رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

يتبقى الانتصار لقضاياها فى العمل والشارع
الدراما الكورية تنصف المرأة

رحاب محسن
المحامية «وو» .. تلعب دورها النجمة الكورية بارك إيون ــ بين

طالما سعت النساء فى كوريا الجنوبية من أجل تحقيق المساواة مع الرجال، سواء على الصعيد المهنى أو الاجتماعى. ويبدو ان الإنصاف قد جاء متأخرا وخاصة على شاشة الدراما الكورية ذات الشهرة العالمية.

فوفقا لتقرير نشره موقع «سى.إن.إن» الإخبارى الأمريكى، قدمت الدراما الكورية عدة أعمال شكلت إنصافا لصورة المرأة وتأثيرها العظيم . والحقيقة أن ذلك الإنجاز بدأ من نهايات العام الماضى. ففى عام 2022، نال مسلسل «النائب الاستثنائى وو»، نجاحا خاصاً. والمسلسل يتتبع قصة امرأة شابة مصابة بالتوحد، تدعى «وو يونج وو»، تواجه الحياة فى مراحل وأزمات مختلفة بشجاعة مطلقة، حتى تفوز بقضية فى إحدى أكبر شركات المحاماة فى البلاد .

وبلغ النجاح حد أنه دفع القائمين على المسلسل إلى إعداد موسم ثان، كما بات سادس أبرز مسلسل تليفزيونى غير إنجليزى، من حيث عدد المشاهدات على منصة «نتفليكس». كما تم ترشيحه مؤخرًا لجائزة اختيار النقاد لعام 2023. «النائب الاستثنائى وو» يعد أحدث مثال على ما بلغته صورة المرأة من تقدير وحضور مؤثر بالدراما الكورية.

وفقًا للأرقام الصادرة عن المحطة الوطنية لكورية الجنوبية « كيه. بي. إس»، والتى تأسست عام 1927 وتعد أكبر شبكة لمحطات التليفزيون والراديو والمنصات العاملة عبر الإنترنت، فإن أكثر من 53٪ من الشخصيات الرئيسية فى أعمال الدراما المقدمة عبر «المحطة» كانت من الإناث فى عام 2021. وذلك بزيادة طفيفة عن المتوسط خلال الأعوام الخمس السابقة والبالغ 49.8٪. وعلى الشبكات الأخرى فى البلاد ، كانت النسبة تقارب 40٪ بين عامى 2017و 2020.


مشهد من الفيلم المقتبس عن رواية «كيم جى يونج، مولودة فى 1982»

ونقلت « سى. إن .إن»، تصريحات جاكلين كيم، مديرة التسويق فى قناة « إى . إن . إيه» ، التى بثت حلقات «النائب الاستثنائى وو»، أن شخصيات النساء لم تعد فقط تظهر بشكل أكبر، وإنما أيضا، وهذا هو الأهم، يتم تصويرهن بشكل متزايد فى مناصب السلطة. فكانت الشخصية الرئيسية نسائية وذات سلطة واسعة فى مسلسل «تحت مظلة الملكة»، وكذلك كان الحال بالنسبة لشخصية الصحفية المثابرة فى «نساء صغيرات».

لكن إنصاف الدراما لا يعادله إنصاف مواز للنساء فى كوريا الجنوبية. فوفقا لتقرير «سى .إن.إن»، ما زال الرقم مرتفعا بالنسبة للبلاغات النسائية فى كوريا الجنوبية عن مشكلات تتعلق بالتحرش الجنسى وأشكال التمييز الأخرى فى أماكن العمل التى يهيمن عليها الذكور.

كما احتلت كوريا الجنوبية المرتبة 99 من أصل 146 دولة على المؤشر العالمى للفجوة بين الجنسين» لعام 2022، والصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى. وكذلك أكدت البيانات الصادرة عن «منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية» أن النساء الكوريات الجنوبيات يكسبن ما يعادل 31.1٪ أقل من الرجال، وذلك فى أكبر فجوة يرصدها تقرير المنظمة.

إذن كيف تحقق الإنصاف تليفزيوناً ليسبق بأشواط إنصاف الواقع؟ رصد تقرير « سى. إن.إن» عدة اوجه لهذا الإنصاف الدرامى، وذلك كالتالي:

  •  التأثير على نسب الزواج:

خلال التسعينيات وأوائل القرن الـ21 ، كان يمكن رصد التمييز الصارخ بين الرجل و المرأة وحتى مشاهد العنف المنزلى على التليفزيون الكورى الجنوبى . فوفقا لاستشهاد بارك سونج إيون، المنتجة التنفيذية فى استديو « لولو لالا» بأطول دراما تليفزيونية فى كوريا الجنوبية وهى «مذكرات الدولة»، والتى تم بثها بين عامى 1980 و2002. تضمنت الحلقات هذا العمل الدرامي مشاهد لشخصيات نسائية يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن. فكان التليفزيون يعكس طبيعة الأوقات.

لكن الأعوام الأخيرة شهدت انخفاضا فى عدد النساء الكوريات اللاتى يتزوجن وينجبن أطفالًا، مما دفع الحكومة إلى بذل جهود كبيرة للتشجيع على ارتفاع معدلات الخصوبة لتفادى أزمة ديموجرافية تلوح فى أفق كوريا الجنوبية. ففى الوقت الحاضر، لم يزد فقط متوسط عمر النساء المقبلات على الزواج، بل زاد أيضا عدد النساء العازفات عن الزواج.


جانب من مظاهرات «مى تو» أو « أنا آيضا» فى كوريا الجنوبية

ولعلاج ذلك، بات التركيز على العلاقات الزوجية القائمة على الاحترام المتبادل وتقدير دور المرآة. فكشفت ميشيل تشو، الأستاذة المساعدة لدراسات شرق آسيا فى جامعة تورنتو ، إن الروايات الرومانسية فى الدراما الكورية باتت تركز بشكل متزايد على التنمية الشخصية والصداقة بالمقارنة مع التيمات القديمة من صراع بين الرجل والمرآة.

  •  مناصرة المرأة

على الرغم من الإجماع على أن الدراما الكورية قد تغيرت ، هناك اتفاق أقل حول السبب. وقدم الخبراء الذين تحدثت إليهم «سى إن إن» مجموعة من الأسباب المحتملة ، بما فى ذلك وجود عدد متزايد من النساء فى المناصب التنفيذية العليا بمجال الإنتاج، وزيادة مشاركة المرأة فى القوى العاملة ، وتأثير وسائل الإعلام الأجنبية على الكتاب المحليين فى كوريا الجنوبية.

كما أن مواقع التواصل الإجتماعى والبريد الإليكترونى يسر للنساء إبداء الملاحظات حول البرامج التليفزيونية. كما أنه فى عام 2016 ، أشعلت واقعة القتل الوحشى لامرأة فى دورة مياه فى منطقة «جانجنام» فى العاصمة «سيول» حركة وصفت بأنها «إعادة إحياء الحركة النسائية» فى البلاد وبدعم من حركة « مى تو» أو « آنا أيضا» العالمية لمناصرة المرأة ضد وقائع التحرش والعنف.أثرت مثل هذه القضايا بقوة على كتاب الدراما والتى باتت أغلبها من النساء.


ففى عام 2018، قدر اتحاد كتاب الإذاعة والتليفزيون فى كوريا الجنوبية، أن 94.6٪ من كتاب السيناريو فى التلفزيون هم من النساء. وتزامن ذلك الحضور الدرامى للكاتبات مع نجاح كبير لرواية طرحت بعد عام واحد من حادث «جانجنام» ، وتدور حول ربة منزل عادية تكافح الاكتئاب والتمييز بين الجنسين وعدم المساواة.

الرواية تحمل عنوان «كيم جى يونج، مولودة في 1982» وباتت من أكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم، وتم تحويلها إلى فيلم ناجح فى عام 2019. وبالطبع أظهر نجاح الرواية، القوة الشرائية الكبيرة للمرأة وحاجتها لتجسيد أزماتها

يجادل بعض خبراء الصناعة بأن الدراما الكورية تعمل على تحسين تصويرها للمرأة لمجرد أن ذلك يجذب الجماهير. فجزء من شعبية مسلسل «النائب الاستثنائى وو» يعود إلى قيامه على التيمة الجذابة لانتصار المستضعف.

لكن كون الشخصية الرئيسية امرأة، حقق شعبية إضافية .ووفقا لعدد من النقاد، فإن الإستديوهات تحرص حاليا على تضمين المزيد من الشخصيات النسائية لتعزيز التقييمات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق