-
د. عمران: المحافظة على استقرار الأسرة.. أمانة فى عنق الزوجين
-
د. الشرقاوى: تشديد العقوبات يحد من انتشارها فى المجتمع
«سلبيات (التيك توك).. تنال أسرار البيوت»، هكذا يحذر علماء الدين والمتخصصون، من خطورة تفشى جائحة يومية تقتحم الجدران العامة والخاصة للأسرة، وتتمثل فى سلبيات تطبيق «التيك توك»، الذى أتاح لمستخدميه صناعة مقاطع الفيديو المختلفة، ونشرها عبر شبكة الإنترنت، حتى إن البيوت لم تعد لها أسرار، فكل شىء صار اليوم -من قبل البعض- مباحا ومتاحا، ونشر كل شىء داخل البيت، أصبح أمرا طبيعيا، بحثاً عن الشهرة والمال، من خلال طرق غير لائقة، مع أن المحافظة على استقرار الأسرة أمانة فى رقبة الزوجين، وفق العلماء الذين يطالبون أيضا بتشديد العقوبات على المخالفين للحد من انتشار سلبيات ذلك التطبيق.
د. خالد عمران، مدير المركز الإعلامى بدار الإفتاء المصرية، يقول: إن حفظ العرض أحد مقاصد الشريعة الإسلامية، وهو ما يتطلب أن يصون الإنسان خصوصية بيته وأسرته، دون أن ينشرها على العامة، لأن الأسرة حصن الإنسان، وما يحدث من سلبيات عبر تطبيق «التيك توك»، وغيره من وسائل التواصل الاجتماعى، من إفشاء أسرار الزوجية، وتصوير وعرض ما يحدث فى البيوت، هو سلوك محرم دينيا، لأن الإنسان يفضح أمر نفسه، خاصة إذا تعلق الأمر بالحياة الزوجية، التى خصوصيتها شىء مقدس، مرجعا أسباب تفشى هذه الظاهرة، إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا»، مع سبل تيسير النشر لكل أحد بطريقة أو بأخرى، فى ظل غياب الوعى اللازم للتعامل معها.

د. خالد عمران
خطوة عملية
فى مواجهة هذه الظاهرة، يقول د.عمران: أسست دار الإفتاء المصرية، منذ عامين - فى خطوة عملية هى الأولى من نوعها، لم تقم بها أى مؤسسة دينية أخرى- صفحة لها على «التيك توك»، تضم فتاوى وتوجيهات العلماء حول الأسئلة اليومية التى تدور فى ذهن الشباب، من أجل نشر مزيد من الوعى تجاه القضايا المختلفة التى تواجهنا فى الحياة، وبفضل الله تحقق نسبة مشاهدة عالية، ولها تأثير إيجابى كبير.
ويشدد على أن الحفاظ على الأسرة، هو أمانة فى عنق ورقبة الزوجين، وفقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين أوصى فى الحديث: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وعليه فإن أهم ضابط ينبغى على الأزواج اتباعه للتعامل مع «التيك توك»، هو إتقان القيم، ومراعاة الضمير، ووضع مصلحة الأسرة نصب أعينهم.

د. فتحى الشرقاوى
ارتباك اجتماعى
وترى الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أن هناك حالة من الارتباك الاجتماعى لتفسير ما هو خاص، وما هو عام، إذ إن مواقع «التواصل الاجتماعى» دخلت حياة الناس فجأة كزائر، فتعامل معها الجميع باعتبارها صديقا مألوفا، ووجد البعض فيها ضالته لملء فراغه، وكأنيس لوحدته، والبعض الآخر ذهب يبحث عن الشهرة والتربح، وهكذا نواجه يومياً سيلا من الكتابات، والقصص، والبرامج التليفزيونية، ومقاطع الفيديو «اليوتيوبات» التى أصابت الكثيرين بالبلبلة فى الفكر حول ما ينبغى كشفه، وما ينبغى ستره، وهو ما دفع الغرب لعمل فرع جديد فى علم الاجتماع هو «علم الاجتماع الآلي»، أو علم اجتماع الانترنت، بهدف دراسة مواقع التواصل، وما لها من تداعيات على الأحداث الاجتماعية لفئات عمرية مختلفة، وكذلك تأثيرها على الفرد، والمجتمع.
وتتابع: يخاطب «التيك توك» النزعات الضعيفة فى النفس البشرية، ويبحث من يقدمونه فى المقام الأول -قبل التربح- عن أن يكونوا محط أنظار الجميع، أياً ما كانت وسيلتهم لتحقيق الهدف، علماً بأن هناك آباء فخورين بدورهم التربوى والتعليمى مع أولادهم، ويقومون بعرضه من خلال «التيك توك» باعتباره إنجازا حققوه فى حياتهم، وكذلك هناك أمهات يستعرضن مهارتهن فى الطهو، أو دورهن فى التحضير لأفراح أولادهن، أو ما شابه ذلك، دون السعى للربح بقدر السعى لنيل التقدير من المشاهدين، وهنا ندرك أن «التيك توك» حمال أوجه، باختلاف وعى الفرد إذ يمكنه استخدامه فى الخير أو الشر. وتؤكد أن التوعية مطلوبة لأفراد الأسرة لمواجهة سلبيات «التيك توك»، موضحة أن تلك التوعية تنطلق من المدارس، إذ إن الأطفال مشغولون بتحصيل المناهج أكثر من التربية والأخلاق، كما أن علماء الدين عليهم مسئولية كبيرة للارتقاء بسلوك الفرد والمجتمع، ولا شك أن الإعلام هو أسرع وسيلة للتوعية بكيفية دخول هذا العالم الافتراضى دون ضرر أو وقوع فريسة إنجازات وهمية يضعها مأزومون نفسيا لتحطيم بيوت عامرة.

الدكتورة هدى زكريا
إهدار القيم
ويشير الدكتور فتحى الشرقاوى، أستاذ علم النفس ونائب رئيس جامعة عين شمس الأسبق، إلى أن سلبيات «التيك توك» ترجع إلى سهولة الحصول على المال الوفير دون أدنى بذل للجهد، فى وقت اشتدت فيه الضغوط المادية، إلى جانب ضعف الوازع الدينى، والانفلات الأخلاقى، مما دفع الكثير من مستخدمى تلك الوسائل إلى إهدار قيمهم الشخصية، وكذلك القيم المجتمعية، مما ييسر الانزلاق إلى الانفلات الأخلاقى، الذى أصاب بعض أفراد الأسرة، والدليل على ذلك أن الكثير من الأبناء يمارسون هذه التجارة المربحة دون علم الآباء والأمهات، مؤكدا أن حب الظهور والامتنان بصورة الذات، ورغبة هؤلاء الأفراد فى الشهرة، وتضخم «الأنا» لديهم مرتفع، مما يدفعهم لعمل أى شيء، حتى لو كان مخالفاً لفطرتهم كآباء وأمهات، بغرض الشهرة، وتصدر «التريند»، وجنى المال.
والأمر هكذا، يطالب بتشديد العقوبات على الذين يقترفون جريمة نشر كل ما قد يكون ضد قيم المجتمع وتقاليده وأعرافه، حتى لا يكونوا أسوة فى إفساد غيرهم، أو تشجيعهم على تلك الأفعال، لأن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، خاصة أن بعض مستخدمى «التيك توك» مهووسون بمرض الشهرة، ومما يزيد من إقدامهم على تلك الوسائل المتابعة المحمومة من المتابعين لهم، وقد يكونون مضطربين أخلاقيا، وبالتالى تخرج موضوعاتهم التى يقدمونها -بحكم غرابتها- عما هو مألوف مجتمعيا، وإلا ما نالت كل هذه الشهرة.
رابط دائم: