بعد أن أمضى رائد الفضاء سكوت كيلي، عامًا فى محطة الفضاء الدولية، عاد إلى الأرض أقصر، ونظره أقصر، وأخف وزنا، مع ظهور أعراض جديدة لأمراض القلب.. حتى الحمض النووى الخاص به اختلف، حيث يعمل ما يقرب من 1000 من جينات وكروموسومات سكوت كيلى بشكل مختلف. (على الجانب الإيجابي، كان عمره أقل بنحو 9 مللى ثانية من ذلك العام، وذلك بفضل السرعة التى دارت بها المحطة الفضائية حول الأرض).
لحسن الحظ اختفت معظم هذه الآثار خلال بضعة أشهر لكن يظل السفر إلى الفضاء له مخاطر صحية كثير منها غير معروف. وستزداد هذه الأمور خلال الرحلات المستقبلية الطموحة، مثل مهمة أرتميس المخطط لها من وكالة ناسا إلى القمر والسفر لاحقًا إلى المريخ. وقد أعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قائمة جزئية للعواقب الجسدية والنفسية المحتملة للسفر إلى الفضاء:
- يبدأ دوار الحركة فى الفضاء على الفور تقريبًا. يمكن أن يستمر الغثيان والدوار والصداع والارتباك لعدة أيام.
- تتطور ظاهرة «ساق الطائر والوجه المنتفخ»، حيث يندفع الدم وسوائل الجسم الأخرى إلى الجزء العلوى من الجسم بجاذبية منخفضة وتبقى هناك، وتنتفخ الرءوس وتتقلص الساقان.
- يسفر تضخم الوجه عن شعور رواد الفضاء بالاحتقان كما لو كان لديهم نزلة برد مستمرة.
- ضمور العضلات بنسبة تصل إلى 1 ٪ كل أسبوع بسبب حالة انعدام الوزن، وخاصة فى الساقين.
-ينخفض حجم الدم - ومع انخفاض ضخ الدم، يضعف القلب ويفقد شكل قلبه المميز، ويصبح أكثر استدارة تقريبًا.
- مثل أى عضلة أخرى، لا يحتاج القلب إلى العمل بجد فى الجاذبية الضعيفة وسيبدأ فى الضمور دون ممارسة تمارين قاسية.
- تموت العديد من الخلايا المناعية وتنخفض المناعة بسبب الإشعاع. هناك أيضًا تلف فى الحمض النووى ، مما قد يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان.
- ينتشر الالتهاب فى جميع أنحاء الجسم، مما قد يسهم فى الإصابة بأمراض القلب وأمراض أخرى.
- تنحف العظام بنحو 1.5٪ شهريًا. إضافة إلى تصلب العمود الفقري.
-فى الرأس، يمكن أن تتسطح أجزاء من مقلة العين، مما يتسبب فى زيادة حدة الرؤية عن بُعد وتقليل الرؤية القريبة.
- تغمر السوائل الجمجمة مما يقلص حاستى الشم والسمع.
- يتغير نشاط الجينات، بما فى ذلك فى الدماغ. فى الفئران، عمل 54 جينا فى الدماغ بشكل مختلف بعد قضاء أسابيع فى الفضاء.
- عند الفئران يمكن أن تتأثر خلايا الدماغ بالإشعاع مما يتسبب فى تضاؤل الذاكرة والتفكير.
- تعثر إيقاع الساعة البيولوجية، مما يجعل الأرق شائعًا.
- أخيرًا، يمكن أن تؤدى شهور أو سنوات من العزلة - أو الحبس الوثيق مع رواد الفضاء الآخرين - إلى ضغوط نفسية دائمة.
ونقلت الـ«واشنطن بوست» عن إيمانويل أوركويتا ، كبير المسئولين الطبيين فى معهد الأبحاث المترجمة لصحة الفضاء فى هيوستن الذى يشترك مع وكالة ناسا لدراسة آثار استكشاف الفضاء السحيق: أن «الفضاء ليس مضيافًا جدًا لجسم الإنسان». وقال إن البشر تطوروا فى ظروف جاذبية وفيرة وإشعاع خلفى طفيف نسبيًا. الفضاء هو العكس ويقلب عمليات كل نظام بيولوجى تقريبًا بداخلنا.
ويشير العلماء إلى أن معظم المخاطر الصحية المحتملة للسفر إلى الفضاء يمكن التخفيف منها إلى حد ما. وأكدت لورى بلوتز سنايدر، عميدة كلية علم الحركة بجامعة ميتشيجان، أن التمرين، على سبيل المثال، «فعال للغاية» فى مساعدة رواد الفضاء فى الحفاظ على كتلة العضلات وكثافة العظام..
فى المحطة الفضائية، يمارس رواد الفضاء التمارين الرياضية بشكل روتينى لمدة ساعة تقريبًا فى معظم الأيام، باستخدام أجهزة متخصصة للجرى وركوب الدراجات ورفع الأثقال، على الرغم من كونها عديمة الوزن. ولكن فى المهمات القمرية والمريخية، والتى ستشمل سفنًا أصغر وربما لفترات طويلة يجب أن يتم تقليص معدات التمرين كما يجب زيادة استعداد رواد الفضاء لمواكبة التدريبات. ويحمى المجال المغناطيسى للأرض المحطة الفضائية القريبة نسبيًا أيضًا من بعض أسوأ إشعاعات الفضاء السحيق، لكن المهمات القمرية والمريخ - أعلى وأبعد من الأرض - لن تتمتع بهذه الحماية.
وقال أوركويتا إن رحلات القمر والمريخ ستتطلب حماية متطورة، إلى جانب الأدوية والمكملات التى قد تقلل بعض الآثار الداخلية للإشعاع المتبقى - والحتمى -. وقال إن مضادات الأكسدة، مثل الفيتامينات سى وإى يمكن أن تمتص جزءًا من الجزيئات الضارة التى تم إطلاقها بعد التعرض للإشعاع، فى حين أن الأدوية الوقائية والمغذيات الأخرى قيد البحث.
وبالرغم من قسوة الفضاء السحيق على جسم الإنسان فإنه يظل يثير الخيال البشرى حيث إن ظلامه المتلألئ يطلق طموح البشر وأحلامهم وقصصهم.
رابط دائم: