رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العمالة غير المنتظمة.. حصر واجب ودعم مستدام
إجراءات لحماية «دينامو الاقتصاد» وضم ٢٫٥ مليون عامل تحت «المظلة الرسمية»

تحقيق ــ راندا يحيى يوسف

تأمين العمالة ضد الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل.. وتمكين لذوى الإعاقة ضمن نسبة الـ5%

«القوى العاملة»: ١٫٤مليار جنيه دعما لهم خلال الجائحة.. وتعديل اللوائح الخاصة.. واشتراك رمزى لضمان التسجيل

سولاف درويش: الدولة ترعى العمال .. والقانون الجديد يكفل التدريب وتطوير المهارات

 

تُعد العمالة غير المنتظمة من أكثر الفئات التى كثيرا ما عانت من التهميش لعقود طويلة، فهم أصحاب الأيدى التى تشقى فى عملها من أجل راحة الآخرين، لا يدخرون جهدا فى تأدية مهامهم تحت وطأة أى ظرف، ولأنهم قوة لا يستهان بها فى المجتمع، فقد وضعت الدولة المصرية هذه الفئة وتحسين أوضاعهم فى قائمة أولوياتها، باعتباره هدفا قوميا وجزءا لا يتجزأ من خطط التطور الاقتصادى؛ وتنفيذا لهذا التوجه، فقد سعت وزارة القوى العاملة خلال الفترة الماضية

لاتخاذ حزمة من الإجراءات التى تكفل لهم المزيد من الحقوق لتحسين مستوى معيشتهم، منها إدخالهم فى منظومة التأمين الاجتماعى، بالإضافة إلى تشكيل النقابات العمالية والمهنية لضمان منحهم العديد من المزايا والخدمات العامة، وتستعرض «تحقيقات الأهرام»، ما تم انجازه من أهداف خطط الدولة، وما جنته تلك الفئة من ثمار إجراءات وضعهم تحت مظلة اجتماعية آمنة فى ظل التحديات التى تحيط بسوق العمل جراء الأزمات العالمية.

دعم العمالة غير المنتظمة

فى البداية، يوضح حسن شحاتة وزير القوى العاملة أن ملف رعاية العمال بشكل عام والعمالة غير المنتظمة بشكل خاص، توليه الدولة اهتماما بالغا، بعد أن عانت تلك الفئة من التهميش بسبب عدم توافر معلومات كافية عن أعدادهم أو أماكن وجودهم أو توفر دراسات علمية بشأنهم على الرغم من أنهم ضلع رئيسى فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، فضلا عن استحقاقهم للحماية القانونية أمام أصحاب الأعمال وتحسين أجورهم واستفادتهم وأسرهم من برامج الرعاية الصحية التى تكفلها الدولة، وأضاف: من ثم بدأنا بمعالجة ذلك من خلال حزمة إجراءات منها تعديل اللوائح الخاصة بهم وإدخالهم فى صندوق مستدام باشتراك رمزى بما يضمن فاعلية تسجيلهم داخل الوزارة، وعلى الجانب الآخر نعمل على حصر الأعداد الحقيقية لهم، فحتى الآن بلغ عدد المسجلين بقاعدة البيانات المركزية 331 ألفًا و688 عاملا يعملون داخل القطاع الرسمى أى المقيدين داخل السجلات ويعملون بالمقاولات والمناجم والمحاجر والزراعة والصيد، بينما الأعداد الفعلية المستهدفة من الحصر فهم فئة العاملين بقطاعات مختلفة ولم يسجلوا كالعاملين وغيرهم مما تنطبق عليهم نفس الظروف، لذا فإن حصر العمال سيتم على عدة مراحل والمستهدف من المرحلة الأولى 2.5 مليون عامل.

ويشدد وزير القوى العاملة على اهتمام الدولة المتنامى بقطاع العمالة، حيث إنهم «دينامو» الاقتصاد الوطنى، وبالنسبة لوزارة القوى العاملة قدمت الدعم لهم إبان أزمة كورونا بقيمة «1٫4 مليار جنيه» لفئة العمالة غير المنتظمة التى تعتبر أكثر الفئات تضررًا خلال تلك الفترة، من خلال المنحة الرئاسية لهم على مرحلتين بعدد «6» دفعات فى الفترة من أبريل 2020 وحتى مارس 2021 للعمالة غير المنتظمة من خلال حسابات الرعاية الصحية والاجتماعية بمديريات القوى العاملة بالمحافظات.


صندوق إعانات الطوارئ للعمال

ويتابع الوزير: أوجه الدعم المقدمة للعمال من خلال صندوق إعانات الطوارئ للعمال الذى بلغ حجم الإنفاق فيه نحو مليارين و162 مليون جنيه، استفاد منها 421 ألفًا و616 عاملًا يعملون فى 3962 منشأة منذ تأسيس الصندوق فى يونيو 2002 حتى نهاية سبتمبر ٢٠٢٢، لافتا إلى أن صندوق الطوارئ وفقا للقانون رقم 156 لسنة 2002، يهدف بالأساس إلى تقديم إعانات للعاملين الذين يتوقف صرف أجورهم من المنشآت لأسباب اقتصادية مختلفة، وبالأخص فى حالات الإغلاق الكلى أو الجزئى للمنشأة أو تخفيض عدد عمالها المقيدين فى سجلات الجهة الإدارية المُختصة بالتأمين الاجتماعى ،وحددت المادة الثانية من القانون اختصاصات الصندوق حيث يختص فى سبيل تحقيق أغراضه برسم السياسات العامة لمواجهة إغلاق المنشآت أو تقليص حجم إنتاجها أو نشاطها نتيجة لما تتعرض له من ظروف اقتصادية، فضلا عن صرف الإعانات للعمال الذين يتوقف صرف أجورهم وفقا للضوابط التى تحددها اللائحة التنفيذية، وأن موارد تمويل الصندوق تأتى من نسبة "1%" من الأجور الأساسية للعاملين بمنشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص التى يعمل بها ثلاثون عاملا فأكثر، تتحملها وتلتزم بسدادها إلى الصندوق .


إلزام المنشآت بنسبة الـ 5%

من هذا المنطلق يؤكد وزير القوى العاملة أن الدولة تولى عناية خاصة بأبنائها من ذوى القدرات الخاصة إيمانًا بقدراتهم وإمكاناتهم، مشددا على أن المجتمع الذى يُقدر أبناءه من ذوى القدرات الخاصة، ويسخر لهم كل سبل الدعم والرعاية، هو المجتمع الأقرب إلى تحقيق أعلى معدلات للتنمية والتقدم والنهضة الشاملة فى جميع المجالات؛ ويتضح دعم الدولة لذوى الهمم باعتبارهم جزءًا من نسيج المجتمع وقوة لا يستهان بها. وتقوم وزارة القوى العاملة بدمج العمالة غير المنتظمة منهم وإدخالهم فى القطاع الرسمى والتأكد من التزام جميع المنشآت بتعيين النسبة التى نص عليها القانون من عمالة ذوى الاحتياجات الخاصة، كما تقوم الوزارة بالتفتيش الدائم على المنشآت للتأكد من مدى التزامهم بتطبيق ذلك، وفقا لقانون العمل رقم 12 لسنة 2003،وقانون ذوى الاحتياجات الخاصة رقم 10 لسنة 2018 الذى ينص على أهمية تعيين نسبة الـ5% إجباريا لجميع المنشآت، وكذلك استيفاء اشتراطات السلامة والصحة المهنية داخل المنشآت المستهدفة، و«لدينا لجان مركزية للتفتيش على جميع المنشآت والتأكد من معلومات المديريات المرسلة».

منظمة العمل الدولية

مما سبق يتضح أن اكتمال الصورة فى ملف العمالة غير المنتظمة يسير بخطى ناجحة وثابتة، بل نال استحسان المنظمات الدولية الحقوقية المنحازة لحقوق العمال على المستوى الدولى، وهو مؤشر واضح على أن المساعى والخطوات المتبعة من الدولة المصرية لضم القطاع غير الرسمى من العمالة غير المنتظمة بجميع صورها للقطاع الرسمى هى عنوان لعصر جديد من التأهيل المهنى تشارك فيه جميع الفئات دون استثناء أو إقصاء لأى فئة؛ وهو ما أثمر عن التعاون مع منظمة العمل الدولية بعد صدور "قانون الحريات النقابية" وفقا للمعايير الدولية، وهو ما يدعو للفخر كما يصفه وزير القوى العاملة، لافتا إلى أن طبيعة هذا التعاون قائمة على الاستمرار فى مشروع "تعزيز علاقات العمل ومؤسساتها فى مصر"الذى تم إطلاقه فى مارس 2020 بمكوناته الثلاثة من حيث تعزيز الحريات النقابية والمفاوضة الجماعية والحوار المجتمعى بين جميع الأطراف المعنية بالعملية الإنتاجية، فضلا عن دعم برنامج العمل الأفضل، كما يشمل التمكين الاقتصادى للمرأة والمساواة بين الجنسين وزيادة مشاركة المرأة فى العمل النقابى العمالى، وكذلك صدور القرار الوزارى رقم 227 لسنة 2022 باعتماد دليل الإجراءات الموحد لتأسيس المنظمات النقابية العمالية كأداة أساسية من أدوات الاستدامة التى أحرزها المشروع.


منظومة التأمين الاجتماعى

ويشرح رضا العربى، مدير إدارة حسابات العمالة غير المنتظمة بوزارة القوى العاملة أهمية إنشاء إدارة متخصصة لحسابات العمالة غير المنتظمة على المستوى القومى، حيث تخضع لإشراف الوزير وتهدف إلى إحكام الرقابة على موارد العمالة غير المنتظمة وأوجه صرفها، من خلال وضع ضوابط وإجراءات تنظيم هذه الحسابات وتعظيم الاستفادة من الموارد وتوظيفها بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى تقديم خدمات فعلية سواء الرعاية الاجتماعية أو الصحية، كما تسمح للوزارة بالتدخل بشكل عاجل وفورى لحماية أسرة أى عامل قد يتعرض لظروف طارئة، ومثال لتلك الحالات صرف 10 آلاف جنيه فى حالة وفاة العامل أو العجز الكلى، و5 آلاف فى حالة العجز الجزئى أو الحاجة لإجراء عملية جراحية كبرى، و3 آلاف جنيه للزواج ولمرة واحدة فقط، وألفى جنيه للمولود الأول والثانى، وفى حالة التوأم 3 آلاف جنيه، و500 جنيه مِنحة فى الأعياد الرسمية .

وفى ذات السياق، يشير «العربى» إلى التعاون اللصيق بين وزارة القوى العاملة والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لإدخال فئة العمالة غير الرسمية تحت مظلة الحماية الاجتماعية وتأمينهم ضد الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل، حيث تم البدء فعليا فى إجراءات التأمين الاجتماعى مرحليًا واشتملت المرحلة الأولى على 45 ألف عامل غير منتظم، وتم استخراج 15 ألف بطاقة رقم قومى لهم مدون بها المهنة الحقيقية للعامل، فضلا عن شهادات لقياس مستوى المهارة وترخيص مزاولة المهنة، فى حين يجرى العمل على إنهاء الإجراءات لنحو 30 ألف عامل.


التدريب المهنى

ويضيف رضا العربى أن وزارة القوى العاملة تمتلك 75 مركز تدريب منتشرا على مستوى المحافظات، منها 38 مركزا ثابتا ،و10 وحدات تدريبية ثابتة، و27 وحدة تدريب متنقلة، لافتا إلى أنه يجرى وضع خطة لتطوير منظومة التدريب المهنى وفقا لأحدث الأساليب التدريبية العالمية والنظم التكنولوجية، وفى ذات الإطار تتعاون القوى العاملة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى لتنفيذ خطة تمويل وتطوير المدارس الصناعية والفنية لدعم ثقافة «العمل الحر». ويشير العربى إلى أن أحد أوجه التدريب المثمرة التى تتولاها القوى العاملة حاليا تجهيز 11وحدة تدريب متنقلة تمهيدا لإطلاقها فى قرى ونجوع المحافظات المستهدفة بمبادرة حياة كريمة، وذلك لتدريب الشباب من الجنسين على مهارات العمل المختلفة.

تقديم الخدمات لأصحاب الهمم، من خلال مراكز التأهيل الشامل، وهى وحدات متكاملة معدة لتوفير برامج التأهيل الشاملة، للأشخاص أصحاب الهمم بمختلف فئاتهم، والذين يصعب انتقالهم للتدريب بسوق العمل، وكذا الحالات التى تحتاج رعاية مستمرة من الناحية البدنية والاجتماعية والنفسية، وهى موزعة على جميع محافظات الجمهورية، ومن أهم الخدمات التى تقدمها هذه المراكز: الإعداد البدنى سواء بالأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية أو بالعلاج الطبيعى، وتوفير الخدمات الاجتماعية والنفسية، بهدف مساعدة أصحاب الهمم على تكوين عادات اجتماعية، تمكنهم من التكيف الاجتماعى، وتؤهلهم للاعتماد على أنفسهم فى حدود إمكاناتهم، وتقديم برامج تنمية الذات، وتنمية المهارات الحياتية المختلفة، مثل كيفية الاعتماد على النفس، والتدريب على بعض المهن المناسبة للإعاقة، مثل صناعة (السجاد، الخزف، الجلود ...الخ )، من خلال الورش الفنية التى تضمها هذه المراكز، لاسيما أن أصحاب الإعاقة هم أكثر فئات العمالة غير المنتظمة تضررا ويواجهون أعلى مستوى من البطالة فى حين أن لديهم من الإمكانات والقدرات ما يؤهلهم للاستفادة من مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية ، كما يمتلكون من الإرادة والتحدى ما يجعلهم مشاركين فاعلين فى صناعة حاضر الوطن ومستقبله، فلا يجب أن تكون الإعاقة سببا فى حرمانهم من الالتحاق بعمل ثابت والاستفادة بكل الحقوق والخدمات التى تقدمها الدولة للمواطنين.

دعم الدولة

وتُعبر النائبة سولاف درويش وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان عن وجهة نظرها فيما يخص ملف العمالة غير المنتظمة، حيث ترى أن أهم قرار بحقهم هو حصر جميع البيانات عن جميع العاملين، لاسيما فئة العمالة غير المنتظمة ومنهم الباعة الجائلون، والسباكون، ونجارو المسلح وغيرهم، فجميعهم يدخلون تحت طائلة بنود خاصة داخل قانون العمل الجديد الذى ينص على إنشاء صندوق خاص بهم عبر شبكة معلوماتية لتدريبهم وإعادة تأهيلهم وتطوير إمكاناتهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.

وتوضح وكيل لجنة القوى العاملة أنه بالفعل تم رفع الحد الأدنى للأجور من ٢٤٠٠ إلى ٢٧٠٠ جنيه وكذلك العلاوة إلى 3% من الأجر التأمينى (بحد أدنى 100جنيه)، وبناء على ذلك، فإن توجه الدولة لرعاية العمال أصبح مختلفا ويدل على الاستدامة فى تقديم الدعم لهم سواء النقدى أو اللوجيستى .

نماذج مشرفة

ومن أبرز النجاحات التى تحققت فى ملف العمالة غير المنتظمة ما روته لنا سليمة الجبالى،السيدة السيناوية التى تعمل فى صناعة المشغولات اليدوية وتجتهد فى تدريب فتيات سيناء على إتقان الحرفة وتقوم نيابة عنهن بتسويق المنتجات من خلال المشاركة فى المعارض كمعرض " تراثنا" للمشغولات والحرف اليدوية الذى يقام سنويا بالقاهرة، والذى حقق نجاحا مبهرًا وبيع للمنتجات بنسبة كبيرة ، وتوضح سليمة أن هذا الإقبال على المنتجات السيناوية فتح افاقا للمزيد من فرص العمل، بينما العائق أمامها كان فى إيجاد أماكن للتدريب، فهن كعاملات مستقلات وسيدات من بيئة بدوية لهن طبيعة خاصة، بحيث إن السيدات يحتجن لتدريب داخل بيوتهن، ويحتجن كذلك من يقوم بالتسويق نيابة عنهن، وبفرحة شديدة تقول إنه بعد مقابلتها مع وزير القوى العاملة فى أثناء زيارته سانت كاترين وشرح الوضع، أصدر أوامره بتخصيص عربة تدريب مجهزة بأحدث التقنيات تحت إشرافها وتتسع لعدد كبير من المتدربين، وترى سليمة أن هذا الانفتاح فى الرؤية وتوظيف إمكانات العمالة وفقا لما يتناسب مع بيئتها يوجد فرص عمل جديدة ويسهم بشكل غير مباشر فى القضاء على البطالة .

ومن سيناء إلى القاهرة وتحديدا بقصر العينى، حيث تعمل رضوى عثمان عاملة الأسانسير التى تعانى من إعاقة فى قدميها وظلت تعمل لأكثر من عشر سنوات دون عقد أو تأمين صحى أو اجتماعى، وتعيش «اليوم بيومه» على حد تعبيرها على أمل التغيير، ومنذ أقل من شهرين فوجئت بتوقيع عقد عمل مؤقت لها لحين تعيينها وتطبيق اللائحة الخاصة بتعيين نسبة 5% من ذوى الاحتياجات الخاصة بأماكن عملهم، وهو ما يحقق لها حلمها المتواضع فى الحصول أخيرًا على حقوقها التأمينية والاجتماعية وفى المعاش عند حلول سن التقاعد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق