وجه فى الأنباء..
الرئيس السويسرى الجديد وإرث ثقيل من الأزمات

اعتبارًا من مطلع الشهر الجارى، ولمدة عام واحد فقط طبقًا لما هو منصوص عليه فى الدستور السويسرى، يذهب منصب رئيس الاتحاد لوزير الشئون الداخلية آلان بيرسيه، وذلك بعد انتخابه من قبل غرفتى البرلمان (مجلسى النواب والشيوخ) من بين فريق المستشارين السبعة للبلاد مع الاستمرار فى الوقت نفسه بمواصلة مهامه الوزارية الأخرى، فى استمرار للتقليد الفريد الذى تحتل به سويسرا المركز الأول عالميًا من حيث عدد الرؤساء السابقين على قيد الحياة حيث لا تتجاوز مدة الرئاسة عامًا واحدًا.

جاء إرساء تلك القاعدة التنظيمية بهدف إتاحة الفرصة للتمثيل العادل ما أمكن للتنويعات اللغوية والجغرافية فى الاتحاد الذى يقع فى وسط أوروبا ويضم 26 مقاطعة (كانتون) تتمتع بالحكم شبه الذاتى لنحو ثمانية ملايين ونصف مليون من السكان، الذين يتوزعون لغويًا بين 4 لغات رسمية فى البلاد: الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش، ودينيا بين كاثوليك وبروتسانت ولا دينيين وأقلية من أرثوذكس ومسلمين وغيرهم. وطبقًا للشعار الوطنى السويسرى وهو «واحد للجميع، والجميع للواحد»، يُعد مجلس الحُكم الاتحادى السويسرى المكون من سبعة أعضاء وزراء، شخصية اعتبارية وتعد رئيساً جماعياً للدولة وللحكومة فى الوقت نفسه، فالحكومة تتولى جميع المهام مُجتمعة، مِن اتخاذ موقف بشأن السياسات، وتوقيع المعاهدات واستقبال رؤساء الدول الزائرين، وبالتالى يعد منصب الرئيس وظيفة دبلوماسية شرفية، حيث يرأس الاجتماعات الحكومية ويتولى إلقاء الخطب فى المناسبات، كاليوم الوطنى فى الأول من أغسطس واحتفال السنة الجديدة بحضور السفراء والدبلوماسيين الجدد، كما يلتقى رؤساء الدول والزائرين من الشخصيات الأجنبية عند قدومهم للبلاد فى مهام رسمية ولكنه لا يزور أى دولة، حيث لا يعد رئيساً للدولة ولا رئيساً للحكومة وليس فى يده أية صلاحيات مضافة أو سلطة أكبر بالمقارنة مع زملائه الأعضاء فى الحكومة. وفى حالة بيرسيه الذى انضم للحكومة منذ عام 2012، سيواصل القيام بالمهام الرئاسية الشرفية الإضافية إلى جانب مسئولياته كوزير للشئون الداخلية التى تشمل الصحة والتعليم والبحث العلمى والثقافة والتأمينات الاجتماعية، حيث تمثل الأخيرة التحدى الأكبر أمام الرئيس الجديد على أمل التوصل إلى إيجاد حلول تسمح بإجراء مراجعة شاملة لنظام المعاشات والتقاعد.

فى ديسمبر المنصرم، شهد البرلمان الاتحادى المنعقد فى العاصمة الإدارية برن جلسة انتخاب الرئيس المقبل حيث حصل بيرسيه على 140 صوتًا مؤيداً، أى أقل من 190 صوتاً أيدوا اختياره لهذا الدور عام 2018. وقد صرح الرئيس والوزير الاشتراكى فور اختياره بأنه يعلم أن الوضع ليس ورديًا فى ظل توالى الأزمات قبل الجائحة وبعدها مع تدهور الوضع فى أوكرانيا منذ 2014، واشتعاله ثانية فى فبراير 2022، وما نتج عن ذلك من تبعات أزمة الطاقة والتضخم وارتفاع الأسعار.

الجدير بالذكر أن آلان بيرسيه المولود فى فريبورج فى أبريل 1972، متزوج وأب لثلاثة أبناء. درس العلوم السياسية والاقتصاد فى جامعة نيوشاتيل حيث تخرج عام 1996، وانضم للحزب الاشتراكى الديمقراطى ليتم انتخابه لمجلس الولايات السويسرى عن مقاطعة فريبورج عام 2003، ثم نائب رئيس المجموعة الديمقراطية الاجتماعية. وفى أثناء إعداد أطروحة الدكتوراة التى حصل عليها عام 2005، عمل كمحاضر مساعد فى معهد أبحاث التنمية الاقتصادية الإقليمية فى الجامعة ثم شغل منصب باحث زائر فى معهد هامبورج للاقتصاد الدولى قبل أن يصبح مستشارًا إستراتيجيًا فى إدارة الشئون الاقتصادية فى نيوشاتيل. فى عام 2006، أسس شركته الخاصة كمستشار وخبير مستقل للعمل مع الجمعيات والشركات والمنظمات غير الحكومية. ومنذ 2005، كان عضوًا فى العديد من اللجان البرلمانية بما فى ذلك اللجنة المالية ولجنة الشئون الاقتصادية والضرائب ولجنة الشئون القانونية والوفد المالى. رأس مكتب المجلس ولجنة المؤسسات السياسية والوفد إلى الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية قبل انتخابه لعضوية مجلس الولايات، وكان رئيسًا للمجموعة الاشتراكية الديمقراطية فى المجلس الدستورى لفريبورج. بين عامى 2001 و2003 كان عضوًا فى البرلمان المحلى لبلدية إقامته، كما شغل منصب رئيس جمعية المستأجرين السويسريين -قسم غرب سويسرا، والجمعية السويسرية لرعاية الأطفال والبالغين ذوى الإعاقة. فى 2008/2009، رأس مجلس الولايات عن فريبورج، وتم انتخابه لعضوية المجلس الاتحادى من قبل الجمعية الفيدرالية المتحدة فى ديسمبر 2011، وكان رئيسًا للوزارة الاتحادية للشئون الداخلية منذ يناير 2012. وفى ديسمبر 2017، تم انتخابه رئيسًا للاتحاد السويسرى لعام 2018، وهو ما تكرر فى ديسمبر الماضى لتتم إعادة انتخابه مرة أخرى رئيسًا للاتحاد لعام 2023.