هى ابنة المحلة التى اشتغلت أسرتها بصناعة النسيج، فشبت محبة للخيوط وللنسيج ولمفردات التراث الغالية. هى الدكتورة نوال المسيرى التى رصدت جانبا من حياتها وأصدرت عدة أبحاث وكتبا فى مجال الموروثات الثقافى، مع منحها اهتماما خاصا بمهارات وفنون «التلى» المصرى. تترأس الدكتورة نوال المسيرى مؤسسة النديم لتوثيق التراث ونشره.
كتاب المسيرى الرائد فى فن التلى
سألتها «الأهرام» عن الجدل الذى تفجر عن مصير «التلى» المصرى فى أعقاب نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة فى إدراج «التلى» الإماراتى بقائمة التراث غير مادى والتابعة لليونسكو، فأجابت بدهشة ممزوجة بالرغبة فى التوضيح: «الثقافات الإنسانية متداخلة وخطوط التماس بينها متعددة. فإدراج التلى الإماراتى لا يشكل أى عائق بالنسبة للتلى المصرى. فالتلى المصرى عنصر ثقافى مستقل وله سمات مميزة فريدة لا يمكن تكرارها».
وعن هذه السمات المميزة للتلى المصرى، توضح الدكتورة نوال صاحبة كتاب «التلى: توثيق فن تقليدى مصرى وتنمية» الصادر باللغتين العربية والإنجليزية، أن « التلى يعد انعكاسا لثقافة مجتمعه المحلى والتطورات التى طرأت على مدار تاريخه. فـ ( موتيفات) أو الأشكال الرائجة فى تطريز التلى المحلى تقارب الستين شكلا وتوثق لعناصر من الحقب الثقافية المختلفة فى تاريخ المصريين، اعتبارا من الحقبة الفرعونية بأشكالها الشهيرة ومرورا بالحقبة القبطية والإسلامية. حتى أن أشكال التلى توثق لكثير من المتغيرات الاجتماعية التى عايشتها المجتمعات المحلية المصنعة للتلى كما فى سوهاج وأسيوط».
وتضرب الدكتورة نوال مثالا بشكل أو « موتيفة» « الكهارب»، وتشرح قائلة: « شكل ( الكهارب) جاء كانعكاس لتأثر فنان التلى المصرى بدخول الكهرباء إلى القرى فى النصف الأول من القرن العشرين، وانتشار أعمدة الإنارة بين شوارع ومنازل قريته. فكان هذا الشكل الجديد. كما تأثر الفنان الفطرى فى صياغة قطع التلى بدخول عنصر (السيراميك) لأول مرة إلى الحمامات فى منزله البسيط، فكان شكلا جديدا مبتكر أطلق عليه ( بلاط الحمام)». وهكذا فإن «التلى» المصرى وفقا لتوضيحات دكتورة نوال المسيرى، التى تعاونت مع المجلس القومى للمرأة عام 2004 فى توثيق وإحياء هذا الفن الغالى، يعد سجلا صادقا لتاريخ وتطور الشخصية المصرية وحياتها، ما يضمن له التفرد والبقاء. وترى الدكتورة نوال إمكانية توثيق التلى المصرى على المستوى العالمى وعبر قائمة « اليونسكو»، مشددة فى الوقت ذاته على ضرورة الاهتمام بهذا الفن ومحترفيه محليا. فتشير إلى واحدة من أهم العقبات التى تواجه فنانى «التلى» فى ضوء التطورات الاقتصادية العالمية مؤخرا، فالحرفة الرقيقة تعتمد على استيراد خيوط « معدنية» دقيقة الصنع من الهند تحديدا، ما يجعلها رهنا بارتفاع الأسعار والصعوبات التى تواجه بعض أنشطة الاستيراد، خاصة أن خيوط « التلى» ليست بالسلعة التى تحظى بمعدلات طلب واسعة إلا من فئة محدودة من محترفى هذا الفن.
رابط دائم: