رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شيخوخة المجتمع ..« أُم » المشكلات!

برلين ـ مها صلاح الدين

مشاكل أوروبا وأزماتها لن تتوقف ولن تنتهى .. لكن تبقى شيخوخة مجتمعاتها وانكماشها «أُم» المشكلات. فهى لاتفرض الكثير من التحديات فى الوقت الحاضر فحسب، بل ترسم أيضا صورة قاتمة للمستقبل القريب. وذلك إن لم تتمكن القارة العجوز سريعا من إيجاد حل و تغيير رؤيتها وطريقة تعاملها مع الأزمة بشكل جذرى.

فبخلاف التقارير والتحليلات التى ملأت الصحف مؤخرا حول انكماش تعداد المجتمع الصينى للمرة الأولى منذ 60 عاما وما قد يعنيه هذا وانعكاساته على البلاد، تعانى أوروبا فى صمت منذ سنوات الأزمة ذاتها ، لكنها كانت تختبئ وراء ستار الهجرة لتعويض العجز فى النمو السكانى. ولكن هذا الستار سقط خلال العامين الماضيين. لتعلن القارة «العجوز» بشكل واضح عن انكماش مجتمعها.

فأزمة أوروبا مع اختلال معدلات المواليد والوفيات بدأت تحديدا منذ عام 2012. لكن ظلت موجات الهجرة الواسعة التى تدفق على القارة قادرة على تعويض الخلل فى تعداد سكانها، إلا أن هذا توقف منذ عام 2020، أى مع بدايات العقد الحالى بعدما فشلت الهجرة فى ملأ الفجوة الآخذة فى الاتساع.

فوفقا لتقديرات الخبراء ، تحتاج الشعوب الأوروبية لمعدل مواليد لا يقل عن 2,1 طفل لكل سيدة ، لتحافظ على معدلات نموها بأمان ، بعيدا عن مزاج الهجرة المتقلب ، إلا أن هذا المعدل يهوى فى دول الاتحاد الأوروبى إلى 1,5، وفقا لأحدث الإحصائيات الصادرة عام 2020.وهذا الرقم ، وبالرغم من ضآلته، فهو لا يزال يعبرعن متوسط معدل المواليد فى أوروبا. أى أن بعض الدول تعد أتعس من غيرها فى هذا الصدد ، مسجلة معدلات أكثر تدنيا لا تتجاوز حاجز الـ1,1، كما هو الحال فى إسبانيا ومالطا، بينما يبلغ أفضل حالاته فى اقتصاديات أوروبا الأقوى كفرنسا، مسجلا 1,8.

وهنا يلعب الاقتصاد دورا جوهريا فى الأزمة ، ليس على صعيد المواليد فحسب ، بل لاتزال الاقتصاديات الأكثر ازدهارا فى أوروبا قادرة على اجتذاب المهاجرين والعمالة الماهرة إليها أكثر من غيرها، على نحو يؤمن لها البقاء والاستمرار بأمان.

فوفقا لأحدث مسح لمؤسسة «يوروستات» ، جهاز الإحصاء الرسمى التابع للاتحاد الأوروبى ، تستمر مجتمعات نحو 11 دولة فى أوروبا فى النمو حتى عام 2100 بفضل الهجرة، على رأسها السويد وفرنسا وهولندا والدنمارك وألمانيا، رغم الانكماش العام الحادث لسكان أوروبا خلال هذهالفترة، والمتوقع أن يهوى إلى 416 مليونا بنهايتها. وذلك، مقارنة بـ 447 مليونا فى الوقت الراهن.

ومع ذلك، لا تستطيع حتى تلك الدول الاعتماد كثيرا على سلامة اقتصادها فى اجتذاب البشر إليها. بالنظر إلى دولة بحجم ألمانيا، باعتبارها الاقتصاد الأقوى والأضخم فى أوروبا، تجد المسئولين بها يستغيثون من فرار المهاجرين منها حتى بعد السماح لهم بالدخول والاستقرار بها لبضع سنوات. ففى بدايات العام الحالى، احتفلت البلاد بمعدلات هجرة قياسية إليها، بلغت 1,1 مليون نسمة على مدار العام الماضى وحده. فى المقابل، خرج منها نحو 750 ألف مهاجر كانوا قد وفدوا إليها فى الأعوام السابقة. وهو ما دفع المسئولين إلى الدعوة والتشديد على ضرورة تغيير «ثقافة الترحيب» فى البلاد.

فالسبب الرئيسى وراء فرار هؤلاء، فى أغلب الأحيان، يكون لفشلهم فى معادلة شهاداتهم. ومن ثم، الاضطرار لامتهان وظائف لا تتناسب وحجم مؤهلاتهم، ليأخذوا القرار الصعب بالرحيل، تاركين السوق الألمانى يعانى أكثر من مليونى وظيفة شاغرة.

خوف برلين الأكبر مما هو قادم. فالإحصائيات تتوقع تجاوز الرقم حاجز الـ 7 ملايين وظيفة شاغرة بحلول عام 2035، مع بلوغ غالبية الموظفين فى البلاد لسن التقاعد، وعدم القدرة على إحلالهم فى المدى القريب. فألمانيا كغيرها من شعوب أوروبا تعانى شيخوخة مجتمعها، الذى يصل إلى نحو 25 % من تعداد السكان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق