رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«فريق التدخل السريع».. طوق النجاة لحالات المواطنين«بلا مأوى»

تحقيق ريهـام رجب رانيـا صول
تعامل فورى مع الحالات لإنقاذها من ظروفها الصعبة

  • «التضامن»: آلية بمنظومة توفير حماية مستدامة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية
  • خبراء الطب النفسى: الأطفال المشردون فريسة سهلة للبلطجية والخارجين على القانون
  • علماء الاجتماع : أعضاء الفريق دورهم مهم ويجب دعمهم جماهيريا وإعلاميا

 

 

تجدهم فى الشوارع وإشارات المرور أو تحت الكبارى وبجوار مقالب القمامة، يعيشون فى ظروف مزرية يواجهون فيها مخاطر صحية ونفسية ومجتمعية عديدة، إنهم الفئات المشردة سواء من الأطفال أو الشباب وكبار السن أيضا، الذين ألقت بهم الظروف الاجتماعية فى الطريق ضحايا وفريسة سهلة أمام استغلال البلطجية والخارجين على القانون، إضافة لتعرضهم لكل أشكال الإهمال النفسى والصحى.

فى السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة المشردين بشكل لافت للنظر، مما استدعى ضرورة تدخل الدولة، بإطلاق فريق التدخل السريع التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، الذى تم إنشاؤه عام ٢٠١٤ للتعامل مع مشكلات دور الرعاية المجتمعية والتعامل مع الأطفال بلا مأوى والمسنين.

نجح الفريق منذ إنشائه فى إنقاذ العشرات من المشردين والأطفال بلا مأوى، وبذل جهودا كبيرة للتعامل مع تلك الظاهرة، وأصبح يشكل الملجأ الأول لدى حالات التشرد والجهة المنوط بها التدخل والتعامل معها، خاصة أن منها بعض الحالات المصابة بمشكلات نفسية وعصبية إثر المخاطر التى يتعرضون إليها فى الشوارع، مما يستدعى تدخل الفريق للعمل تحت إشراف خبراء نفسيين لانتشال تلك الحالات ووضع برامج خاصة لإعادة تهيئتهم للتعامل من جديد من المجتمع.


توفير الحياة الآمنة للمشردين هدف مجتمعى وحكومى

فى البداية يقول الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، إن ظاهرة المهمشين من أهم الظواهر الاجتماعية التى يعانى منها المجتمع المصرى، سواء كانوا من قاطنى العشوائيات أو سكان المقابر أو بأشكال أخرى كثيرة تتمثل فيها هذه الطبقة، التى تعوق التنمية فى المجتمع، وتهدد أمنه وسلامة أفراده، ولكن تبقى مشكلة الأطفال بلا مأوى على رأس ظاهرة المهمشين، وقد اتخذت الدولة خطوات إيجابية حيث أطلقت منذ عام ٢٠٠٤ مبادرة لضمهم فى المؤسسات وبعض الأسر، لا سيما أن هذا الهدف استغرق كثيرا من الوقت والجهد حتى دخل حيز التنفيذ، بداية من حصر الأطفال بلا مأوى الذين بلغ عددهم عام ٢٠١٤ نحو١٦ألفا، وقد عملت الدولة على توفير مؤسسات رعاية لهم أو أسر بديلة حتى يندمجوا فيها، وكان لابد أن تخضع هذه الأسر والمؤسسات لمعايير معينة سواء معايير جودة دور الرعاية الاجتماعية فى المؤسسات أو الأسر من سكن ملائم، بالإضافة إلى أن يكون مستوى العائل الاقتصادى جيدا، حتى لا يستغل الطفل فى التشغيل، أو أن تكون الأسرة البديلة فى حاجة إلى أن تؤوى طفلا بالفعل، وهكذا إلى آخر المعايير التى حددتها الدولة من سكن مناسب والإقرار بتعليم الطفل ورعايته رعاية كاملة وغيرها.

أضاف الدكتور وليد هندى: "لقد نفذت خطة دمج أطفال بلا مأوى على مستوى 10 محافظات كانت الأعلى كثافة من حيث تجمع أطفال مجهولى النسب ومشردين ومتسولين بلا مأوى، وقد وجدنا أن ظاهرة المشردين وأطفال الشوارع هى نتاج عدة ظواهر أخرى، مثل التفكك الأسرى والعنف والبطالة والتسرب التعليمى وتسول الأطفال ومجهولى النسب".

تجفيف المنابع

يضيف هندى، أنه للقضاء على هذه الظاهرة كان لابد أن نجفف منابعها، ونعمل على التصدى لجميع الظواهر السابقة الذكر، مشيرا إلى أنه عند فحص حالات الأطفال بلا مأوى وجدت عندهم مشاكل صحية كثيرة، معظمهم مصاب بفيروس «سى»، والجرب والديدان المعدية «الإنكلوستوما» والكبد الوبائى والأنيميا الحادة وضعف النظر، بالإضافة إلى شتى أنواع الاستغلال الذى يتعرض له هؤلاء الأطفال، بما فيها الاستغلال الجنسى، كما رأينا منذ نحو خمسة عشر عاما فى حادث التوربينى الشهير الذى اغتصب ما يقرب من "مائة" طفل، فكان يتم استغلالهم جنسيا ويتم هتك عرضهم، منهم من يحمل سفاحا ومنهم من يلقى حتفه نتيجة هذا الاعتداء أو فى أثناء الولادة، بالإضافة إلى عمالة الأطفال التى تعد أحد أشكال الاستغلال لهؤلاء المساكين، لنجد البعض يستغلهم فى عمليات التسول وبيع بعض المنتجات المتواضعة كالبخور والمناديل فى إشارات المرور، علاوة على الاستغلال الذى يتمثل فى استخدامهم فى توزيع المواد المخدرة أو السلاح أو أى من الأنشطة غير القانونية، وكذلك الاستغلال الجسدى الذى يتمثل فى استخدامهم كقطع غيار بشرية فى عمليات تجارة الأعضاء.

ويستطرد أن هؤلاء الأطفال معرضون للهجرة غير المشروعة، سواء كان من خلال البيع والشراء كسوق النخاسة داخل مصر أو إرسالهم إلى أى دولة على مراكب الموت، بالإضافة إلى تعرضهم للإيذاء الجسدى وحدوث إعاقات جسمية، وأن بعض العصابات المقننة تفعل ذلك بحيث يستدر الطفل عطف الناس ويستعطفهم، وينجح فى عملية التسول وانتزاع الصدقة منهم، كما أن معظمهم يكون عرضة لإدمان المخدرات، لاسيما الأنواع الرديئة كشم الكلة والبنزين والكحول، وقد رأيت ذلك رأى العين.

وأشار هندى إلى أن ظاهرة الإنجاب المبكر لأطفال مصيرهم الشوارع، هى إحدى الآثار المترتبة على انتشار ظاهرة المشردين أو الأطفال بلا مأوى، وبالتالى ظهور جيل من الأطفال مجهولى النسب.

الملاحقة القانونية

ونوه د.وليد هندى إلى أن الملاحقة القانونية المستمرة لهم من الأجهزة الأمنية، هى إحدى المشكلات التى يعانيها الأطفال بلا مأوى، فدائما ما تلاحقهم شرطة الرعاية، ويترتب على ذلك بعض المشكلات النفسية مثل الخوف من القبض عليهم وارتفاع معدل القلق وشعور الطفل بأنه مستهدف، وهذه تعد مشكلة نفسية كبيرة بالنسبة له، وكذلك الميل لارتكاب الجرائم مثل السرقة والشعور بالدونية وانخفاض مفهومه نحو ذاته والشعور بالنبذ والإهانة المستمرة، كل ذلك يجعل هؤلاء الأطفال قنابل موقوتة تمثل خطورة على الشارع المصرى، ولكن مع الاندماج فى الخطة التى وضعتها الدولة لحماية هؤلاء المشردين يحدث العكس فنجدهم وقد أصبح لديهم شعور بالكفاءة النفسية وارتفاع جودة الحياة واستمتاعهم بالصحة العامة وسلامة البدن وتعافى الحواس، مشيرا إلى استكمال تعليمهم أو تعلمهم حرفة ومن ثم السير فى منظومة الحياة فيرتفع لدى الطفل مفهومه نحو ذاته ويكون عنده استقلاله المادى فلن يصبح تابعا لأحد بعد استكمال تعليمه أو تعلمه حرفة واكتشاف المواهب لدى بعض الأطفال، وتوفير الأمن النفسى لهم، مما يشبع عندهم الحاجة للانتماء وهى من أهم ما يفتقده هؤلاء الاطفال.


د. نادية مصطفى - د. وليد هندى

حياة كريمة

ويرى هندى أن برنامج "أطفال بلا مأوى"، يوفر حياة كريمة، وهو بالفعل لبنة فى بناء إنسان سوى ليصبح عضوا فعالا فى المجتمع مع مجموعة لم يقدم لها أحد يد العون من قبل لأنه لم يحصل منها على أى مكتسبات، فهؤلاء لن يصوتوا فى الانتخابات أو يستغلوا فى الهتافات لفئة دون أخرى، فكان يتم تجاهلهم فى الفترات السابقة، والآن ولأول مرة الدولة تمد لهم يد العون فى خطوة تعبر عن إرادة سياسية حقيقية لتخفيف العبء على المواطنين، لا سيما المهمشين والحرص على العيش فى حياة كريمة.

حماية مستدامة

يؤكد محمد يوسف، رئيس فريق التدخل السريع، أن الفريق هو آلية من آليات وزارة التضامن الاجتماعى لتوفير منظومة حماية مستدامة فى مؤسسات الرعاية الاجتماعية والتدخل الفورى تجاه المخالفات والانتهاكات بتلك المؤسسات، ويضم الفريق مجموعة من الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين من العاملين بالوزارة، مهمتهم التدخل العاجل حال حدوث أى أخطاء أو الإبلاغ عن أى تجاوزات من خلال الخط الساخن أو وسائل الإعلام المختلفة.

وأوضح يوسف أن اختصاصات الفريق اتسعت لتشمل التعامل مع حالات المواطنين بلا مأوى من خلال تقديم المساعدات الفورية، ونقلهم إلى دور الرعاية الاجتماعية لتلقى جميع أوجه الرعاية اللازمة أو نقلهم إلى المستشفى لإجراء التدخلات الطبية اللازمة والمناسبة للحالة، أو تقديم مساعدات عاجلة لهم عند رفضهم الانتقال لدور الرعاية (بطانية، وجبة غذائية ساخنة)، خاصة فى فصل الشتاء، ودعم الحالات الإنسانية الحرجة التى يتم تكليف الفريق بالتعامل معها.

أشار إلى أن الفريق يتلقى البلاغات من مصادر متعددة بعضها بتكليفات وزيرة التضامن الاجتماعى أو المستشار الإعلامى وإدارة العلاقات العامة بالوزارة، بالإضافة إلى البلاغات الواردة من بعض الجهات السيادية كرئاسة الجمهورية والرقابة الإدارية ورئاسة مجلس الوزراء ومكتب النائب العام، وتكليفات رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير المشرف العام على الفريق، ومنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة التى تحول البلاغات الواردة إليها عبر الخط الساخن (16528)، والخط الساخن للوزارة (16439).

ولفت إلى أن الفريق يرصد ما يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة عن طريق أخصائيى إدارة مواقع التواصل الاجتماعى بالوزارة، مشيرا إلى أن الفريق تعامل منذ إنشائه إلى الآن مع 21980 شكوى وبلاغا فى المحاور الثلاثة التى يعمل بها، وفى 2022 تعامل مع 1200 بلاغ تم إيداع 324 حالة بدور الرعاية المختلفة، و164 بمستشفيات وزارة الصحة لتقديم الخدمات الطبية اللازمة، كما تم تقديم مساعدات لـ 264 أسرة وحالة.

وأشار رئيس الفريق إلى أن أبرز الحالات التى يتعامل معها الفريق مواطنون بلا مأوى من كبار السن سواء كانوا رجالا أو نساء، ويلتقى بهم لإقناعهم بالانتقال إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية حماية لهم، وتلقى جميع أوجه الرعاية الاجتماعية.

وأكد أن وزارة التضامن الاجتماعى تحرص على توفير كل احتياجات الفرق على مستوى الجمهورية، وكذلك التنسيق مع الجهات المختلفة لإزالة أى عقبة تحول دون القيام بدوره المنوط به، لافتا إلى أن هناك العديد من الحالات التى تعامل معها فريق الإنقاذ التابع للوزارة، وتقديم الدعم لهم حتى عادوا لممارسة حياتهم الطبيعية مرة أخرى.

المستفيدون

تحدث رئيس الفريق عن بعض الحالات المستفيدة من التدخل السريع ومنهم أحمد . ن، الذى كان يعمل سائق معدات ثقيلة ولكنه ترك منزله نتيجة مشكلات بينه وبين زوجته وأبنائه، وبعد أن ساءت حالته النفسية فضل البقاء بالشارع، وقد نقله فريق الإنقاذ إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية، التى قامت بتأهيله نفسيا واجتماعيا، بعدها مارس حياته بشكل طبيعى، وساعدته المؤسسة على تجديد رخصة قيادته، وعمل سائقا بنفس المؤسسة، وبعد 4 أشهر كان قد حصل على فرصة عمل بمكان آخر وترك المؤسسة واستقل بذاته.

أما حالة السيدة "زينب"، فقد عثر عليها بأحد جراچات منطقة شبرا الخيمة، وبعد تلقينا بلاغا عن حالتها، توجه إليها الفريق على الفور ونقلها إلى مستشفى نظرا لسوء حالتها الصحية، وبعد تلقيها العلاج المناسب، تم إيداعها فى إحدى دور الرعاية الاجتماعية، وبعد نشر الفريق لصورتها ضمن بعض الحالات الأخرى التى تعامل معها الفريق، تعرف أبناؤها عليها وحضروا إلى الدار، وتبين أنها متغيبة عن المنزل منذ 8 أشهر، وأنهم يبحثون عنها، وقد تسلموها بعد تعهدهم بحسن رعايتها.

وأيضا حالة عم حسن الذى يعمل طاهيا، وقد أصبح بلا مأوى نتيجة مشكلات أسرية، وتوجه الفريق إلى مكان وجوده، وقام الفريق بإقناعه بتقديم الدعم له، وبعد موافقته تم إيداعه بدار "معانا لإنقاذ انسان"، وقد قامت الدار بتأهيله نفسياً واجتماعياً، ثم عينته طاهيا بها، واستمر بالدار حتى انتقل للعمل بأحد الأماكن الأخرى.

أما السيدة "عفاف"، فقد عثر عليها الفريق فى منطقة عين شمس، وهى فى العقد الرابع من عمرها، وكانت حالتها الصحية متدهورة، وتبين من دراسة الحالة أن زوجها تعدى عليها بالضرب وطردها نتيجة خلافات بينهما، ونظرا لسوء حالتها نقلت إلى المستشفى، وأجريت لها بعض العمليات الجراحية، وتماثلت للشفاء ثم تم ايداعها بإحدى دور الرعاية الاجتماعية، وبعد إجراء التدخلات النفسية والاجتماعية تم التواصل مع أسرتها، وقد حضروا إلى الدار وتسلموها.

نتائج إيجابية

من جانبه أشاد الدكتور وليد رشاد، أستاذ مساعد علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، بدور فريق الإنقاذ مع حالات أطفال وكبار بلا مأوى، حيث يتعامل مباشرة لإنقاذ هذه الحالات بإحدى محافظات القناة، حيث كان يجرى مشروعا بحثيا عن أطفال وأسر بلا مأوى، وقد كان أعضاء الفريق يتعاملون مع الحالات بشكل احترافى ويأتون بنتائج إيجابية معهم، فقد قامت الوزارة بتدريبهم بشكل جيد حتى أصبحوا يجيدون التعامل مع مثل هذه الحالات.

ويرى د رشاد، أن القضاء على ظاهرة أطفال وكبار بلا مأوى موضوع فى غاية الاهمية، ويجب العمل للقضاء عليها من خلال زيادة عدد أعضاء فريق الانقاذ بجميع المحافظات، حيث إن هؤلاء الشباب لهم سياسات خاصة تمكنهم من التعامل مع هذه الأسر بشكل جيد، وكذلك الأمر مع أطفال الشوارع، فإن عضو الفريق يستطيع استيعاب الكبار والصغار لاكتسابهم مهارات التعامل مع هذه الحالات، ويجب توفير الإمكانات اللازمة التى تيسر على أعضاء الفريق أداء مهمتهم على أكمل وجه وتجعلهم يستطيعون تقديم الدعم لأكبر عدد من هذه الفئة.

ويوضح د. رشاد أهمية دور فريق الإنقاذ فى عمل توصيف هذه الحالات، فمن خلالهم نستطيع معرفة عدد الحالات والأوضاع والظروف الخاصة بكل حالة لأنه تعامل مع الحالة بشكل مباشر من خلال وجوده فى الشارع، ثم يأتى التدخل بعد التوصيف الذى يسهم بشكل كبير فى تقديم الدعم المناسب حسب احتياج كل حالة بطرق وإستراتيجيات مدربين عليها، ومن ثم تأهيل هذه الحالات للعودة للحياة الطبيعية والانخراط فى المجتمع مرة أخرى.

وشدد على أهمية الدور الإيجابى لأفراد المجتمع وتقديم الدعم لفرق الانقاذ، من خلال الإبلاغ عن حالات المشردين بلا مأوى، وكذلك التعامل معهم بشكل لائق وتقديم الدعم المناسب لحين وصول فريق الإنقاذ، مشيرا إلى أن دور المواطنين يجب أن يكون داعما، وأن يكون المواطنون على قدر من الثقافة التى تؤهلهم للتعامل مع هذه الحالات وتقديم يد العون، وأيضا ثقافة التعامل مع فرق الإنقاذ أو أى شخص بالعمل العام، يقوم بعمل خيرى ويساعد الفئات الضعيفة أو المحرومة، فهؤلاء لا يستطيعون العمل بمفردهم.

وأكد أهمية دور الإعلام لتوعية المواطنين فى القضاء على ظاهرة اطفال وكبار بلا مأوى، وتوجيههم نحو ما يضمن نفعهم وفائدتهم، فقد أشارت الدراسات إلى أن هناك ارتباطا وثيقا بين المحتوى الذى تقدمه وسائل الإعلام والصحة النفسية والجسدية لأفراد المجتمع وارتباطها بطبيعة حياته ونمطها، ويؤثر الإعلام تأثيرا واسعا على أفعال الفرد ومعتقداته بما يقدمه من مضامين تؤثر على نظرة الفرد لنفسه وللمجتمع الذى يعيش فيه، ويساعد الإعلام على بناء وإصلاح المجتمع من خلال المضامين التى يقدمها التى تسهم فى تعديل اتجاهات الأفراد وقيمهم، وترسيخ المشاعر الايجابية.

الظروف

الدكتورة نادية مصطفى، استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى، أكدت أنه يجب أولا معرفة الظروف الاجتماعية والنفسية للأطفال المشردين والفئات بلا مأوى والوقوف على الأسباب الواقعية التى أدت إلى تشريدهم، سواء من فقد عائلة أو الأطفال الذين يتم طردهم لأسباب اجتماعية أو مادية، أو من يتعرض للإصابة بأمراض نفسية أو عقلية، سواء من كبار السن أو الشباب الذين يصابون بالإدمان وغيرهم الكثير من الحالات والفئات التى تندرج تحت مسمى المشردين وأطفال الشوارع، ويجب الوصول للمعلومات الشاملة حول تفاصيل تلك الحالات، ليتسنى لفريق التدخل السريع التعامل الأمثل معها، وتقديم الدعم اللازم لها، خاصة أن أعداد تلك الفئات المشردة أصبحت كبيرة جدا.

قالت إن هناك فئات من الأطفال المشردين بالفعل تحتاج لتدخل سريع لإنقاذهم وانتشالهم من أهوال ومخاطر الشوارع والحياة غير الآمنة، منهم من يستغل للتسول بتوجيه من بعض البلطجية وتجدهم ينتشرون فى إشارات المرور والشوارع والميادين الرئيسية ومحطات المترو وغيرها، لذا يجب على الدولة التعامل مع تلك الظاهرة التى ينتج عنها جيل من البلطجية والخارجين عن القانون.

أضافت أن دور الدولة تجاه المشردين يكمن فى حصر تلك الفئات من خلال فريق التدخل السريع ووضعهم فى مصحات نفسية، فمنهم من تعرض للاعتداء أو التعذيب، لذا يجب أولا العمل على تهيئتهم نفسيا وذهنيا ليصبحوا من جديد مواطنين أسوياء قادرين على العمل وخدمة المجتمع.

وأوضحت أن هناك دورا أيضا على المواطنين بالتعامل الإيجابى مع تلك الظاهرة والإبلاغ الفورى عن أى حالات لأطفال مشردين، وذلك من خلال الأرقام المخصصة من وزارة التضامن، مع أهمية أن تراعى الدولة هذا العمل الإنسانى وتلقى اتصالات المواطنين دون تحميلهم مسئوليات قانونية تتسبب فى عزوفهم عن الإبلاغ عن تلك الحالات.

وطالبت الدولة بإطلاق حملات لتوعية الأسر بأهمية الرعاية النفسية السليمة للأطفال والنشء، وكيفية التعامل مع الأزمات النفسية وحماية الأطفال فى حالة انفصال الأسر أو تعرضها لأزمات تؤثر عليهم، بدلا من تركهم ضحية للشوارع تلتهم طفولتهم وتتسبب فى انحراف سلوكياتهم.

وأشادت بدور فريق التدخل السريع الذى يبذل مجهودات كبيرة لانتشال المشردين وأطفال الشوارع، وطالبت بمزيد من الدعم لهذا الفريق للقيام بدوره المهم على أكمل وجه مع أهمية توعية المواطنين ومساعدة هذا الفريق بكل ما يمكن لحماية أطفالنا للحد من تلك الظاهرة التى تسبب خطرا كبيرا على المجتمع.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق