رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وحدة ظاهرية..وخلافات عميقة

أمنية نصر
دبابة ليوبارد 2

لطالما حرص الغرب على الظهور موحداً تجمعه رؤية مشتركة حول العديد من القضايا، غير أن هناك العديد من الخلافات والشقاقات العميقة كشفها الزلزال الجيوسياسى الذى خلفته الحرب فى أوكرانيا. وكانت معضلة إرسال الدبابات الألمانية «ليوبارد 2» لأوكرانيا بهدف إحداث توازن ميدانى فى الحرب أحدث تلك الخلافات ورمزها، حتى مع إعطاء برلين الضوء الأخضر أخيراً لإرسالها.

وعلى الرغم من إجماع دول الاتحاد على إدانة العملية العسكرية الروسية، إلا أن التوازنات الداخلية للاتحاد الأوروبى تغيرت بشكل كبير ونجحت دول أوروبا الشرقية ودول البلطيق فى ترسيخ تحالفها النابع من قربها الحدودى من الصراع والمرارات التاريخية مع موسكو مقارنة بالدول الغربية الكبرى. فبرزت دولة مثل بولندا كأقوى كيان دفاعى فى أوروبا الجديدة، وأبرمت صفقات أسلحة ضخمة مع كوريا الجنوبية مقابل 15 مليار يورو وأخرى مع فرنسا بقيمة 500 مليون يورو.

أما دول البلطيق الثلاث التى تضم إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وكانت من دول الاتحاد السوفيتى السابق وتعد الحدود الشمالية للاتحاد الأوروبى مع روسيا فعمدت دائماً إلى إبراز أهمية إرسال الدبابات القتالية الألمانية لمواجهة التفوق الروسى وبالتالى منع انتقال الحرب إليها.

وعلى النقيض، شكلت ألمانيا خطاً فكرياً تتبناه العديد من الدول الغربية، التى ترى أن المزيد من المساعدات العسكرية يمكن أن يؤدى إلى تصعيد لا يمكن السيطرة عليه، غير أن مسألة تردد برلين الذى طال وقته كثيراً أدى إلى تراجع دورها القيادى فى أوروبا وعرض المستشار الألمانى أولاف شولتس لانتقادات قاسية.

ولم تكن الحرب فى أوكرانيا نقطة الخلاف الوحيدة فى القارة العجوز، وإنما سبقها مثلاً ملف الهجرة الشائك. فهناك اتهامات من الدول التى تمثل الوجهة الأولى لهؤلاء المهاجرين وتحديداً فى إيطاليا واليونان ومالطا وقبرص وإسبانيا لبقية الدول الأوروبية بالتنصل من التزاماتها السياسية والاقتصادية فى هذه القضية. وهنا يظهر بوضوح التوتر بين فرنسا وإيطاليا الذى اشتعل قبل شهرين على خلفية رفض باريس قبول مهاجرين يعاد توزيعهم من إيطاليا واضطرارها إلى استقبال مركب هجرة غير شرعى ضم 230 مهاجراً. ويربط المراقبون الخلافات حول هذه القضية تحديداً بأنها نتيجة متوقعة لوصول اليمين المتطرف لسدة الحكم، مما غذى ميل الشعوب إلى القومية والأحزاب اليمينية، وتمثله فى هذه الحالة جورجيا ميلونى رئيسة الحكومة الإيطالية.

أيضاً، هناك الخلافات المستعصية بين فرنسا والمملكة المتحدة التى عززتها صفقة الغواصات المعروفة باسم «أوكوس» والتى وقعتها بريطانيا والولايات المتحد وأستراليا لتزويد الأخيرة بما تحتاج إليه لبناء غواصات نووية، وهى الصفقة التى ألغت أكبر تعاقد فرنسى لتزويد كانيبرا بالغواصات، واعتبرتها باريس دليلاً على «انتهازية لندن الدائمة» وتفضيلها الوقوف فى الظل خلف واشنطن بدلاً من القيام بدور حقيقى وملموس فى الشراكة مع أوروبا. تلك الخلافات دفعت فرنسا للتغلب على الخلافات ـ التى كشفتها الحرب الروسية ـ مع ألمانيا، فعقد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون محادثات مع المستشار الألمانى أولاف شولتس للمرة الأولى منذ 2019 حول الأمن والطاقة فى أوروبا وغيرهما من التحديات المشتركة.

وهنا لا ننسى أن دول الاتحاد الأوروبى تشهد حالياً واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ نشأة الاتحاد، بعد توقف تدفق الغاز والنفط الروسى الذى كانت تعتمد عليه الاقتصادات الأوروبية، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة التى أدت لاضطرابات مستمرة احتجاجا على ارتفاع الأسعار وظهور أزمات اقتصادية غير مسبوقة فى وجه تلك الشعوب.

والحقيقة، أنه فى الوقت الحالى تواجه أوروبا أصعب تحدياتها على الإطلاق لتتذكر دائماً أنه على الرغم من الحديث الشجاع عن تضامنها فهناك دائماً خلافات وأزمات دفينة ستطفو دائما على السطح.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق