محور الفريق كمال عامر هو أحدث المحاور المرورية التى تحرص الدولة على إنشائها لخدمة التنمية الشاملة واستيعاب الكثافة المرورية المتزايدة وتخفيف حركة النقل والمواصلات وتقليل زمن الرحلات التى يقطعها قادة المركبات بما يعود عليهم بتخفيض تكلفة الوقود والصيانة وينعكس على المواطنين والدولة بالنفع اقتصاديا واجتماعيا.
لا نبالغ إذا قلنا إن أعمال تشييد المحور التى رصدنا ملامحها فى زيارة لموقع المحور الذى يتم افتتاحه قريبا كانت مبهرة لنا ولكل من يراها خاصة العابرين أسفلها بدائرى المنيب أو كوبرى فيصل، حيث تعلوهم بمحاور منشآتها غاية في الضخامة شاهقة الارتفاع ومتعددة الأدوار تكاد تلامس السحاب، وهو الأمر الذى أدهشنا وحفزنا على القيام بجولة ميدانية بموقع عمل المحور لترصد «تحقيقات الأهرام» بالكلمة والصورة جوانب العمل بالمشروع والوقوف على طبيعة أعماله ومغزاها، وأهميته فى التوقيت الراهن.
محمود منصور
فى بداية جولتنا التقينا المهندس محمود منصور المشرف العام على مشروع محور الفريق كمال عامر التابع للجهاز المركزى لتعمير القاهرة الكبرى فى موقع العمل بالقطاع الأوسطى والذى أكد أن هذا المشروع ذو أهمية كبيرة ومن أصعب وأطول المحاور المرورية التى تم تنفيذها على مستوى الجمهورية نظرا لوقوعه فى قلب مدينة الجيزة، وأعلى المناطق فى الكثافة السكانية والاختناقات المرورية، والتحدى الأكبر فى تنفيذه أن كل أعماله جاءت وسط مناطق مزدحمة بالسكان، حيث يشق محافظة الجيزة نصفين ويصل بين شمال وجنوب المحافظة ويمر بالأحياء السبعة فيها ويمتد وصولا لمحور روض الفرج من خلال تنفيذ محور مواز لمحور النيل ومحور السودان، ويقلل من الاختناقات المرورية بنسبة 50% على هذه المحاور.
وأضاف يبلغ طول المشروع 15 كم وساهم فى تنفيذ أعماله أكثر من 50 ألف عامل من مختلف المهن الحرفية، واستمر العمل فى المشروع 24 ساعة يوميا لمدة عامين، سبقها عام عملنا فيه على تغيير شبكة المرافق كاملة بكل المناطق المتاخمة له، وقد نفذنا مليون متر مسطح طرقا أسفلتية أسفل محور كمال عامر والمؤدية له، بما تحويه من طرق خدمية أو متعامدة وجانبية وتم تطوير ورفع كفاءة مرافقها من كهرباء ومياه وصرف صحى وكهرباء وتليفونات.
وأوضح أن تنفيذ العمل بالمشروع تم فى أجواء ومواقع غاية فى الصعوبة وبمعاناة شديدة بالرغم من الدعم الكبير الذى قدمته شبكة المعلومات التابعة لمحافظة الجيزة، إلا أن التحدى الأكبر الذى واجهنا تجسد فى شبكة المرافق، ولاسيما مع صعوبة وجود خرائط بأماكنها نظرا لقدمها لأكثر من 50 عاما ومعظمها تهالك وكان لابد من تجديدها، وكانت هذه المرافق تعمل بضخ المياه بنظام «سبيستوس» الممنوع استخدامه حاليا، مع العلم أن مشروع محور كمال عامر «محور ترعة الزمر سابقا» كان من المخطط تنفيذه عام 2007 فى توقيت العمل بمحور صفط اللبن ورغم أهميته للمنطقة ومدينة الجيزة تم تأجيله، إلا أن اهتمام القيادة السياسية بتطوير ورفع كفاءة المحاور المرورية والمناطق التى تحيط بها ساهم فى تذليل التحديات بالمشروع والعمل وفق المراحل الزمنية المحددة بمتابعة لحظية من القيادة السياسية ورئاسة الوزراء ووزير الإسكان واللواء أركان حرب مهندس محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير واللواء محمد الكيلانى رئيس جهاز تعمير القاهرة الكبري.
آثار إيجابية
وأضاف أن تنفيذ المحور نتج عنه آثار إيجابية ملموسة للمواطنين نتيجة لتطوير شبكة المرافق حيث استحدثت خطوط غاز بالكامل من محور المنيب وصولا للوراق وتم تحديث شبكات الكهرباء بالضغط العالى والوسط، وكذلك الصرف الصحى ومياه الشرب بالإضافة إلى القضاء على جميع أشكال العشوائيات فى هذه المناطق ويجرى العمل على تطويرها، ويتم حاليا العمل على وضع اللمسات الأخيرة بحيث يتم افتتاح المشروع خلال الأيام القليلة القادمة، بحيث يلمس المواطن فوائد هذا المشروع وحجم السيولة المرورية وتوفير الوقت والجهد والوقود فى انتقاله من منطقة المنيب مرورا بفيصل والهرم للوصول للمناطق المختلفة بالقاهرة فى 10 دقائق.
أحمد سامى
أضخم المشروعات
ووصف المهندس أحمد سامى عبد المنعم نائب مدير إدارة الكبارى لشركة «المقاولون العرب» محور كمال عامر بأنه واحد من أضخم المشروعات القومية التى تم تنفيذها بقطاع الطرق والكبارى فى مصر وتحديدا في محافظة الجيزة حيث تعد فى مقدمة الـ9 المحافظات عالية الكثافة السكانية والمرورية، وكان آخر محور تم تنفيذه بالجيزة هو محور صفط اللبن، وكان لابد من وجود محاور قادرة على استيعاب الطفرة الكبيرة فى الكثافة السكانية والحركة المرورية بالمحافظة، ويساهم تشغيل محور كمال عامر فى القضاء على الاختناقات المرورية بالشوارع الرئيسية فى الجيزة وأهمها شوارع الهرم وفيصل وجامعة الدول العربية، كما ييسر عملية الانتقال بين شرق وغرب القاهرة فوق النيل خلال دقائق قليلة لا تتعدى 15 دقيقة، وتخفيف عبء رحلة مرورية صعبة على المواطنين عبر كوبرى 6 أكتوبر مرورا بالعجوزة أو المهندسين تستغرق مدة تتجاوز الساعتين وقت الذروة، كما ييسر المحور أيضا سرعة الانتقال والوصول للقاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، حيث أن مسار المحور يبدأ من منطقة المنيب وينتهي بروض الفرج وخلال مساره يتقاطع مع محاور رئيسية مثل محور 26 يوليو ويتصل بدائرى المنيب، وتخرج منه تفريعات عدة بمناطق الوراق والهرم وفيصل وصفط اللبن.
الأول من نوعه
وأوضح أن شركة «المقاولون العرب» تتولى أهم قطاعات العمل بالمحور وتمثل الجزء الرئيسى فى المشروع الذى يبدأ من شارع الهرم وصولا لكوبرى الخشب بمسافة 5 كم، والتى تعد أصعب مناطق العمل بالمشروع حيث تضم كمية رهيبة من المرافق والتى مثلت تحديا كبيرا فى مسار أعمال المشروع سواء فى الكشف عن المرافق أو تغييرها ورفع كفاءتها، بجانب أعمال تنفيذ المحاور الرئيسية المارة بشارعى الهرم وفيصل، وهما من أعلى الشوارع كثافة سكانية ومرورية بالجمهورية، بالإضافة إلى تنفيذ كوبرى معلق فوق كوبرى فيصل والذى يعد الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط من حيث التصميم الهندسى النصف دائرى مرفوع بكابلات، حيث لم يسبق تنفيذه لأى شركة مصرية أو عربية، حيث تم تنفيذ هذا الكوبرى المعلق بفيصل بشكل يتيح تقليل وزن الكوبرى لتركيبه فوق كوبرى فيصل، دون اللجوء لغلق الكوبرى أو عرقلة الحركة المرورية بجانب تلافى إزالة كثير من المبانى السكنية بهذه المنطقة.
قاطرة التنمية
وقال سامى إن منظومة شبكة الطرق الحديثة فى مصر تعتبر قاطرة التنمية فيها والتى وفرت ملايين من فرص العمل المختلفة لكافة طوائف الشعب المصرى حيث شارك نحو 30 ألف عامل من خلال شركة المقاولون العرب وحدها فى تنفيذ المشروعات القومية بجانب باقى الشركات الأخرى التى ضمت عشرات الآلاف من العمال أيضا، وتلك المشروعات تعد بداية الانطلاق نحو التنمية التى ننشدها كمصريين، ولايمكن لأى دولة تحقيق تنمية دون امتلاكها بنية تحتية وشبكة طرق وكبارى قوية قادرة على ربط كافة المحاور بها مما ييسر نقل البضائع والسلع الإستراتيجية والمواد الغذائية.
وأضاف أن عملنا فى تنفيذ هذه المشروعات لا يقتصر على مجرد إنشاء كوبرى وينتهى الأمر بانتهاء أعماله، بل تضم الأعمال تطوير المنطقة المحيطة بموقع العمل ورفع كفاءة مرافقها بالكامل بحيث يتم تحديث خطوط المياه والصرف الصحى ورفع كفاءة الطرق فيها أيضا، وإزالة المناطق العشوائية بعد نقل قاطنيها فى سكن بديل أكثر آدمية تتوافر فيه كافة سبل الراحة من الخدمات المتكاملة، وترفع كفاءة المنطقة بالكامل، ولعل الواقع نراه جميعا، وعلى سبيل المثال بولاق بعد أن كانت منطقة معدومة حظيت بشبكة مرافق وخدمات محترمة يتمتع بها المواطنون.
تنسيق وتكامل
وأشار المهندس كمال فتحى بشركة «المقاولون العرب» إلى أن المشروع يتم تنفيذه بشكل متكامل بين الشركات المشاركة فى أعماله عبر التنسيق فى كل مراحل العمل من خلال جهاز تعمير القاهرة الكبرى المشرف على المشروع ومالكه، وسيمكن المحور مناطق مثل العمرانية وبولاق والهرم وناهيا من الوصول لأى منطقة بالقاهرة وأطرافها فى دقائق.
وأضاف أن مثل هذه المشروعات تم وضعها فى أولوية عمل الدولة لتحقيق التنمية وقد نفذتها فى وقتها السليم، لأن تأخر تنفيذها كان سيؤدى لتضاعف تكلفتها وصعوبة تنفيذها مما يعرقل خطط التنمية اللاحقة تباعا مما يضر بكل الأجيال القادمة، ومنذ عام 2014 ساهمت المشروعات التى نفذت فى خفض معدل حوادث الطرق ووفرت الوقت والجهد والوقود الذى كانت تستهلكه الطرق ووسائل النقل المتهالكة، بالإضافة إلى أنها ساعدت على العمل بالمشروعات التنموية الأخرى وفى مقدمتها المجال الزراعى بحيث يسرت البدء فى العمل بمشروع المليون ونصف مليون فدان فى مناطق غرب المنيا وتوشكي، والاستصلاح بمشروع مستقبل مصر مشروع الدلتا الجديدة.
طه خالد
أعمال المساحة
أما المهندس طه خالد المسئول عن أعمال المساحة بمشروع محور كمال عامر من قبل الجهاز المركزى للتعمير والذى اصطحبنا فى جولة بمسار المحور بداية من المنيب وصولا لكوبرى تحيا مصر فقد أشار إلى أن مهام أعمال المساحة تنصب على تحديد المستوى المساحى الكامل للمنطقة التى سيتم تنفيذ المشروع بها متضمنا منسوب الأرض الطبيعية ومناسيب أماكن العمل عن طريق أجهزة الشبكة العنكبوتية، كما تساهم أعمال الرفع المساحى فى تحديد نسب الحفر والميول اللازمة لتعمل بشكل منتظم بما يتناسب مع مواقع المرافق من خطوط المياه والصرف الصحى والكهرباء بالمشروع، بجانب العمل على رفع مناسيب الطرق السطحية وطرق الكبارى لتحديد نسبة الأسفلت وتحديد أماكن غرف صرف الأمطار وبالوعات الصرف الصحي، ونسبة ارتفاع سور المحور لتفادى الحوادث المرورية بالإضافة إلى مراعاة وجود مصارف للأمطار بطول المسار والطرق المؤدية إليه وفى نطاقه.
خفض البطالة
وخلال جولتنا بالقطاع الوسطى بالمحور التقينا المهندس محمود العرابى بالجهاز المركزى للتعمير والإسكان للقاهرة الكبرى والذى يرى أن المشروعات القومية ولاسيما مشروعات الطرق والكبارى ساهمت فى خفض معدل البطالة بالمجتمع المصرى حيث أنه يشرف على قطاع بالمشروع يعمل فيه 700 عامل بمختلف الصناعات، ولولا هذه المشروعات لم تكن ستتوفر لهم مثل هذه الفرص للإنفاق على ذويهم وهذه المشروعات كانت بالنسبة لهم طوق نجاة وحمتهم من شر وأهوال الغربة فى الدول الأخري.
أما الدكتور باسم داود مهندس لوحات هندسية بإدارة الكبارى بشركة المقاولون العرب فيقول إن مهمته بالمشروع ترتكز على التنسيق فى كل الأمور الفنية بالمشروع بالتنسيق مع الاستشارى والمالك بما يناسب طبيعة العمل فى الموقع المتكدس بكافة المرافق «غاز وخطوط مياه وصرف صحى قديمة» ويجرى العمل على تغييرها وتحديثها بما لا يتعارض مع مسار الكوبرى بحيث نقوم بتغيير تصميم القواعد لكى تتفق مع المسار والمرافق الموجودة.
هيثم القاضى
أما المهندس هيثم القاضى مدير مشروع القطاع الأوسطى بجهاز تعمير القاهرة الكبرى والذى رافقنا بالجولة بمواقع العمل بالمحور والتى لاحظنا خلالها توازى مسار محور كمال عامر مع مسار مترو أنفاق الخط الثالث، فقد أشار إلى أن المشروعين يتم العمل عليهما بذات التوقيت وبتنسيق كامل حتى لا تتعارض أعمال كل مشروع مع الآخر، ولا سيما أن مسارات المشروعين تتلاقى فى بعض النقاط فى صور مدخلات ومخرجات من المشروعين، ومن نقاط بالالتقاء فى شارع السودان.
وأضاف القاضى أنه تمت مراعاة تنفيذ مسار المحور بالمنطقة من المنيب مرورا بفيصل والهرم على دورين بحيث يكون كل طابق لهما اتجاه، بما يساهم فى تيسير الحركة المرورية ويخفض من معدل نزع الأراضى فى تلك المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
اللواء محمود نصار
أكد اللواء محمود نصار رئيس الجهاز المركزى للتعمير أن محور الفريق كمال عامر يُعد أول محور مرورى حر يربط بين شمال وجنوب الجيزة، وسيسهم فى حل العديد من المشكلات المرورية بمدينة الجيزة، والتخفيف من حدة الاختناقات المرورية فى عدد من المناطق، فضلًا عن دوره فى ربط مدينة الجيزة مع محافظة القاهرة من خلال عدد من المداخل للمساهمة بشكل كبير فى تقليل وقت الرحلات، وخفض معدلات التلوث والحد من الكثافات المرورية الموجودة بالمنطقة.
وأوضح أن محور الفريق كمال عامر يربط القوس الجنوبى للطريق الدائرى بالمنيب جنوبًا بالقوس الشمالي، ولتعظيم الاستفادة من المشروع تم مد المحور للربط مع محور «تحيا مصر» شمالاً بإجمالى طول 15 كم، وعرض (33- 65.5) متراً، ويربط المحاور العرضية الرئيسية (26 يوليو- جامعة الدول العربية- صفط اللبن- فيصل- الهرم)، بالإضافة إلى شوارع (مستشفى الصدر- الثلاثيني- خاتم المرسلين- مطار إمبابة) وتبلغ تكلفة تنفيذه 6.7 مليار جنيه بالإضافة إلى مليار جنيه قيمة تعويضات نزع الملكية وشارك فى تنفيذ المشروع عدد 5 شركات وطنية بالإضافة إلى عدد كبير من مقاولى الباطن مع هذه الشركات .
وأضاف أن المشروع يتضمن إنشاء محور حر باتجاهين بعرض (3- 4) حارة مرورية بكل اتجاه وتطوير الطرق السطحية لخدمة الحركة المرورية للأهالى بعرض (2- 3م) حارة مرورية فى كل اتجاه، وإعادة تخطيط المنطقة بصورة حضارية لخدمة الأهالي، كما يتضمن إنشاء تقاطعات حرة للربط مع الطريق الدائري، والمحاور المرورية الرئيسية المتقاطع معها، وتم استغلال المساحات المتوافرة أسفل الكبارى التى تم إنشاؤها فى المشروع بشكل حضارى كمتنزهات وجراجات وتوفير الخدمات اللازمة.
وقال إنه خلال أيام سيتم التشغيل التجريبى للمحور من القوس الجنوبى للطريق الدائرى بالمنيب جنوبًا بالقوس الشمالى للطريق الدائرى بمنطقة شمال إمبابة بطول 12 كم، وجار استكمال تنفيذ الأعمال فى المسافة من الطريق الدائرى بالوراق حتى محور تحيا مصر ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذ باقى المحور فى شهر يوليو المقبل.
رابط دائم: