولينا الجنوبية أواخر العام الماضي، حيث تقوم بتوسيع مصنعها الحالى وبناء مصنع بطاريات إضافى فى مكان قريب. وقد قررت شركة “فيرارى” القيام باستثمار رأسمالى أولى بقيمة 1.7 مليار دولار فى جورجيا أواخر العام الماضي. كما أعلنت “اينيل” شركة الطاقة الخضراء أيضًا أنها ستبنى مصنعًا للخلية والألواح الشمسية الكهروضوئية فى الولايات المتحدة.
يتوقع مسئولو الاتحاد الأوروبى أن تقدم الولايات المتحدة بعض التنازلات فى مجال السيارات الكهربائية والبطاريات، لكنهم متقبلون أن التوجه العام للنظام الأمريكى لن يتغير. وبناء على ذلك، يسعى الاتحاد الأوروبى جاهدا لجعل الظروف فى القارة أكثر ملاءمة للاستثمار الأخضر. وسيشمل ذلك تخفيف القواعد التى تحد من الإعانات العامة للتقنيات الخضراء، وتسريع تصاريح مزارع الرياح الجديدة وصفيفات الألواح الشمسية، وربما حشد الأموال النقدية لتحفيز الإنفاق.
يؤكد مسئولو المفوضية الأوروبية أن الاتحاد لديه بالفعل مصادر رئيسية للاستثمار الأخضر. كما أنه يجب على عواصم الاتحاد الأوروبى تخصيص حوالى 37 % من إنفاقها فى إطار خطة التعافى من جائحة كورونا التى تبلغ 800 مليار يورو للانتقال الأخضر. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يكون الإنفاق على البيئة نحو 100 مليار يورو من خطة التماسك للاتحاد الأوروبى 2021-2027، والتى تعزز التنمية الإقليمية.
وقد دعا رئيس المجلس الأوروبى تشارلز ميشيل إلى نشر أموال الاتحاد الأوروبى الحالية بشكل أسرع وأن يكون من الأسهل “إعادة توجيه” الأموال إلى الأولويات الجديدة. لكن هذا ليس من السهل تحقيقه بأى حال من الأحوال نظرًا للحاجة إلى الحصول على دعم من مؤسسات ودول متعددة. فى الوقت نفسه ورغم تعهد مسئولين آخرين فى الاتحاد الأوروبى باستدعاء تمويل جديد لمواجهة المنح الأمريكية، فإنهم يواجهون معارضة من الدول الأعضاء، ومن بينها ألمانيا وهولندا.
رابط دائم: