رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نيوزيلندا..بين رحيل أرديرن وقدوم هيبكنز

إعداد ــ هدير الزهار

عقب تقدم جاسيندا أرديرن باستقالتها بشكل مفاجئ فى ١٩ يناير الحالى، تم التصويت بالإجماع لتولى كريس هيبكنز زعامة حزب العمال ورئاسة الوزراء خلفا لها، وذلك بعد الجهود التى بذلها كبار أعضاء البرلمان لتحقيق توافق وتأمين انتقال سلس من أرديرن لهيبكنز بنفس كفاءة التسليم من أندرو ليتل إلى أرديرن فى عام ٢٠١٧.. ولكن السؤال الملح فى الوقت الحالى هو هل سيستطيع هيبكنز نيل شعبية مثيلة لتلك التى فازت بها أرديرن.. وهل سينجح هيبكنز فى السير بالحزب نحو الفوز بفترة ولاية ثالثة أم أن العواصف والتحديات الاقتصادية ستهزمه؟.

خلال حديثه فى أول مؤتمر صحفى كامل له كزعيم للحزب، أشاد هيبكنز، البالغ من العمر ٤٤ عاما، بالدور الذى قامت به أرديرن، قائلا: «إنها رئيسة وزراء رائعة حيث قدمت قيادة هادئة ومستقرة، وآمل فى استكمال ما بدأته». كما تحدث عن بعض الضغوط التى واجهتها بما فى ذلك التهديدات بالقتل وسوء المعاملة، لاسيما فيما يتعلق بوباء كوفيد حيث قال: «كان هناك تصعيد لاذع.. وأريد أن أعترف بأن بعض السياسيين قد استغلوا أزمة كوفيد لممارسة المزيد من الضغوط عليها، فضلا عما تعرضت له من بعض السلوكيات غير المقبولة على الإطلاق». وقد انتقل هيبكنز للحديث عن إدراكه مدى الصعوبات الاقتصادية التى يعانيها الشعب، قائلا: «أريد أن أصبح رئيسا للوزراء صريحا مع النيوزيلنديين، رئيسا لا يفاجئهم كثيرا بقراراته بل يركز أكثر على القضايا التى تشغلهم وتؤرقهم». مشيرا إلى أن هناك بعض الأمور يتم بالفعل العمل عليها، إلا أنه لابد من تقبلها بعض الشيء، بما فى ذلك التضخم، لكونه أمرا يعانيه العالم فى الوقت الراهن. وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة ستخفض الإنفاق، أشار هيبكنز إلى أن تكلفة المعيشة والتضخم سيكونان فى مقدمة القضايا الرئيسية والأساسية، التى سيولى لها اهتماما خاصا، وأضاف هيبكنز أيضا أنه سيستمع إلى مجتمع الأعمال ورغبته فى فتح باب الهجرة للسماح بدخول المزيد من المهاجرين المهرة. ومع ذلك، قال إنه من المهم موازنة ذلك مقابل توفير سبل للنيوزيلنديين المحليين لتعزيز مهاراتهم وتلبية النقص فى المهارات.

مناضل سابق ومسئول حالى

اليوم، وبعد مرور ٢٥ عاما على القبض عليه كطالب محتج، ينسب رئيس وزراء نيوزيلندا رقم ٤١ الفضل إلى الوقت الذى قضاه فى زنزانة الشرطة فى إثارة اهتمامه بالسياسة الوطنية. فقد ولد هيبكنز ونشأ فى منطقة هوت فالى، التى تقطنها الطبقة العاملة إلى حد كبير بالقرب من العاصمة ويلينجتون، ودرس السياسة وعلم الجريمة فى جامعة فيكتوريا. وخلال مظاهرة عام ١٩٩٧ خارج البرلمان ضد سياسات التعليم العالى الحكومية، تم القبض على هيبكنز المراهق آنذاك وعشرات الطلاب الآخرين واقتيدوا إلى مركز الشرطة المركزى فى ويلينجتون، لكن أفرج عنه بعدما تبين أن التهم الموجهة له غير عادلة وأسقطت. وقد أدت التجربة إلى أن يصبح هيبكنز أكثر انخراطا فى السياسة، مثلما ذكر للبرلمان فى خطابه الأول، حيث أصبح رئيسا لجمعية الطلاب، وبعد تخرجه عمل كمستشار فى عدة مكاتب وزارية فى حكومة هيلين كلارك، التى كانت تشغل منصب رئيسة الوزراء آنذاك.

دخل هيبكنز البرلمان فى عام ٢٠٠٨، وهو نفس العام الذى دخلت فيه أرديرن، وفاز بعدد كبير من أصوات الناخبين «ريموتاكا» واحتفظ بالمقعد فى أربعة انتخابات لاحقة. كما أمضى تسع سنوات فى المعارضة. وبعد أن أعادت أرديرن حزب العمال إلى السلطة فى عام ٢٠١٧ ، بنى هيبكنز سمعة راسخة كوزير موثوق به حيث شغل عدة حقائب وزارية ثقيلة فى التعليم والشرطة والخدمة العامة حيث قام بإصلاحات فى قطاع التعليم. وفى العام الماضى، سلمته أرديرن حقيبة الشرطة عندما كانت المخاوف بشأن القانون والنظام تؤثر على شعبية الحكومة، كما كان الوزير المسئول عن استراتيجية الحكومة للتصدى لوباء كوفيد ١٩ خلال فترة الانتشار الأكثر حدة، وهو الدور الذى جعله يصعد إلى المنصة بجانب أرديرن للحصول على تحديثات أسبوعية مع تطور الوباء. وقد ميز هيبكنز نفسه خلال جائحة كوفيد كقائد مجتهد وكفء.

قد تساعده هذه الخلفية وتعوقه: فقد أعطته أرديرن ملفا مهما وجعلته اسما مألوفا، ولكنها أيضا جعلته مرتبطا بشكل مباشر بفصل يأمل العديد من النيوزيلنديين الآن نسيانه وتجاوزه، كما أصبح المستهدف الأول من قاعدة المعارضين للقاح.. إلا أنه فى جميع الأحوال يعد هيبكنز، العضو البرلمانى المتمرس والأكثر إلماما بآلية الحكومة، الأقدر على الانخراط على الفور فى أعمال الحكومة وتنفيذ الأجندة التشريعية للحكومة حتى انتخابات أكتوبر.

«حزب العمال» بين الفوز والهزيمة

ومن هنا ننتقل إلى التحدى الأكبر فى مسيرة هيبكنز السياسية، ألا وهو إقناع النيوزيلنديين بمنح حزب العمال فترة ولاية أخرى فى الحكومة، حيث سيواجه هيبكنز معركة شاقة للفوز بحزب العمال لفترة ولاية ثالثة فى انتخابات ١٤ أكتوبر. ويأتى ذلك فى ظل تراجع شعبية الحزب مقابل تقدم الحزب الوطنى المعارض الرئيسى فى استطلاعات الرأى التى أجريت الشهر الماضى.. ومن ثم بات التحدى الأكبر أمام رئيس الوزراء الجديد هو استعادة شعبية الحزب خلال أقل من تسعة أشهر فى ظل غياب قوة أرديرن.

ومن جانبه يقول برايس إدواردز، المحاضر السياسى فى جامعة فيكتوريا بولينجتون، إن هيبكنز أقل جاذبية من أرديرن، لكن لديه القدرة على التواصل مع الناس العاديين واستعادة الناخبين الذين ينشقون عن حزب العمال. وأضاف إدواردز: «هيبكنز أيضا أكثر وسطية من أرديرن وعليه التخلى عن بعض السياسات الأقل شعبية التى دافعت عنها، والتى ستكون ضرورية لاستعادة الأرضية السياسية الوسطى ومنح حزب العمال فرصة للفوز».

السيناريوهات المتوقعة

هناك سيناريوهان من المتوقع حدوث أحدهما. الأول هو «سيناريو الكابوس» لحزب العمال حيث لا تزال الحكومة تتعرض للقنص بسبب السياسات المثيرة للجدل وغير الشعبية، مثل: برنامج إصلاح البنية التحتية للمياه ونظام تأمين الدخل حيث لا تزال المشكلات الاقتصادية تلحق الضرر بميزانيات الأسر، لذا مع التراجع المستمر لشعبية الحزب فى استطلاعات الرأى، فى مقابل تقدم المعارضة بنحو خمس أو ست نقاط مئوية، فقد يتعرض الحزب لخسارة فى الانتخابات، ومن ثم الوقوع فى دوامة شبيهة بتلك التى عانى منها بعد خسارة رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة هيلين كلارك فى الفوز بولاية رابعة فى عام ٢٠٠٨، ثم هزيمة جوف من حزب العمال فى عام ٢٠١١ وديفيد كونليف فى عام ٢٠١٤ عندما واجهوا جون كى من المعارضة. الثانى هو «سيناريو الحلم» أى أنه مع غياب شخصية أرديرن الكاريزمية ـ الاستقطابية حاليا إلى حد ما - يمكن للحزب أن يغير بعض الأمور مثل إجراء تعديل وزارى كبير وتحديث سياساته، بمعنى تحييد وربما التخلص من بعض المقترحات السياسية التى تسبب حاليا استياء الجمهور.ففى أواخر عام ٢٠٢٢، صرحت أرديرن بأن تركيز الحكومة هذا العام سيكون على الاقتصاد، من ثم سيدعى الحزب الوطنى المعارض أنه الأكثر كفاءة فى هذا الملف. لذا إذا كان حزب العمال جادا فى الفوز بانتخابات عام ٢٠٢٣، فعليه إقناع عدد كاف من الناخبين بأنهم يعملون بشكل جاد على محاربة المخاوف الاقتصادية التى تؤثر على الناس فى الوقت الحاضر، وإبداء استعدادهم لمراجعة وتغيير بعض السياسات المؤرقة لهم. وفى النهاية.. يمكن القول إنه إذا حصل هيبكنز السياسى المتمرس ‪ـ‬ الذى يتوجب عليه إظهار أسلوبه الخاص وليس سلك نفس نهج أرديرن ـ على دعم حزبه لمراجعة بعض السياسات أو التراجع عنها، ونجح فى إقناع الناس بأن حكومته جادة فى إعادة ضبط اتجاه البلاد، سيستطيع تحقيق الفوز المرجو.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق