لعب استكشاف الفضاء دورا حاسما فى تطور البشرية وتقدمها، وسط تساؤلات حول ما إذا كان الفضاء «الملاذ الأنسب»، ولعله قد يكون «الأخير» للفرار من أزمة المناخ. فهل يمكن حقا لعلوم الفضاء أن تساعد فى مكافحة تغير المناخ؟، وكيف؟
فبعد إطلاق القمر الصناعى «نيمبوس 3» التابع لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» عام 1969، وهو أول قمر صناعى كان يوفر قياسًا دقيقًا لدرجات حرارة الغلاف الجوى للأرض، وبعد التقدم المذهل الذى أحرزته البشرية فى علوم الفضاء، أصبحت الأقمار الصناعية اليوم قادرة على إجراء قياسات أكثر تعقيدًا، حيث تقوم شبكة واسعة من هذه الأقمار بجمع بيانات حول مناخ الأرض وحرارة السطح والمحيطات والغلاف الجوي، وهو ما يساعد أيضا على فهم تغير المناخ وتعديله، حتى بات هذا التطور أمرا حيويا بالنسبة لعلماء المناخ لرصد الاحتباس الحرارى، ومراقبة حرائق الغابات، بل ومقياس مدى التلوث، الذى يصيب النباتات واكتشاف العديد من الأمراض. وقد أكد موقع «ديلون تايلور» الأمريكى أن مواجهة التغيرات المناخية على رأس التحديات الأساسية لعلوم الفضاء. ففى بريطانيا، على سبيل المثال، ذكر مركز أبحاث المملكة المتحدة للبحوث والابتكار، على موقعه الإلكترونى، أن العلماء البريطانيين فى معمل «رال» نجحوا فى استخدام الأقمار الصناعية فى رصد حرائق الغابات فى الفترة من 2019 إلى 2020 فى شرق أستراليا، وتتبع آثارالغازات السامة، بالإضافة إلى مكافحة الحرائق.
وفى تقرير منفصل لهيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي»، تم الكشف عن خطة للحصول على الطاقة الشمسية من الفضاء وإرسالها إلى الأرض لتوليد الكهرباء، باستخدام موجات كهرومغناطيسية شديدة الدقة، على أن يتم تحويل الطاقة الشمسية التى تجمعها الأقمار الصناعية إلى موجات عالية التردد. وتُبث إلى جهاز استقبال هوائى مُعالج على الأرض. ورغم الشكوك، التى يمكن أن تراود المرء فى إمكان تحقيق هذه الخطة، إلا أنه من الناحية النظرية، يمكن أن تزود تلك الأقمار الصناعية العالم بأسره بكامل الطاقة التى يحتاجها فى عام 2050.
وفى الولايات المتحدة، يعمل مختبر أبحاث القوات الجوية «إيه إف آر إل» على بعض التقنيات المهمة اللازمة لمثل هذا النظام، فى مشروع يعرف باسم الأبحاث والتوضيحات التدريجية للطاقة الشمسية الفضائية. وتشمل التقنيات التى يعمل عليها المشروع، تحسين كفاءات الخلايا الشمسية، وتقليل التقلبات الكبيرة فى درجات الحرارة على مكونات المركبات الفضائية، وإنشاء تصميمات للهياكل القابلة للنشر فى الفضاء.
كما كشف تقرير لموقع «ناتو ريفيو» أن الأقمار الصناعية تمد حلفاء حلف شمال الأطلنطى «الناتو» ببيانات «لا تقدر بثمن» حول مناخ الأرض وأنماط الطقس، لفهم صورة أفضل للمناخ المتغير بشكل عام ومراقبة المخاطر الطبيعية المختلفة عن كثب، مثل الانهيارات الأرضية والفيضانات وحرائق الغابات الكبيرة. وتُستخدم بيانات الأقمار الصناعية أيضًا للتنبؤ بالمخاطر المناخية المستقبلية وتأثيراتها.
فيبدو أن الفضاء هو «مصباح علاء الدين» السحرى، الذى قد يحمل الحل لأزمة المناخ.
رابط دائم: